ارتفاع أسعار النفط: هل ستقوم الحكومة العراقية بإجراءات تخفف معاناة المواطنين؟

ارتفاع أسعار النفط: هل ستقوم الحكومة العراقية بإجراءات تخفف معاناة المواطنين؟

أدى ارتفاع أسعار النفط إلى جني العراق مبالغ كبيرة من عائداته النفطية. رغم أنه مازال يحتل مراتب متقدمة عالمياً من ناحية الفقر والبطالة. في ظل فشل الحكومات العراقية  المتتالية  في إدارة الملف الاقتصادي، والفساد المستشري في كل مفاصل الدولة. فضلا عن رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهو الأسلوب الذي اعتمدته الحكومة العراقية في بنود الورقة البيضاء “الإصلاحية”، التي طرحتها في محاولة للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي .

والعراق ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، بمتوسط إنتاج أكثر من أربعة ملايين برميل يوميا في الظروف الطبيعية. ويعتمد على إيرادات النفط لتمويل ما يصل إلى 95% من نفقات الدولة.

رفع سعر الدولار لسد العجز المالي

عانى العراق، رغم ثراء موارده النفطية، من أزمات اقتصادية ومالية على مدى عقود. ما اضطر الحكومة العراقية إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية لمعالجة الأزمة المالية، وسد العجز الحاصل في موازناتها. وهكذا حوت “الورقة البيضاء”، التي أقرها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، عدة إجراءات. من بينها خفض قيمة العملة المحلية، بواقع 1450 دينارا للدولار الواحد. بعد ثباتها لسنوات عند عتبة 1200 دينارا للدولار.

تقول الحكومة العراقية إن “السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في الموازنة المالية. بعد انهيار أسعار النفط العالمية إلى أدنى المستويات. على أثر انتشار فيروس كورونا”.

إلا أن الحال لم يبق على ما هو عليه. إذ شهد العالم مؤخرا ارتفاع أسعار النفط. وأعلنت وزارة النفط العراقية عن وصول إيرادات العراق النفطية إلى ثمانية مليارات دولار. بعد ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية لأكثر من تسعين دولارا للبرميل الواحد. فما انعكاسات ارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد العراقي؟ وهل ستستمر الحكومة بإجراءاتها التقشفية؟

الدولار لن يعود لسابق عهده رغم ارتفاع أسعار النفط

المحلل الاقتصادي كوفند شيرواني يؤكد أن “العراق سيتمكن من  إنعاش كثير من المشاريع الاستثمارية المتلكئة، التي تحقق عائدات إضافية للدولة. وتحقق فرص عمل جديدة  للعاطلين عن العمل، الذين زادت نسبتهم في البلاد”.

ويضيف، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “ارتفاع أسعار النفط سيطور اقتصاد البلاد. لكن عودة سعر الدولار لوضعه الطبيعي تعتمد بشكل كبير على الحكومة الجديدة، والإجراءات التي ستتخذها. فهي من سيحدد حجم الأضرار الاقتصادية، وإمكانية إعادة سعر صرف الدولار لوضعه السابق”.

وبحسب رأي الخبير الاقتصادي فإن “الحكومة العراقية حققت مكاسب كبيرة من رفع قيمة الدولار، انعكست على الاحتياطي المالي للبلاد”.

مبينا أنه “حتى إذا فكرت الحكومة العراقية الجديدة بتغيير سعر الصرف،  فسيكون تقليل سعر الدولار محدودا جدا. ومن الصعوبة الرجوع إلى  السعر القديم. لكن من الممكن أن تستثمر الحكومة الزيادة الحاصلةَ في أسعار النفط، من خلال إنشاء مشاريع استثمارية. تنعكس على واقع المواطن، وتخفف البطالة والفقر”.

وأدى رفع سعر الدولار إلى أزمة في الشارع العراقي. فقد ساهم في رفع أسعار المواد الغذائية وانكماش الأسواق. بسبب اعتماد البلاد على البضائع المستوردة بشكل كبير.

وتضمنت الورقة البيضاء، التي طرحتها الحكومة العراقية في مطلع عام 2020، آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي، تشمل مئات الإجراءات، التي تهدف لتحسين الاقتصاد واستغلال موارد البلاد.

ورغم قسوة الورقة على شرائح كبيرة من العراقيين. لا سيما الطبقات ما دون خط الفقر. والموظفين الذين يعتمدون على رواتبهم في تأمين لقمة العيش، فإن مسؤولين حكوميين يرون أن الورقة تمثل برنامجا إصلاحيا يهدف إلى تطوير القطاع الخاص. وتقليل الاعتماد على الدولة. وتحفيز الإنتاج بمختلف القطاعات الحكومية والخاصة. وهذا ما يزيد مبدئيا احتمال استمرار العمل بها خلال الفترة القادمة. رغم ارتفاع أسعار النفط.

البرلمان لن يمرر موازنة على أساس الأسعار القديمة

انتعشت الآمال في أن تخلو الموازنة العامة للعراق لعام 2022 من الاقتراض، بعد ارتفاع أسعار النفط، وتجاوزها حاجز التسعين دولارا للبرميل الواحد. مع توقعات بزيادة الأسعار إلى مئة دولار منتصف العام الحالي.

وفي هذا السياق يشير فراس المسلماوي، النائب في البرلمان العراقي، إلى أن “النواب الجدد لن يسمحوا بتمرير الموازنة المالية  للعام الجاري إلا بعد إجراء تخفيض لسعر صرف الدولار أمام الدينار. لأن تغيير سعر الصرف ورفعه لم يحققا أية جدوى. وساهما في تجويع الشعب”.

موضحا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الموازنة العامة للعام الجاري لن يتم تمريرها داخل البرلمان العراقي. في حال استمرار سعر صرف الدولار على ما هو عليه”.

وأضاف أن “الارتفاع الكبير في سعر الصرف سبب كثيرا من المشاكل والمعاناة للشعب. ولايمكن السماح باستمرار ارتفاعه في موازنة العام الجاري. خصوصا أن تغيير السعر من قبل الحكومة لم يحقق أي جدوى، غير تجويع الشعب العراقي”.

مفسرا ذلك بأن “تغيير سعر الصرف ألحق أضرارا كبيرة بالمواطنين. وخصوصا الطبقة الفقيرة. وبالتالي فإن البرلمان العراقي لن يسمح باستمرار رفع سعر الدولار. وسيكون هناك تحرك من قبل النواب المستقلين لتخفيض سعر الدولار. وعدم تمرير الموازنة وفق الأسعار الحالية”.

مقترحات للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط

ويرى مراقبون ومختصون في الشأن العراقي أن غالبية الأهداف التي حددتها الحكومة العراقية، من خلال خفض قيمة العملة المحلية، لم يتم تحقيقها. فقد فشلت في دعم وتطوير الصناعة المحلية، وتخفيض معدلات التضخم، التي قفزت لأرقام قياسية. ما أثر سلباً على المواطنين.

كما أن الحكومة فشلت في وقف تهريب العملة الصعبة. فقد استمر التهريب بصورة أكبر من السابق. الأمر الذي يحتم على وزارة المالية إعادة سعر الدولار لوضعه السابق، خاصة بعد ارتفاع أسعار النفط. كما يطالب كثيرون.

مقالات قد تهمك: ارتفاع أسعار النفط: هل ستؤدي الوفرة المالية في العراق لحماية نظامه السياسي من الانهيار؟

من جهته اقترح مظهر محمد صالح، وهو المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية، ثلاثة محاور للإفادة من الوفرة المالية، المتحققة من ارتفاع أسعار النفط. منها تخصيص جزء من تلك العائدات لرفع كفاءة تشغيل المشاريع الاستثمارية. والتوجه صوب تفعيل جولات التراخيص الزراعية الكبرى. فضلاً  عن إنشاء صندوق لاستقرار الموازنة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.