أرقام كبيرة تحصلها مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية نتيجة المخالفات وعمليات الفساد التي تحدث في أروقة المخابز ومحطات الوقود، والتي يعتبر الكثير منها شبه حكومية، مثل المخابز العامة ومحطات الوقود الحكومية. وخلال الأشهر الستة الماضية فقط، تم تنظيم آلاف الضبوط التموينية بمخالفات تتعلق بمادة الخبز والمحروقات، والتي قُدرت قيمتها بنحو 14 مليار ليرة سورية.

مخالفات بالآلاف

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، أعلنت يوم أمس الأحد، عن تنظيمها آلاف الضبوط التموينية بمخالفات تتعلق بمادة الخبز والمحروقات خلال العام الجاري.

ووفق منشور الوزارة الذي نُشر على حسابها الرسمي على منصة “فيسبوك“، فقد بلغ عدد الضبوط التي نظمت بمخالفات الخبز التمويني والمحروقات في مختلف المحافظات السورية أكثر من 3 آلاف ضبط، بغرامات تجاوزت الـ14 مليار ليرة سورية، منذ بداية العام الجاري حتى منتصف هذا الشهر.

وأضافت الوزارة أن عدد الضبوط المنظمة بالمخالفات المتعلقة بالمحروقات بلغت 1386 ضبطا، والضبوط المنظمة بحق المخالفات المتعلقة بالخبز التمويني 1901 ضبط.

كما بلغ مجموع الغرامات للمخالفين 14 مليارا و495 مليونا و25 ألف ليرة سورية، بحسب منشور الوزارة السورية.

هذا فضلا عن قيم مخالفات جسيمة أخرى تم تغريم أصحابها إلى جانب ما تم تحصيله من التسوية على الضبوط التموينية في مديريات التجارة الداخلية.

مخالفات تؤكد انتشار الفساد

بحسب موقع “أثر برس” المحلي، يشير حجم المخالفات التموينية الجسمية في قطاعي المحروقات والمخابز خلال شهر أيار/مايو الفائت فقط، إلى حجم المخالفات المالية الكبيرة والتي تضمنتها ضبوط وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وذلك ضمن سلسلة حلقات الفساد التي تمتهن السرقة والغش واستغلال الأزمات للمنفعة المادية على حساب المواطن.

حيث كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن إعلام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك منتصف أيار/مايو الماضي، القيمة المالية للمخالفات “الجسيمة” والتي سُجلت حينذاك على محطات الوقود والأفران فقط، والبالغة بما يزيد عن 861 مليون ليرة سورية.

وجاءت النسبة الأكبر، وقتذاك من المخالفات في قطاع المحروقات، حيث سُجلت فيه 95 بالمئة بقيمة مالية تجاوزت 818 مليون ليرة، وذلك في محطات الوقود التي ضبطت بحالات تلاعب في المواد المدعومة مازوت وبنزين، بينما بلغت نسبة المخالفات في قطاع المخابز قرابة 5 بالمئة وبقيمة مالية تجاوزت 41 مليون ليرة سورية.

وبحسب خبراء فإن الأرقام المذكورة والتي أعلنت لأول مرة في تاريخ وزارة التموين بهذا الشكل تشير إلى حجم الفساد الكبير الذي يقع على حساب المواطن العادي، متسائلين عن دور الوزارة مسبقا من هؤلاء، حجم السرقات الموجودة والتي لم يتم ضبطها، وكيفية إيقاف هذا الفساد، ومدى انعكاس هذه المخالفات على واقع السوق المحلية.

وأشار خبراء، إلى أن محاربة المسببات هي الخطوة الأساسية في محاربة الفساد، لافتين إلى وجود آليات معينة يتم من خلالها محاربة الفاسدين، أما العقوبة حسب السوق، لا تقدم نتيجة ولا تفيد المواطن، مضيفين أنه يجب العمل على معاقبة الحلقات الأولى وهي التي تجيب على سؤال لماذا يحصل الفساد.

من جهة أخرى، اقترح خبراء أن تقوم الحكومة بزيادة عدد المحطات التي تبيع البنزين غير المدعوم للمحتاجين، بسعر التكلفة أي 4000 ليرة للمواطنين بشكل مباشر دون أن تجعل هناك وسطاء فاسدين بينها وبين المواطن ما يؤدي إلى رفع الأسعار بشكل يُرهق جيب المواطن.

قد يهمك: سوريا.. أرباح غير مشروعة للكازيات تصل لـ50 مليون ليرة يومياً

فساد الكازيات بأرقام خيالية

إذا كنت تريد أن تصبح مليونيرا في غضون بضعة أشهر، ومليارديرا في غضون بضع سنوات، فما عليك سوى الحصول على ترخيص، بالطبع يكون من خلال المحسوبية، لفتح محطة وقود من المفترض أنها “منشأة خدمية” غير ربحية، حيث أن اللهاث المحموم لمن يريد جمع الثروة “السهلة” يعود لأرباحها الخيالية، والتي تجاوزت مجرد مخالفات لجني الآلاف أو الملايين، بعد أن أصبح الحديث عن عشرات الملايين المحصلة بشكل يومي، حيث يصل الأرباح غير المشروعة للكازيات إلى نحو 50 مليون ليرة سورية يوميا، حسب التقارير المحلية الأخيرة.

موقع “المشهد” المحلي، نشر تقريرا، يوم أمس الأحد، وجاء فيه، أن “المعدلات الفلكية لأرباح المحطات خرجت من الإطار القانوني الذي حدد العمولة بالقروش، حيث كانت العمولة المسموح فيها أربعة بالألف للمازوت وخمسة بالألف للبنزين، وهنا كان الجدل المستمر لسنوات بين أصحاب الكازيات والجهات المسؤولة، لضرورة رفع النسبة كما دول الجوار لـ5 بالمئة وسطيا، بحيث يحقق المستثمر أرباحا منطقية تغطي تكاليفه على أقل تقدير، وبذلك يصبح لا عذر له في تحصيل الأرباح بالطرق غير الشرعية”.

من جانبهم، يصرّ أصحاب الكازيات على أن ما سبق لا يحقق التكاليف المترتبة عليهم من أجور عمال، وفواتير كهرباء ومياه وهاتف وصيانات وغيرها من الأمور، معتبرين أن تقليص هوامش ربحهم بهذا الشكل يشرعن لهم البحث عن مصادر أخرى، لاسيما مع التلاعب الذي يقوم به أصحاب الصهاريج.

أساليب السرقة

تتنوع أساليب السرقة التي يتبعها أصحاب الكازيات في تحصيل ما أمكن من أرباح، وجعلت منهم أصحاب ثروات هائلة لم يستغرق تجميعها أكثر من أشهر أو أعوام قليلة، وفق تقرير الموقع المحلي.

ووفق التقرير المحلي، فإن أساليب الغش بالكميات والمتبعة منذ القدم تطورت اليوم، وتنوعت ليسجل في الكازيات مدارس في تعليم الاحتيال بين الكمية والسعر وتجميع البطاقات واستغلال فرق سعر المدعوم عن الحر عن السوداء، كلها تحت حجة تأمين مستلزمات المحطة ودفع تكاليفها.

وكالعادة المواطن، هو ضحية هذا الفساد والسرقة، حيث أصبح شبه مستحيل على المواطن أن يحصل على كامل مخصصاته، إذ دائما ما تكون منقوصة ليتر أو ليترين في الكازيات (ذات السمعة الجيدة) وأكثر من ذلك في غيرها، وفوق نقص الكمية يطلب العامل إكرامية أيضا بين 3000-2000 ليرة.

بدوره، عضو جمعية حماية المستهلك عامر ديب، وصف أثناء حديثه السابق للموقع المحلي، العمولة المحددة بالممتازة، فالدولة توزع البنزين والمازوت بهامش ربح كمادة، أي أن زيادة الطلب عليها تزيد تلقائيا من أرباح صاحب الكازية، ومع ذلك يحاول الجميع تبرير السرقة لنفسه من صاحب الكازية للتاجر للصناعي، فالأرباح غير المشروعة للكازيات تصل ببعض الأحيان لـ50 مليون ليرة في اليوم. ويومية عامل الكازية لا تقل عن 100 ألف ليرة، فعلى افتراض أن تكلفة إنشاء الكازية 150-100 مليون ليرة، يحصّلها المستثمر بثلاثة أيام فقط.

وأضاف ديب، أن المشكلة الأساسية تكمن بآلية وزارة التجارة الداخلية بضبط الكازيات، والعمال فيها والتي أثبتت عدم جدواها.

قد يهمك: لارتكابها مخالفات أبرزها الغش إغلاق 2500 منشأة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.