كانت تركيا ترى نفسها خلال السنوات السابقة أنّها هي الدولة الوحيدة القادرة على تغيير النظام السوري. لهذا السبب، يرى خبراء أنّه يتعين على تركيا توخي الحذر في كيفية تعاملها مع سوريا. واستخدام الأساليب الاستراتيجية لإقناع الحكومة السورية بطريقة تجعلها تفكر مليًا في أفعالها وتحالفها مع روسيا.

موقف تركيا من التحدث مع الأسد

لم تكن تركيا قط دولة تشارك في أي عملية دبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد. ظهرت أنباء حول استعدادهم لبدء مفاوضات مع الأسد في الماضي القريب، لكن لم يتم تأكيدها من كلا البلدين بشكل رسمي مطلقًا.

وفيما يخص العلاقات السورية التركية، فلطالما تمسكت تركيا بموقف حازم من عزل الأسد وعدم التحدث معه. يرى الخبير في العلاقات الروسية – العربية، فهيم الصوراني، أنّ اللقاء وطابعه أمني بين الجانبين السوري والتركي. وهذا يعني أنه في نوعا ما محاولة التوصل إلى تفاهمات وبالحد الأدنى حول بعض الملفات الجزئية بين الجانبين للتوصل إلى تفاهمات بخصوصها.

ويضيف الصوراني، أنّ تواجد القوات التركية على الأراضي السورية، نقطة مهمة على ضوء أنّ الأزمة السورية عمليا لم يبق أي ملف فيها إلا حسم. باستثناء طبعا الخلاف والنزاع الموجود مع تركيا بخصوص تواجدها العسكري هناك. مشيرا إلى أن الانسحاب التركي لا بد أن يتضمنه تفاهم مع السوريين بخصوص الإدارة الذاتية. فهذه المحادثات قد تكون مقدمة لنوع من التفاهم بين الأتراك والسوريين.

ومن جهته اعتبر أحد المنسقين الداخليين للجيش الوطني المدعوم من أنقرة، أنّ الحكومة التركية لا تزال تعتبر الأسد مجرما وإرهابيا يجب أن يعاقب على جرائمه ضد الإنسانية. فهم يحاولون عدم الدخول في أي عملية دبلوماسية رسمية معه، لأنهم لا يريدون إضفاء الشرعية على نظامه، حسب تعبيره.

وأشار المنسق الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ”الحل نت”، إلى أنّ الدولة التركية تعتقد أن سياسة العزل هذه أثبتت أنها إيجابية لمصالح تركيا الأمنية في سوريا. لهذا السبب كانت تركيا مصرة على عدم الانخراط في أي عملية دبلوماسية مع الأسد منذ عام 2011. على الرغم من الدعوات العديدة من الدوائر الدولية للقيام بذلك.

اقرأ المزيد: هل تتجه دمشق لتفعيل اتفاقية أضنة مع تركيا؟

هل لدى تركيا خيارات أخرى غير التحدث مع دمشق؟

التحدث إلى الأسد حديث الشارع السوري اليوم. ولا سيما في المناطق التي لدى أنقرة سلطة عليها في شمال غربي سوريا. فالكثير كانوا يعتقدون أن تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على تغيير النظام في سوريا بمفردها. وعلى هذا النحو، لم يتم الأخذ في الاعتبار جميع جوانب السياسة الخارجية – وليس فقط قوتها العسكرية – عند التفكير في كيفية مقاربة سوريا والاستراتيجية التي ستستخدمها.

https://twitter.com/kuwarimud/status/1467774688806207495?s=20

وهنا، يقول الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات، الدكتور كرم الشعار، إنه من الصعب فهم الحديث عن المفاوضات الجارية بين دمشق وأنقرة. وعموماً فإن الحديث عن تطبيق اتفاقية أضنة هو ليس فقط يعني خاضع لتوافق تركي روسي سوري. وإنما لتوافق أميركي أيضا. 

وهذا يؤكده، إقرار الكونجرس الأميركي، في الجمعة الفائت، بمشروع قانون الإنفاق الدفاعي مواصلة دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد). إذ يصرح قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) لعام 2022، القسم 4301، وزارة الدفاع (DOD) بإنفاق 177 مليون دولار في تمويل التدريب والتجهيز لعمليات مكافحة داعش خلال السنة المالية 2022. 

وستدعم هذه الأموال عمل قوات سوريا الديمقراطية المستمر لتعطيل أنشطة تنظيم داعش. وحماية العالم من “الإرهاب الإسلامي المتطرف”، حسب وصف البيان.

اقرأ أيضا: مسار سلام في سوريا وتركيا برعاية واشنطن

روسيا هي المقصود بالمحادثات الجارية

نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن الرائد حيدرة جواد، المشارك بالمفاوضات بين أنقرة ودمشق، أن «أهم نقاط التفاوض هي منطقة شرق الفرات. والوجود العسكري التركي، ومناطق سيطرة كل من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والتحالف الدولي بقيادة أميركا». معتبراً، إن «هناك تقدما في المفاوضات ونأمل أن نتوصل إلى حل لهذه الأزمة».

وطبقاً لرؤية الصوراني، فإن هذه اللقاءات هي نتيجة الظروف القاهرة للأتراك، بحيث أنهم يتخذون خطوات مستعجلة حول تواجدهم في شمال سوريا. مضيفاً، أنّ أنقرة استوعبت نهاية تواجدها في الملف السوري وأنّ تدخلها مجرد لإطالة الأزمة وحالياً لا تؤثر على الدولة السورية.

وهذه الرؤية لا يؤيدها منسق الجيش الوطني. فحسب الحديث الذي خص به “الحل نت”، فإنّ المحادثات مع دمشق، هي محاولة لوقف النفوذ الروسي من الانتشار إلى الحدود التركية السورية. وذلك بعد التدخل الروسي الأخير في شمال وشرق البلاد. فأنقرة تحتاج إلى إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.

وأوضح المصدر، أنّ توترت العلاقات التركية الروسية منذ فترة وعدم اكتراث الروس بشأن مخاوف أنقرة التي تحدثت بها بصوت عالٍ في الآونة الأخيرة، مما زاد من توتر العلاقة. ألزم الأتراك في تغيير سياسيتهم تجاه سوريا جذرياً.

لطالما كانت تركيا لاعبًا في السياسة الدولية، لكنها الآن لاعب رئيس لجميع البلدان في سوريا بسبب علاقتها بإيران. ولهذا السبب، يرى الجيش الوطني يجب على تركيا توخي الحذر عند التحدث مع الأسد. لأنه سيشعر بالتهديد إذا شعر أن الروس لا يؤخذون على محمل الجد.

قد يهمك: معركة تركيا شرقي الفرات: هل تتخلى أنقرة عن إدلب مقابل مكاسب ضد “قسد”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة