ختان الإناث في العراق: هل بدأت الظاهرة بالانحسار داخل إقليم كردستان وخارجه؟

ختان الإناث في العراق: هل بدأت الظاهرة بالانحسار داخل إقليم كردستان وخارجه؟

تعود قضية ختان الإناث في العراق إلى الواجهة، في اليوم العالمي لمواجهة ختان الإناث، الذي يوافق السادس من شباط/فبراير من كل عام. خاصة أن منظمة “وادي”، وهي منظمة ألمانية مدنية، بدأت حملة منذ سنوات عدة للقضاء على الظاهرة في إقليم كردستان العراق. وتحاول تفعيلها في العام الحالي في كل المحافظات العراقية.  

وعلى الرغم من أن كثيرين يعتبرون أن ظاهرة ختان الإناث مقتصرة على شمال العراق، وفي انحسار مستمر هناك، إلا أن عدداً من البيانات والوقائع تشير إلى خطاً هذا الاعتقاد. فما أبعاد الظاهرة فعلاً؟ وما أضرارها الأساسية؟ وموقف القانون العراقي منها؟

هل ختان الإناث في العراق مشكلة كردية فحسب؟

تفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن «عدد النساء اللواتي خضعن للختان في العراق في انخفاض. فهذا التقليد يطال اليوم 37,5 % المئة من المواطنات الكرديات العراقيات، اللواتي تراوح أعمارهن بين خمس عشرة وتسع وأربعين سنة».

متحدث في منظمة “وادي” أكد لـ«لحل نت» أنه «في عام 2021 تعرّضت تسع وعشرون امرأة للختان في منطقة “رانية”. وخمس وثمانون امرأة في أربيل شمالي العراق، من مجموع ألف ومئتين وستين أنثى التقت بهن المنظمة».  

مضيفاً: «تسعى المنظمة لنقل تجربتها في مجال مناهضة ختان الاناث في العراق من اقليم كردستان الى المحافظات العراقية الأخرى، بهدف اجتثاث هذه الظاهرة من المجتمع. وحظرها قانونياً».

وسبق للمنظمة، التي تأسست عام 1992، أن كشفت في تصريح سابق لها أن «دراسة أجرتها الأمم المتحدة، في عام 2011، أشارت الى أن نسبة ختان الإناث في اقليم كردستان العراق تفوق 44% من الإناث. بينما تنخفض في بقية محافظات العراق إلى أقل من 1%. لكنّ هذه الدراسة غير دقيقة. فالأرقام الحقيقية لختان الإناث برزت في إقليم كردستان نتيجة لجهود المنظمة، وعملها المتواصل على هذه القضية. فيما لم تتم إثارة القضية في بقية محافظات العراق. وظلت الأعداد الحقيقية لضحايا لتلك الممارسة طي الكتمان. مع العلم أن ظاهرة ختان الإناث شائعة في بغداد ومحافظة بابل، ومناطق أخرى من العراق».

الآثار الجنسية والصحية والنفسية لختان الإناث

تتردد “شمة”، البالغة من العمر اثنين وأربعين عاماً، في الحديث عن قصة ختانها. وتقول لـ«الحل نت» إنها «قصة غير لطيفة».

“شمة”، التي تنحدر من مدينة “الصقلاوية” في محافظة الأنبار، كانت من ضحايا ختان الإناث في العراق خارج إقليم كردستان. إذ تم ختانها على يد امرأة طاعنة في السن، عندما كانت تبلغ الثالثة من العمر.  

ورغم ترددها في سرد قصة ختانها تتحدث “ِشمة” لموقع «الحل نت» عن «زوجها الذي تركها، وتزوّج امرأة أخرى. وكان يردد على مسامعها أنه لا يشعر شيئاً معها. وأن أحاسيسه المفرطة يقابلها جمود من قبلها». لم تفهم “شمة” المشكلة في بادئ الامر. وعندما عرضت نفسها على طبيبة نسائية أخبرتها أن «ختانها هو المشكلة. ولا يوجد حل لذلك».  

وتواصل “شمة” سرد قصتها بالقول: «جرّبت عدة وصفات لزيادة الشعور خلال العملية الجنسية. إلا انني كنت دائماً لا أشعر بشيء. مما دفعني الى قبول اقتران زوجي بامرأة أخرى. ففي النهاية أمي هي المذنبة بختاني، وليس زوجي».

وإضافة للآثار الجنسية المباشرة لعملية ختان الإناث في العراق، تواجه الضحايا مشكلات صحية عديدة. لأن «آثار الختان الجسدية قد تؤدي لآلام أثناء الدورة الشهرية، والتهابات في المجاري البولية». بحسب الدكتورة “رغد كريم محمود”، الأخصائية النسائية في أربيل. في إفادتها لموقع «الحل نت».

«ضحايا ختان الإناث في العراق بحاجة الى علاج نفسي». بهذه الجملة بدأت الباحثة الاجتماعية “ثائرة العكيلي”، من محافظة السليمانية، حديثها لـ«الحل نت». مضيفةً: «جلسات العلاج النفسي أساس لتجاوز صدمة الختان. خاصة للنساء بين سن العشرين والأربعين عاماً».  

“العكيلي” شددت على ضرورة «تشريع قانون يحدّ من ظاهرة ختان الإناث في العراق أو يقضي عليها تماماً». وتكمن المشكلة، بنظر الباحثة الاجتماعية، في «إقناع النساء، خاصة الكبيرات في السن، بالتخلي عن هذه الممارسة السيئة. وعدم تعريض بناتهن لها. ومعاملة الفتيات غير المختونات باحترام، وعدم اعتبارهن غير عفيفات».  

مقالات قد تهمك: “ختان الإناث”: جريمة ترتكبها العائلة ويتعامى عنها القانون

ما موقف القانون العراقي من ختان الإناث؟

وعلى الرغم من عدم توجه أي من ضحايا ختان الإناث في العراق إلى القضاء، لدعم جهود المنظمات والناشطين في القضاء على هذه الظاهرة، إلا أن «المشرّع العراقي جرّم هذه الممارسة» ، حسب الخبير القانوني “محمد العبيدي”.

“العبيدي” قال لـ«الحل نت» إن «المادة 412 من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 جرّم ختان الإناث. وقد تصل العقوبة الي السجن مدة خمسة عشر عاماً. وتنصّ المادة على أن “من اعتدى عمداً على آخر بالجرح أو بالضرب أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون. قاصداً إحداث عاهة مستديمة به، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة”.  ويتحقق شرط العاهة المستديمة إذا نشأ عن الفعل قطع أو انفصال عضو من اعضاء الجسم أو بتر جزء منه أو فقد منفعته أو نقصها. أو أدى إلى جنون أو عاهة في العقل أو تعطيل إحدى الحواس، تعطيلا كلياً أو جزئياً بصورة دائمة. أو تشويه جسيم لا يرجى زواله، أو خطر على الحياة».

ويرى الخبير القانوني أن ختان الإناث في العراق «تجاوزٌ على حقوق الأنثى، وحرمانها من جزء من أنوثتها. وغالباً ما تنتشر هذه السلوكيات بسبب الجهل أو بعض الاعراف القبلية».

قانون في إقليم كردستان لمواجهة الختان

وأصدرت سلطات إقليم كردستان العراق، عام 2011. قانوناً لمكافحة ختان الإناث. نصّت المادة السادسة منه: «يعاقب بغرامة لا تقلّ عن مليون دينار، ولا تزيد عن خمسة ملايين دينار (بين ألف دولار وخمسة آلاف دولار) كل من حرّض على إجراء عملية ختان لأنثى. ويُعاقَب بالحبس مدة لا تنقص عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنتين، وبغرامة لا تقلّ عن مليون دينار، ولا تزيد عن خمسة ملايين دينار، كل من أجرى وساهم في عملية ختان لأنثى». 

يُضاف لذلك ما أقرّه القانون من «عقاب بالحبس لمدة لا تقل عن سنة واحدة، ولا تزيد عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من أجرى أو ساهم في عملية ختان أنثى قاصر. كما يعد ظرفاً مشدداً للجاني إذا كان  طبيباً أو صيدلياً أو قابلة أو معاوناً طبياً. وعلى المحكمة أن تأمر بمنع مزاولته المهنة لمدة ثلاث سنوات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.