تثير قضية تحركات داعش بعد قرداش، قائد التنظيم المقتول مؤخرا، كثيرا من التكهنات وردود الفعل. فبعد أيام على إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مقتل عبد الله قرداش، في عملية إنزال جوي أميركي بإحدى قرى محافظة إدلب السورية، أكدت الحكومة العراقية، على لسان رئيسها مصطفى الكاظمي أن “مقتل قرداش تثمين للجهود، التي بذلتها القوات الأمنية العراقية، في قتل عشرات من قادة تنظيم داعش”. فيما يؤكد مختصون في الشأن الأمني أن عملية مقتل قرداش لن تمر من دون عمليات ثأرية. سيقوم بها التنظيم المتطرف في أجزاء مختلفة من العراق

السؤال حول تحركات داعش بعد قرداش مرتبطة  كذلك بالتكهنات عن الشخصية التي ستتولى قيادة تنظيم داعش في المرحلة المقبلة. وهل سيؤدي مقتل زعيم التنظيم المتطرف إلى إضعاف قدرته القتالية؟ أم أن داعش لن يتأثر بقتل زعيمه؟

من سيخلف قرداش على زعامة داعش؟

“اختيار عبد الله قرداش زعيما لتنظيم داعش تم بطريقة لي الأذرع من قبل قادة التنظيم التركمان، الذين ينتمون لقضاء تلعفر الواقع غربي محافظة نينوى”، بحسب هاوكار الجاف، الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة.

والذي يضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أنّ “القادة التركمان هددوا سابقاً بالانسحاب من تنظيم داعش. إذا لم يتم اختيار قرداش زعيما للتنظيم. ولكن قرداش أثبت فشله. فلم تدم زعامته أكثر من عام ونصف. وحتى طريقه اختبائه وتنقلاته كانت بدائية ومكشوفة”.

مبيناً أنَّ “أبرز الأسماء المرشحة لخلافة قرداش هي حسام النيساني، وهو من أهالي مدينة سامراء، التابعة لمحافظة صلاح الدين شمالي بغداد، ولقبه السابق أبو مسلم العراقي؛ وكذلك حجي رشيد البغدادي، المرشح بقوة لخلافة قرداش، وهو من أقارب زعيم التنظيم الأسبق أبي بكر البغدادي. ومن أهالي مدينة سامراء أيضا”.

ويشير إلى أن “كل من رشيد البغدادي وحسام النيساني درسا العلوم الشرعية في سجن بوكا، أثناء اعتقالهم خلال أعوام 2006 و2007. كما كانا من المقربين لزعيم التنظيم الأسبق أبو بكر البغدادي. ولديهما شعبية واسعة في صفوف عناصر التنظيم. لذلك من المتوقع أن يلعبا دورا كبيرا في تحركات داعش بعد قرداش”.

وفي نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019 أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مقتل الزعيم الأسبق لتنظيم داعش أبو بكر البغدادي، بضربة جوية في الريف الشمالي لمدينة أدلب السورية.

وخلال الأسابيع الأخيرة تزايد نشاط تنظيم داعش في مناطق مختلفة من العراق، وتحديداً في المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل. وقام التنظيم بأكبر عملية استهدفت الجيش العراقي، في ناحية العظيم بمحافظة ديالى. ويحذر كثيرون من تصاعد تحركات داعش بعد قرداش.

مقالات قد تهمك: اغتيال عبد الله قرداش: هل كانت “تحرير الشام” وتركيا تجهلان وجود زعيم داعش في إدلب؟

كيف يمكن التصدي لنشاط التنظيم؟

اللواء طارق العسل، المحلل والخبير العسكري، يرى أن “مقتل قرداش هو انتصار مهم، لكنه لايعني نهاية تنظيم داعش إطلاقا”.

موضحاً، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “تنظيم داعش هو فكر متطرف، ولايرتبط باسم معين. ولايمكن توقع نهاية التنظيم المتطرف بمقتل زعيمه، وقد شاهدنا كيف استمر داعش بالقيام بعمليات مختلفة. بالرغم من مقتل زعيمه الأسبق البغدادي وكبار قادته. ولذلك فإن تحركات داعش بعد قرداش مستمرة”.

ويشدد العسل على أنه “يجب على القوات الأمنية العراقية، والأجهزة الاستخبارية، أخذ الحيطة والحذر الشديد. خاصة في ظل انتشار عناصر التنظيم في مناطق حمرين وجنوب كركوك وبادية الأنبار، المرتبطة ببادية الشام في سوريا”.

لكنّ الخبير العسكري أشار إلى نقطة أُخرى، وهي أن “التنظيم يجب محاربته إدارياً وفكرياً. من خلال حل الإشكاليات التي تخص مخيم الهول السوري، الذي يحوي آلاف العوائل من النساء والأطفال. وهؤلاء يجب تأهليهم واحتضانهم. فضلاً عن تعويض المتضررين من العمليات العسكرية. وإعطائهم حقوقهم المالية الكاملة. وهذه الأشياء ستساهم بإزالة الحقد، ودعم المواطنين لجهود الدولة في محاربة التطرف. وقد تحد من تحركات داعش بعد قرداش”.

ويضم مخيم الهول، الواقع في الشمال السوري، آلاف العوائل من ذوي تنظيم داعش. نسبة كبيرة منهم من العراقيين، الذين ترفض العشائر المحلية إعادتهم لمناطقهم وقراهم. فيما قامت الحكومة العراقية بنقل مجموعة منهم إلى مخيم الجدعة، الواقع جنوبي مدينة الموصل.

وتسببت العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش بتدمير آلاف من منازل المواطنين، في المحافظات التي كان التنظيم يسيطر عليها، فضلاً عن مقتل عديد من سكانها. وخصصت الحكومة العراقية مبالغ تعويضة للمتضررين من الحرب.

لكن اتهامات توجه للحكومة بالتقصير والفساد. وتأخير إنجاز معاملات المواطنين التعويضية. ما تسبب بعدم عودة كثير من الأهالي لمناطقهم. وهو ما قد يساهم بتصعيد تحركات داعش بعد قرداش، بحسب عديد من المراقبين.

نواب قرداش سيقودون تحركات داعش

مزاحم الحويت، المتحدث باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها، يشير إلى أنّ “داعش اتّخذ تكتيكات جديدة، على أثر مقتل زعيمه الأسبق أبي بكر البغدادي”.

ويؤكد الحويت، في حديثه لموقع الحل نت، أن “داعش لم يتأثر بمقتل زعيمه عبد الله قرداش، كونه كان مجردَ واجهة إعلامية. والتنظيم كان يعمل بتكتيك يعتمد على ثلاثة نواب للزعيم”.

ولفت إلى أن “نواب قرداش كانت لهم الصلاحيات الكاملة، الإدارية والمالية، وبالتالي لن تتوقف تحركات داعش بعد قرداش. وقد يقوم بعمليات ثأر. خاصة على السجون الحكومية التي تضم كبار قادة التنظيم المتطرف” .

مطالبا في نهاية حديثه “القوات الأمنية العراقية وقوات البيشمركة باتخاذ أقصى درجات الحذر خلال الأيام المقبلة. خوفاً من تحركات داعش بعد قرداش، عبر هجمات وشيكة، تكون بمثابة الرد الإعلامي على مقتل زعيم التنظيم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.