إذا كنت تريد أن تصبح مليونيرا في غضون بضعة أشهر، ومليارديرا في غضون بضع سنوات، فما عليك سوى الحصول على ترخيص – بالطبع يكون من خلال المحسوبية – لفتح محطة وقود من المفترض أنها “منشأة خدمية” غير ربحية، حيث أن اللهاث المحموم لمن يريد جمع الثروة “السهلة” يعود لأرباحها الخيالية، والتي تجاوزت مجرد مخالفات لجني الآلاف أو الملايين، بعد أن أصبح الحديث عن عشرات الملايين المحصلة بشكل يومي، حيث يصل الأرباح غير المشروعة للكازيات إلى نحو 50 مليون ليرة سورية يوميا، حسب التقارير المحلية الأخيرة.

الأرباح يتجاوز الحد القانوني

موقع “المشهد” المحلي، نشر تقريرا، اليوم الأحد، وجاء فيه، أن “المعدلات الفلكية لأرباح المحطات خرجت من الإطار القانوني الذي حدد العمولة بالقروش، حيث كانت العمولة المسموح فيها أربعة بالألف للمازوت وخمسة بالألف للبنزين، وهنا كان الجدل المستمر لسنوات بين أصحاب الكازيات والجهات المسؤولة، لضرورة رفع النسبة كما دول الجوار لـ5 بالمئة وسطيا، بحيث يحقق المستثمر أرباحا منطقية تغطي تكاليفه على أقل تقدير، وبذلك يصبح لا عذر له في تحصيل الأرباح بالطرق غير الشرعية”.

إلا أن الرد الحكومي كان يأتي دائما بالعبء الذي قد تشكله زيادة العمولة، والذي سيضاف إلى عجز شركة “محروقات”، مع التأكيد على أرباح المستثمر المحققة من فرق الحرارة التي توزع فيها المحروقات، وفق التقرير المحلي.

في المقابل، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية معدل ربح محطات الوقود بنسبة 1 بالمئة منذ أكثر من شهرين، واعتبرت أن ذلك أصبح كافيا مع اختلاف درجات الحرارة، حيث تصل المشتقات النفطية إلى محطات الوقود عند درجة حرارة 16 درجة على الأكثر. بحيث يتم احتساب تمدد المادة نتيجة اختلاف درجات الحرارة ضمن أرباح صاحب الكازية.

قد يهمك: البواخر الإيرانية تنشط السوق السوداء السورية

إكرامية السائق يصل لـ100 ألف

من جانبهم، يصرّ أصحاب الكازيات على أن ما سبق لا يحقق التكاليف المترتبة عليهم من أجور عمال، وفواتير كهرباء ومياه وهاتف وصيانات وغيرها من الأمور، معتبرين أن تقليص هوامش ربحهم بهذا الشكل يشرعن لهم البحث عن مصادر أخرى، لاسيما مع التلاعب الذي يقوم به أصحاب الصهاريج.

حيث أكد صاحب كازية في دمشق للموقع المحلي، أنه من شبه المستحيل أن يصل الطلب كما هو للمحطة، حيث يعمد معظم أصحاب الصهاريج لتحصيل ما يعتبرونه “حصتهم” عبر التلاعب بالكيل، فضلا عن النقص بالكمية الناتج عن النقل لمسافات طويلة، وإكرامية السائق التي تصل في معظم الأحيان لـ100 ألف ليرة، إذ أوضح صاحب الكازية، أن الإكراميات والهدايا وحدها باتت تحتاج ميزانية. مضيفا: “كي تطاع اطلب المستطاع” فإن أرادت وزارة التجارة الداخلية من أصحاب المحطات الالتزام بقوانينها، فلا بد أن تدرس بدقة احتياجات المحطة، وتكاليفها لتراقب على هذا الأساس.

الفساد والسرقة

تنوعت الأساليب التي يتبعها أصحاب الكازيات في تحصيل ما أمكن من أرباح، جعلت منهم أصحاب ثروات هائلة لم يستغرق تجميعها أكثر من أشهر أو أعوام قليلة، وفق تقرير الموقع المحلي.

ووفق التقرير المحلي، فإن أساليب الغش بالكميات والمتبعة منذ القدم تطورت اليوم، وتنوعت ليسجل في الكازيات مدارس في تعليم الاحتيال بين الكمية والسعر وتجميع البطاقات واستغلال فرق سعر المدعوم عن الحر عن السوداء، كلها تحت حجة تأمين مستلزمات المحطة ودفع تكاليفها.

وكالعادة المواطن، هو ضحية هذا الفساد والسرقة، حيث أصبح شبه مستحيل على المواطن أن يحصل على كامل مخصصاته، إذ دائما ما تكون منقوصة ليتر أو ليترين في الكازيات (ذات السمعة الجيدة) وأكثر من ذلك في غيرها، وفوق نقص الكمية يطلب العامل إكرامية أيضا بين 3000-2000 ليرة.

هذا فضلا عن تأجير البطاقات الذكية، وفتح سوق سوداء جديدة بالكميات المخصصة من البنزين والمازوت الحر، وغيرها من التجاوزات التي يدفع المواطن ثمنها.

50 مليون يوميا

مقابل ذلك تواصل دوريات حماية المستهلك رقابتها التقليدية على المحطات، والتي نتج عنها 1324 ضبط منذ بداية هذا العام، وسط تجاهل أصحاب الكازيات واستمرارهم بآلية عملهم الفاسد ذاته.

بدوره، عضو جمعية حماية المستهلك عامر ديب، وصف أثناء حديثه للموقع المحلي، العمولة المحددة بالممتازة، فالدولة توزع البنزين والمازوت بهامش ربح كمادة، أي أن زيادة الطلب عليها تزيد تلقائيا من أرباح صاحب الكازية، ومع ذلك يحاول الجميع تبرير السرقة لنفسه من صاحب الكازية للتاجر للصناعي، فالأرباح غير المشروعة للكازيات تصل ببعض الأحيان لـ50 مليون ليرة في اليوم. ويومية عامل الكازية لا تقل عن 100 ألف ليرة، فعلى افتراض أن تكلفة إنشاء الكازية 150-100 مليون ليرة، يحصّلها المستثمر بثلاثة أيام فقط.

وأضاف ديب، أن المشكلة الأساسية تكمن بآلية وزارة التجارة الداخلية بضبط الكازيات، والعمال فيها والتي أثبتت عدم جدواها.

وفي وقت سابق، صحيفة “الوطن” المحلية نقلت عن عضو مجلس الشعب السوري زهير تيناوي، تأكيده وجود فساد في آليات توزيع البنزين والمازوت.

وأضاف تيناوي، “الدليل على الفساد، هو أن هذه المواد متوافرة بكثرة في السوق السوداء لكنها ليست متوافرة لدى شركة “محروقات”، وهذا يشير إلى وجود خلل في التوزيع وهذا الخلل تتحمل مسؤوليته وزارة النفط والتموين”.

فضلا عن عدم تقليص مدة رسائل البنزين، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه مجددا لتجار السوق السوداء، الذين كعادتهم استغلوا النقص في ضخ المادة من شركة “محروقات” ليرفعوا سعر(التنكة) لتتراوح اليوم بين 100 و150 ألف ليرة.

وساهمت أزمة المحروقات مؤخرا في شلل شبه كامل لوسائل المواصلات، في ظل عزوف معظم السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم لمخصصاتهم في المحروقات، فضلا عن ارتفاع كافة أسعار السلع، والمواد الأساسية التي يعتمد إنتاجها بشكل أساسي على المحروقات والكهرباء.

قد يهمك: فساد في توزيع المازوت والبنزين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.