لم تمض أيام قليلة على قرار حكومي عراقي، يسمح بتجارة مفتوحة مع دمشق، من خلال زيادة دخول الشاحنات التجارية السورية إلى العراق، حتى توقفت عشرات الشاحنات على الحدود السورية العراقية مجددا بانتظار السماح لها بالدخول.

ونقل موقع “هاشتاغ” المحلي، يوم أمس السبت، عن عضو لجنة تجار ومصدري الفواكه في دمشق، محمد العقاد، إن سبب توقف الشاحنات، هو عدم وجود سيارات عراقية لنقل البضائع السورية، والتي من الممكن أن تحتاج لقرار بالسماح بدخولها.

تراجع في الصادرات

قال العقاد، حسب “هاشتاغ”، إن كميات التصدير تراجعت خلال الفترات الماضية بسبب منافسة الأسواق التركية والمصرية والإيرانية، للعديد من أنواع الخضار والفواكه، بينما تستمر شحنات تصدير الحمضيات حتى الآن، ولكن بكميات قليلة.

ونقل الموقع، عن حسن عجم، عضو مجلس إدارة الاتحاد السوري لشركات الشحن الدولي في سوريا، أن وقف الشاحنات على الحدود السورية – العراقية قرار” كيفي”، من أصحاب الشاحنات، موضحا ان سبب صدور قرار منع دخول الشاحنات السورية إلى العراق، ناتج عن انتشار فيروس “كورونا”، ولكن بعد تخفيف القيود الخاصة بـ “كورونا”، تم إهمال إصدار قرار يسمح بعودة دخول الشاحنات.

وأوضح عجم، ان العديد من سائقي شاحنات التصدير، بانتظار التصديق على قرار لهم يسمح بدخولهم العراق خلال فترة وجيزة جدا، ومؤكدا تراجع حجم التصدير بسبب الأوضاع الاقتصادية والأزمات التي تمر بها سوريا والعديد من الدول المجاورة.
إقرأ:بغداد تسمح بتجارة مفتوحة مع دمشق: ما الأسباب ومن المستفيد؟

التبادل السوري – العراقي يفيد كليهما ويضر بإيران

رئيس اتحاد شركات النقل في سوريا، محمد كيشور، بيّن قبل أيام أن القرار الصادر عن الحكومة العراقية بالسماح بتجارة مفتوحة مع دمشق،  سيسمح بزيادة عدد الشاحنات السورية التي تدخل العراق إلى 100 شاحنة يوميا، بدلا من 15 شاحنة كانت تدخل خلال الفترة الحالية.

فيما قال الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن المشهداني، في حديث سابق لـ”الحل نت” إن الاستيراد العراقي من سوريا ليس حديث العهد، وبدأ منذ التسعينيات عندما كان العراق في حصار اقتصادي، واستمر الاستيراد والتبادل معها حتى دخول “داعش” للبلدين، ثم عاد التبادل الثنائي بعد دحر “داعش” في 2019.

وأوضح المشهداني، لـ”الحل نت”، أن ما حدث هو فقط زيادة لحجم التعاون والاستيراد من دمشق، وسبب ذلك هو سياسة الكاظمي، الذي يرفض أن تكون مصادر استيراد العراق محصورة مع دولة بعينها،

وأن القرار جاء لضرب إيران وتركيا؛ لأنهما يعتبران العراق الرئة الاقتصادية لهما، لذا اتجه الكاظمي لزيادة الاستيراد من سوريا، ليبين لطهران وأنقرة أن بغداد ليست معتمدة على جهة محددة، حيث تمارس كل من أنقرة، وطهران سياسات تجاه العراق تؤثر على اقتصاده، كقطع الغاز المخصص لتوليد الكهرباء من إيران، وقطع مياه الفرات من تركيا.

كما أوضح المشهداني، أن المنتجات الغذائية السورية أكثر جودة من الإيرانية وغيرها، كما أنها أرخص من البقية في السوق العراقية، ما سيجعلها أكثر استهلاكا، وسوريا هي الأكثر استفادة من فتح التجارة مع بغداد؛ لأنها ستحسن من وضعها اقتصاديا، أما العراق، فهو اتخذ هذا القرار لضرب إيران وتركيا سياسيا بصبغة اقتصادية.

الدور الإيراني بوقف الصادرات

عملت إيران منذ العام 2003، على جعل العراق منطقة نفوذ لها من مختلف الجوانب، ومنها الجانب الاقتصادي، حيث عملت منذ ذلك الوقت على جعل العراق سوقا للمنتجات الإيرانية بعد أن كانت محدودة للغاية خلال حكم النظام العراقي السابق.

وخلال السنوات الماضية مرت العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق بمراحل مختلفة، كان أسوأها خلال حكومة الكاظمي، الذي أبدى انفتاحا اقتصاديا كبيرا على الدول العربية، ومن بينها سوريا، وهذا ما أزعج طهران، التي تعتبر كلا من البلدين امتدادا لها من الناحية السياسية والاقتصادية.

وقال الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، اليوم الأحد لموقع “الحل نت”، هناك اعتقاد كبير بأن إيران تقف وراء وقف الصادرات السورية، وتوقف الشاحنات السورية إلى العراق، فازدياد التبادل التجاري بين البلدين ليس في مصلحة طهران، بأي حال من الأحوال.

وأضاف سليمان، تمتلك إيران أوراقا عديدة للضغط في وقف الاستيراد العراقي، من خلال نفوذها داخل حكومة الكاظمي نفسها، كما تملك وبسهولة تعطيل دخول الشاحنات السورية إلى العراق من معبر البوكمال – القائم، من خلال ميليشيات “الحشد الشعبي” العراقية التي تخضع لسيطرة “الحرس الثوري” الإيراني بشكل كبير.

يذكر أن العلاقات الاقتصادية السورية – العراقية عادت من جديد بعد القضاء على تنظيم “داعش”، فيما يبدو أن هذه العلاقات تواجه عوائق مختلفة، أبرزها القرارات العراقية التي تتأثر بالرغبة الإيرانية وإن كانت غير علنية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.