يتسبب انقطاع المياه في المدن السورية خلال الفترة الماضية، بحرمان ما يقدر بنحو 5.5 مليون شخص من المياه الصالحة للشرب، ما قد يزيد من مخاطر إصابتهم بالأمراض المنقولة عن طريق المياه. فيما بات حديثا الاستحمام في دمشق وريفها حلما للعائلات غير المقتدرة ماديا، فلا استحمام داخل البيوت إلا بعد شراء المياه.

جرمانا مثالا؟

في فصل الشتاء، يتحول تدفق بضعة لترات من المياه عبر صنابير المنزل إلى خيال، ويصبح الحمام الساخن من الرفاهية لدى العديد من السوريين، ففي مدينة جرمانا بريف دمشق ينتظر السكان معجزة عندما يقضون أيامهم بانقطاع الكهرباء وتوقف مضخات المياه عن العمل، فتبقى المنازل بدون ماء أو كهرباء أو وقود.

اشتكى العديد من أهالي المدينة على منصات التواصل الاجتماعي، من أن مضخات المياه في الأبنية وفي أزقة وشوارع المدينة لا تستطيع الحصول إلا على القليل من حظها من الكهرباء والمياه، بسبب الوقت الذي لا يتجاوز 45 دقيقة في فترتين من السابعة صباحا حتى الواحدة ليلا، بينما التغذية الليلية غائبة عن المدينة في ظل تقنين المياه.

ويمثل ارتفاع الأسعار العقبة الكبرى للأهالي، فسعر برميل ماء الغسيل في المدينة وصل إلى أكثر من 5000 ليرة سورية للبرميل. ما يجعل ملء خزان ببرميلين ونصف برميل يكلف 15 ألف ليرة سورية. رغم أن أي أسرة مكونة من خمسة أفراد تحتاج إلى ملء خزان مياه المنزل كل يومين في الحالة العادية. 

وفي ظل هذه الظروف، ستحتاج الأسرة إلى خزان كل خمسة أيام. وهو ما سيكلف 60 ألف ليرة سورية شهريا، فقط كتكلفة مياه للاغتسال والغسيل.

في حين استهجن الأهالي عند مشاهدتهم موظفي دائرة المياه بالمدينة يطرقون المنازل لجمع الأموال مقابل استخدام العدادات. محذرين السكان من أنهم إذا لم يدفعوا فسيتم تفكيك عدادات المياه ومصادرتها. 

للقراءة أو الاستماع: آخر القرارات الحكومية: رفع أسعار عدادات الكهرباء 4 أضعاف

الكهرباء هي المتهم

وكالعادة لا يوجد لدى المسؤولين في الحكومة السورية تبرير سوى اختلاق الأعذار أو التهرب من القضية ورميها على مؤسسة أخرى.

حيث قال معاون مدير عام مياه دمشق وريفها، عمر درويش، لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، إن الأمر خارج إرادة وحدة مياه المدينة، والمدينة ليس لديها مشاكل في تغذية المياه. وأنها في حالة ممتازة وتعمل بشكل صحيح؛ غير أن المدينة تأثرت بنقص التيار الكهربائي الذي لا يستمر أكثر من 45 دقيقة كل خمس ساعات. فضلا عن انقطاع وعدم استقرار للإمداد ليلا، لذا فإن المشكلة في الكهرباء وليس في أي مكان آخر.

ويرى درويش، بأن الحلول جميعها لدى الكهرباء فاستقرار التغذية الليلية وعدم انقطاعها، وزيادة ساعات التغذية الكهربائية خلال النهار هي الحل.

من جهته، قال مدير وحدة المياه بجرمانا، طلال بركات، إن هناك اتفاق ضمني في اجتماع رسمي مع الكهرباء للحفاظ على التغذية الليلية من الواحدة حتى السابعة صباحا، حتى يتمكن المشاركون في كل مجموعة من تعبئة الماء. ومع ذلك، لا يوجد التزام من الكهرباء بالتغذية الليلية.

للقراءة أو الاستماع: مقترحات متعددة للتخلص من الأزمة الاقتصادية في سوريا.. كيف ستنجح؟

بسبب المياه “حياة في دمشق لا تطاق”

يصف أهالي ريف دمشق، في حديثهم لـ”الحل نت”، أنه عندما انقطعت المياه عن مدينة دمشق هذا الشتاء، اضطرت العائلات إلى تقنين وإعادة استخدام أكبر قدر ممكن من المورد الثمين. وساءت ظروفهم المعيشية عندما فاض نظام الصرف الصحي داخل منازلهم. 

ويروي وسيم دحان، أن حياتهم أصبحت لا تطاق، بعد أن تم قطع المياه عن دمشق والمناطق المحيطة بها في منتصف كانون الثاني/يناير الجاري، في أعقاب انقطاع الكهرباء. بسبب التقنين بات ما يقدر بنحو 5.5 مليون شخص دون الحصول على المياه الصالحة للشرب. مما زاد من خطر الإصابة بالأمراض التي تنقلها المياه.

ويقع منزل دحان في حي القدم أحد أفقر الأحياء التاريخية في دمشق، وقد تأثر بشدة جراء هطول الأمطار خلال فصل الشتاء. وما زاد الطين بلة، أن نظام الصرف الصحي الرئيسي، وهو قديم وسيء الصيانة، انسد وامتلأ بالأوساخ.

وأدى الصراع الدائر في سوريا إلى تدمير واسع النطاق لمنشآت المياه في جميع أنحاء البلاد. حيث يمثل الوصول إلى مياه الشرب تحديا يؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا. التي أصبحت الآن تعاني من شح مياه شرب فأصبحت نسبتها أقل من 40 بالمئة عما كانت عليه قبل عقد من الزمن.

بسبب ترابط الأنظمة المحلية التي تقدم الخدمات الأساسية مثل الوصول إلى المياه والكهرباء والرعاية الصحية. فإن أي فشل في منطقة ما يؤثر على باقي الخدمات، فبدون الكهرباء، لا يتم الوصول إلى المياه وتتأثر المرافق الصحية سلبا. إذ تعتمد جميع البنية التحتية العاملة لإمدادات المياه على الكهرباء. في حين أن قدرة توليد الطاقة داخل البلاد تصل بنسبة 60 بالمئة إلى 70 بالمئة.

قد يهمك: تحديد أسعار المواد الغذائية في سوريا.. أرخص من السوق السوداء؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.