يُعد التسعير الباهظ والتعسفي لسيارات الأجرة في سوريا مشكلة قديمة جديدة في نقل السوريين الذين يتحملون دائما ضريبتها، فضلا عن المعاناة من أزمات المواصلات الخانقة، والناجمة عن نقص الوقود ونقص وسائل المواصلات العامة، وتدهور الحالة الفنية لمركبات النقل الجماعي.

ثقافة العدّاد انتهت!

رغم إعلان محافظة دمشق، في 14 من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، عن التعرفة الجديدة لعدادات سيارات الأجرة في دمشق بزيادة وصلت إلى 54.4 بالمئة، حيث ستضاف وفق التعرفة الجديدة 100 ليرة سورية إلى الأجرة في حال أظهرت شاشة عداد “التاكسي” رقما يتراوح بين 50 و200 ليرة، بينما ستضاف 200 ليرة في حال كان الرقم بين 215 و350 ليرة، و300 ليرة للرقم بين 365 و500 ليرة. إلا أن ذلك لا يطبق على أرض الواقع.

ويصف السوريون العثور على وسائل نقل آمنة بأنه أمر كارثي، معتبرين أنهم يجدون أنفسهم تحت رحمة سائقي سيارات الأجرة الذين رفعوا أسعارهم بشكل غير قانوني، دون رادع من قبل حكومة تائهة. حيث تفاقمت صعوبات التنقل في المدن بسبب عدد من العوامل، أبرزها سيطرة شركات النقل المحلية على عدد الحافلات، واكتظاظ المواصلات العامة بسبب التدفق المفاجئ للناس إلى المناطق الحضرية، وارتفاع تكلفة الوقود.

يقول عبد الله شيخة، لـ”الحل نت”، إنه قبل الصعود إلى سيارة الأجرة، يجب أن توافق مسبقا على المبلغ الذي يقترحه السائق، بغض النظر إذا اختلف الرقم عن العداد. 

تتراوح حاليا تكلفة النقل بين أحياء دمشق ما بين 6 و10 آلاف ليرة سورية، رغم أن فتح العداد أصبح بـ75 ليرة سورية، وسعر الكيلومتر الواحد 115 ليرة سورية، والساعة الزمنية بألفي ليرة.

وأوضح شيخة، الذي يعمل في طلاء المنازل، أن  تنقله داخل المدينة أصبح المعضلة الأكبر. وهذا أدى إلى نزول المواطنين عند رغبة أو مزاجية أصحاب التكاسي. بسبب الازدحام الشديد في دمشق، والذي وصل إلى مستويات لا تطاق نتيجة نقص المواصلات العامة. “أنا مضطر لاستئجار سيارة أجرة في أيام معينة”.

ويضيف شيخة “اليوم لا توجد سيارة واحدة تتبنى عدّاد التعرفة المثبت في كل سيارة. والجميع يعرف بما في ذلك شرطة المرور التي لا توقف سائق واحد للاستعلام عما إذا كان يشغل العداد أم لا. ويتجنب الناس الشكوى بسبب الوقت والنفقات لمراجعة فروع الشرطة، ومآلات القضية التي يمكن إغلاقها برشوة من قبل السائق”.

للقراءة أو الاستماع: “مزاجية المصلّح” تحدد تسعيرة إصلاح السيارات في سوريا

باصات الغلابة والتوك توك 

ونظرا لأن سيارات الأجرة لا تخضع للتنظيم، يقول بعض المدنيين إنهم ينفقون غالبية أجورهم في العمل كل يوم على وسائل النقل. لكن السائقين يدافعون عن أنفسهم بأن ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف التشغيل الأخرى يستلزم رفعهم للأسعار.

هذه المشكلة المستمرة دون تدخل حكومي، أجبرت أحد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة نوى غربي درعا، على تصنيع مركبة محلية أطلق عليها أهالي المدينة بـ”ترام” نوى.

وصاحب هذه العربة التي تظهر صورتها كأنها قطار صغير، باتت أعجوبة لدى الأهالي. وأصبح أغلب الناس يستقلونها بسبب سرعتها في التوصيل. وقلة التعرفة التي يطلبها صاحب المركبة، فهي لا تتعدى 50 ليرة على الراكب.

تعمل هذه المركبة على مادة المازوت، وتتجول في جميع شوارع المدينة بخط سير واحد. ويرتادها أغلب السكان عند مرورها. فبحسب غازي أبو السل، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن مدة تجولها في كامل المدينة لا يستغرق نصف ساعة.

وأما في دير الزور، وفي مبادرة من نوع مواز، لتيسير نقل طلاب الجامعات في ظل أزمة الوقود المستمرة. أطلقت المهندسة دعاء إبراهيم، من سكان مدينة دير الزور، مشروعها الخاص بتشغيل عربة “توك توك” ذات عجلات ثلاث تعمل بالكهرباء كخدمة نقل بالأجرة في المدينة.

ووجدت الشابة في مشروع الـ “توك توك” حلا لمشكلتها الشخصية مع فرص العمل، ووسيلة نقل بديلة لطلاب الجامعات. وفرصة لتقليص اعتماد السوريين في المدينة على وسائل النقل التي تعمل بالمشتقات النفطية. وفق ما نقلت تقارير صحفية.

وحول مشروعها أوضحت المهندسة: “الفكرة جاءتني من معاناة الطلاب والشريحة المحيطة بي كلها من الطلاب. المواصلات غالية علينا، لا نستطيع الذهاب إلى الجامعة. إذا كل يوم استأجرنا سيارة تكسي بـ 2000 أو 2500 ليرة سورية سيكون غاليا جدا علينا. أما عبر التوك توك بـ 500 ليرة هو مبلغ أظنه مناسب للطالب”.

للقراءة أو الاستماع: سيارات الشحن تتوقف عن العمل في سوريا.. هل تتضاعف أسعار المواد قريباً؟

توصيل بسيارات القمامة

مشاكل المواصلات لم تنقطع في سوريا على مدى السنوات السابقة.ففي مشهد غير مألوف، ظهرت صور من العاصمة دمشق، لطلاب مدارس يتعلقون بسيارة نقل القمامة للوصول إلى وجهتهم.

وعطفا على ذلك، ذكر العديد من الأهالي لـ(الحل نت)، أن صعوبة تأمين وسيلة نقل بسبب أزمة المحروقات، دفع طلاب المدارس في سوريا لاستغلال مثل هذه الوسيلة غير المؤمنة.

ويعاني السوريين من أزمة ارتفاع نفقات النقل، وسط زيادات متواترة على أسعار المحروقات التي ارتفعت أخيرا بنسبة 100 بالمئة، وقارب سعر صفيحة البنزين الحد الأدنى للأجور.

الانهيار الاقتصادي أسدل ثقله على المواطنين، وأصبح يهدد فرص آلاف الطلاب في سوريا بمتابعة تعليمهم. في حين تشير الدراسات إلى أن 30 بالمئة (بين 6 و17 عاما) لم يدخلوا المدرسة قط بسبب أزمة المواصلات في المدينة.

للقراءة أو الاستماع: زيادة الغرامات على السيارات القديمة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.