الصدر والقوى الموالية لإيران: هل تنجح الميلشيات الولائية بإرهاب حلفاء التيار الصدري؟

الصدر والقوى الموالية لإيران: هل تنجح الميلشيات الولائية بإرهاب حلفاء التيار الصدري؟

تثير العلاقة بين الصدر والقوى الموالية لإيران كثيراً من التساؤلات في الفترة الأخيرة. فبعد شدّ وجذب، وصراعات مختلفة، وتظاهرات طويلة، عقد البرلمان العراقي أولى جلساته، وانتخب هيئة رئاسة جديدة لمجلس النواب.

الجلسة الأولى اعتبرت انتكاسة للقوى والأحزاب والفصائل الموالية لطهران. فقد أسفرت عن انتخاب “محمد الحلبوسي” رئيساً للبرلمان العراقي. وكلٍ من “حاكم الزاملي” و”شاخوان عبد الله” نائبين له. وهذه الشخصيات تمثّل التحالف الثلاثي غير المعلن بين التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، وحزب “تقدم” برئاسة محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

فكيف سيكون رد الفعل على تلك الانتكاسة؟ وما تأثيرها على العلاقة بين الصدر والقوى الموالية لإيران.

التوتر بين الصدر والقوى الموالية لإيران قد يؤدي إلى اللجوء للسلاح

ورغم انسحاب قوى “الإطار التنسيقي”، الذي يضمّ الأحزاب والفصائل الموالية لإيران من جلسة البرلمان الأولى. إلا أن ذلك الانسحاب لم يؤثر على سير الجلسة، التي تم فيها التصويت على هيئة الرئاسة بالأغلبية المطلقة.

المراقبون للمشهد السياسي في العراق اعتبروا مجريات جلسة البرلمان الأولى بمثابة استمرار توالي الخسائر لأنصار ومؤيدي إيران وحلفائها. فقد كشفت مدى القوة التي يمتلكها التحالف الثلاثي بين الصدر والحلبوسي وبارزاني. محذرين من أن توتر العلاقة بين الصدر والقوى الموالية لإيران قد يؤدي إلى استخدام الأخيرة السلاح المنفلت عن سلطة الدولة.  

المحلل السياسي “أحمد الأنصاري” لا يستبعد أن «تلجأ تلك القوى للتصعيد المسلّح. فهي مستعدة لضرب الأمن والاستقرار. مقابل عدم خسارتها لمكاسبها وامتيازاتها الحالية». حسب تعبيره

مضيفاً في حديثه لـ«الحل نت»: «قد تقوم تلك الأطراف باستخدام سلاحها المنفلت، عبر الميليشيات التي تمتلكها، واستخدام سياسة التهديد والوعيد. فهي لن تقبل الأمر الواقع، الذي فرضته نتائج الانتخابات، بسهولة».

وأسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن فوز الكتلة الصدرية، بزعامة مقتدى الصدر، بثلاثة وسبعين مقعداً. فيما حصل حزب “تقدم”، برئاسة محمد الحلبوسي، على سبعة وثلاثين مقعداً. والحزب الديمقراطي الكردستاني على واحد وثلاثين مقعداً.

ومُنيت القوى الموالية لإيران، وأبرزها “تحالف الفتح”، الذي يضم الفصائل المسلّحة، بخسارة فادحة. بعد حصولها على سبعة عشر مقعداً فقط. ورغم سعيها لتغيير نتائج الانتخابات، عن طريف دفع مناصريها للتظاهر لأسابيع طويلة، إلا أنها لم تستطع تحقيق هدفها.

«الصدر لا يتلقّى تعليماته من أحد»

إلا أن العلاقة بين الصدر والقوى الموالية لإيران تثير التساؤلات حول موقف الصدر من طهران بشكل عام. خاصةً أن رجل الدين الشيعي اعتاد الوقوف على الحياد، في القضايا التي تخصّ إيران وسياستها في العراق.

“رياض المسعودي”، النائب عن الكتلة الصدرية، يؤكد أن «الصدر شخصية عراقية. تهمها مصلحة البلد أولاً. وليس بعيداً أو مقرّباً من طرف معين أو دولة بعينها. ولا يتلقى التعليمات من أحد. كما هو الحال مع بقية الزعامات».

ويتابع في حديثه لموقع «الحل نت»: «إيران دولة جارة، لها شريط حدودي طويل ومصالح مختلفة مع العراق. نريد إقامة علاقات حسن جوار معها، وضمان احترامها لسيادة العراق. ويهمنا أن نبني علاقاتنا معها بما يتوافق مع مصلحة البلد. كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأميركية».

وكان مقتدى الصدر قد غرّد على حسابه في موقع “تويتر”، بأنه يسعى لـ«حكومة أغلبية وطنية، لا شرقية ولا غربية». في إشارة إلى أن الحكومة  لن تكون موالية لأميركا أو إيران.

رد فعل طهران والقوى الموالية لها

وشهدت الأيام الماضية تصعيداً غير مسبوق، تمثّل باستهداف المنطقة الخضراء المحصّنة في العاصمة العراقية بغداد، التي تضم مقرات السفارات والحكومة والبرلمان. كما تم استهداف مقرات الأحزاب السنية والكردية المتحالفة مع الصدر، ومنها حزب “تقدّم” بزعامة محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني. ويربط كثير من المتابعين تلك الهجمات بتوتر العلاقة بين الصدر والقوى الموالية لإيران.  

فقد اتهمت أوساط سياسية مختلفة الميلشيات الولائية بالوقوف وراء الحوادث الأخيرة. في محاولة لإيصال رسالة. مفادها أن إبعادها عن المشهد السياسي العراقي لن يمرّ مرور الكرام.

وتقول مصادر سياسية إن «الميليشيات الموالية لإيران قامت باستهداف الأحزاب المتحالفة مع الصدر، من أجل تهديدها وجعلها تتراجع عن حكومة الأغلبية، التي تقصي قوى “الإطار التنسيقي” عن المشهد».

وبيّنت المصادر، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «طهران بدت غاضبة من تحالف الأحزاب الكردية والسنية مع الصدر. ومحاولتها شق الصف الشيعي. لذلك لجأ أنصارها لإضعاف الصدر، عبر تهديد حلفائه وإرعابهم. ومحاولة إبعاده عنهم».

كما تشير إلى أن «طهران أوصلت رسالة إلى مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، عبّرت فيها عن امتعاضها الشديد مما قام به في الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، من تحالف مع الصدر. والوقوف مع طرف شيعي ضد آخر».

وقدمت الكتلة الصدرية طلباً لهيئة رئاسة البرلمان الجديدة، يضم تواقيع ستة وسبعين نائباً، لتسجيلها الكتلة الأكبر في مجلس النوّاب العراقي. وبذلك تضمن تكليفها بتشكيل الحكومة.

مقالات قد تهمك: التحالفات السياسية للصدر: ما نوع السلطة التي سيشكلها الصدريون وسط الصراع الطائفي؟

وتنصّ المادة 76 من الدستور العراقي على أن يكلف رئيس الجمهورية المنتخب مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة. خلال فترة أقصاها ثلاثين يوماً.

ويرى المتابعون والمختصون في الملف العراقي أن التوتر بين الصدر والقوى الموالية لإيران سيجعل العراق يشهد أياماً عصيبة. في حال لم يتوصّل الصدر لاتفاق مع قادة الميلشيات على شكل الحكومة المقبلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.