في محاولة لمواءمة رؤية جديدة مع قبول العالم المتزايد للرئيس السوري بشار الأسد، أصدرت ندوة “سوريا إلى أين؟” 17 توصية في ختام أعمالها أمس الأحد بالدوحة، كما أكدت على مجموعة من المبادئ التي يجب العمل بموجبها جميع أطراف قوى المعارضة السورية.

واقع المعارضة السورية

عقب تلاوة التوصيات من رئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب، تحول التركيز إلى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”. لا سيما وأن الأبناء أكدت تخوّفه من الندوة منذ لحظة الإعلان عنها. خاصة أنها تسعى إلى إجراء سلسلة من تعديلات لأجسام المعارضة.

والجدير ذكره، أن الائتلاف سعى في وقت سابق، إلى سلسلة تعديلات على نظامه الداخلي، في سياق عملية وصفها بالإصلاح. حيث تباينت الآراء بشأن توقيتها وأهدافها، ومدى إمكانية أن تسفر عن استعادة الائتلاف ثقة الشارع السوري المعارض.

وتعليقا على مخرجات الندوة، قال عضو اللجنة الدستورية السورية، الدبلوماسي السابق، بشار حاج علي، لـ”الحل نت”، إنه “على أعتاب العقد الثاني للثورة السورية مازال السوريون يغرقون بالتوسع في الأفكار النظرية. وكأننا ولدنا من فراغ وليس من حضارة عريقة عمرها آلاف السنين”.

وأضاف الحاج علي، “برأيي لو سألت أي مواطن سوري في أي ضفة يقيم تراه لا يختلف رأيه عن هذه الصفحات الثلاث” -في إشارة إلى صفحات مخرجات الندوة التي نشرتها الصفحة الرسمية لها-. مبينا أن ما ينتظره الجميع هو الوصول للحل السياسي أو السلمي أو الإنساني. أي في مجالين اثنين وهما الآمان و توفير مستلزمات العيش.

وأشار الحاج علي، إلى أنه إذا ما أخذ العاملين في السياسة من جانب المعارضة. والجهود التي تتمحور حول الإصلاح، فإن كل جهد لا ينتج إصلاحا يعتبر ضياع للوقت وهذه الأجسام (الائتلاف وهيئة التفاوض) تتداخل الإرادة الدولية مع نفوذ أشخاص فيها، “بمعنى أن الإصلاح مطلب صعب المنال”.

أما بخصوص المطلب الثاني، بتفعيل الدعم الدولي لتطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة خاصة 2118 و2254. فيرى الحاج علي أن هذا بحاجة لنشاط على الساحة الدولية ودعم دولي قوي. وهذا لا يتوفر حيث الأجسام المعارضة بحاجة للإصلاح. مضيفا “وأشك بقدرتها على ذلك، وتبني دول لذلك لا يبدو أن سيحدث في الأفق”.

ويعتقد الدبلوماسي السابق، أن ندوة يجب أن تكون لدراسة طرح المبعوث الأممي حول سياسة خطوة بخطوة. ودراسة حالة المناطق خارج سيطرة الحكومة السورية وحاجاتها وتوحيدها. وتوحيد الفصائل المسلحة والكثير للإصلاح، وليس فقط سقف الخطاب السياسي دون قيادة واحدة.

للقراءة أو الاستماع: كيف حولت تركيا مؤتمر رياض حجاب إلى ندوة؟

مخرجات مكررة

قبيل عقد الندوة، أعلنت اللجنة المنظمة لها أن “هذا الحدث يتزامن مع الجهود الحثيثة التي يبذلها النظام وحلفاؤه لإعادة تأهيل بشار الأسد. الأمر الذي يستدعي النظر في سبل معالجة أوضاع البلاد وسبل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”. وقالت اللجنة أيضا إن المؤتمر يحاول معالجة وإنقاذ الانتقال السياسي في سوريا.

وهنا يقول المحلل السياسي، درويش خليفة، إن الكلام الذي صدر في الندوة أو التوصيات كلام عام ومكرر. “هذا الكلام سمعناه كثيرا خلال السنوات العشر الماضية”، فالكل يطالب بالقرارات الدولية وكل ما نتج عن مؤتمرات المعارضة واللقاءات والورشات التي حصلت. تكلمت بنفس الإطار وبنفس السياق الذي ينادي بسوريا ضمن حدودها السياسية. 

وأضاف خليفة، أن الجميع ينادي بدولة عصرية لا مركزية، وبالحريات وبالديمقراطية. ولكن “على أرض الواقع لا نرى أي تصرفات توحي وتشير للتوصيات التي خرجت. على الأقل بما أنها توصيات خرجت عن المعارضة السورية كان يفترض أن المعارضة هي بممارساتها توحي للناس بأنها ذاهبة باتجاه الديمقراطية”.

كما أوضح خليفة، أن الحياة السياسية لدى المعارضة السورية معدومة. فلا انتخابات تذكر على مستوى المجالس المحلية الداخلية، ولا يوجد أحزاب فاعلة في مناطق سيطرة المعارضة. وهذا الأمر يعني ينطبق على المناطق الأخرى، فحزب “البعث” مسيطر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. 

للقراءة أو الاستماع: مخاوف إقليمية من انهيار الائتلاف السوري المعارض.. ما علاقة رياض حجاب؟

ندوة حجاب بلا جديد يذكر

ويتصدر الشارع السوري القول بأن مخرجات ندوة الدوحة لم تقدم الأطروحات الجادة في تحقيق نقلة بواقع المعارضة السورية. فيما عدها البعض على أنها محطة فشل جديدة وإعادة لإظهار بعض الشخصيات اللي أثبتت فشلها خلال السنوات السابقة. والتي لم يعد من النفع استمرارها كواجهة سياسية للمعارضة السورية في المحافل الدولية.

وأعاد رئيس الوزراء الأسبق، رياض حجاب، التأكيد على المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها. ورفض كافة دعوات التقسيم، والتمسك بالهوية السورية الوطنية الجامعة. وتأسيس نظام ديمقراطي يقوم على قيم: المواطنة المتساوية والتعددية. واعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة.

كما شددت التوصيات على إعادة هيكلة “مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، وضمان استقلالية قرارها الوطني”. وتثبيت دورها في الإطارين الإقليمي والدولي، عبر استراتيجية وطنية شاملة للتعاطي مع العملية السياسية. وتعزيز العمل المؤسسي على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والتنموية.

ودعت توصيات الندوة إلى “الالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة، بما فيها بيان جنيف (1)، والقرار 2118 وملحقه الثاني، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ابتداءً من القرار 262/67 وما تبعه من قرارات تخص حالة حقوق الإنسان في سورية، وقرار مجلس الأمن 2254”.

وعقدت الندوة على مدار يومين ثماني جلسات، انطلقت السبت الفائت، في الدوحة، بعنوان “سوريا إلى أين”. كان قد دعا إليها رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب. حيث شارك فيها نحو 80 شخصية ممثلين عن بعض مؤسسات المعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني. كما ضمت عدد من الشخصيات السورية المستقلة، بالإضافة إلى ممثلين عن الجالية السورية.

والجدير ذكره، أنه بعد أن استعادت الحكومة السورية السيطرة على جزء كبير من سوريا على مدى السنوات القليلة الماضية، بمساعدة حليفتيها روسيا وإيران. كما بدأ الكثير في المجتمع الدولي مرة أخرى في النظر إلى الأسد باعتباره السلطة الشرعية في البلاد. كما أعادت بعض الدول العربية مؤخرا علاقاتها مع دمشق وحسّنتها. وأبرزها الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والأردن ومصر.

للقراءة أو الاستماع: “تغيير النظام أم إسقاطه“.. ماذا يجري في كواليس الائتلاف السوري المُعارض؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.