وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الإثنين، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ ما يقرب من عقد من الزمن، لإحياء العلاقات التي كانت متوترة منذ فترة طويلة بسبب الخلافات الإقليمية. في حين لا تطفُ على السطح السياسي أية توقعات عن ماذا ستقدم الإمارات لتركيا، أو ما هي تصورات الإمارات عن هذه الزيارة؟

برج خليفة يضاء بالعلم التركي

قبيل إعلان الزيارة، وتحديدا في ليل الأحد- الاثنين، تفاجئ زوار مدينة دبي، بتلون برج خليفة بالعلم التركي، لتنطلق الأنباء عن أنها ترحيب إماراتي بزيارة الرئيس التركي أردوغان إلى البلاد.

من جهته، صرح أردوغان للصحافيين في مطار إسطنبول قبل مغادرته في رحلته التي تستغرق يومين، أن هذه الرحلة “تمثل بداية حقبة جديدة في العلاقات”.

وقال “نخطط لاتخاذ خطوات من شأنها إعادة العلاقات إلى المستوى الذي تستحقه”، ومضيفا أن الحوار والتعاون بين تركيا والإمارات، “مهمان لتحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا”.

وعن خلفية الزيارة، يعتقد الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هذه الزيارة مهمة جدا للطرفين، من ناحية الاستقرار الثنائي الإقليمي والدولي، وأيضا سيكون هناك تعاون إقليمي ما بين تركيا والإمارات لاستقرار إقليم الشرق الأوسط، بالإضافة للتبادل التجاري والسياحي بين البلدين.

وفي السياق ذاته، يعتقد المحلل السياسي، درويش خليفة، أن توقيع 12 اتفاقية تشمل الإعلام والاتصالات. والنقل البحري والجوي والبري، وكذلك مشروعات زراعية وتنموية بين البلدين. من أجل إزالة العوائق الموجودة بين البلدين منذ انطلاق حراكات الربيع العربي. حيث هيمنت جماعة الإخوان المسلمين على معظم هذه الحراكات.

ويرى خليفة، أنه بهذه الزيارة، بدأ يتلاشى دور الأخوان المسلمين والتي كانت مدعومة من تركيا. وأن الإمارات ذاهبة باتجاه أن تنتهج نهج جديد باستقرار بالمنطقة ككل. واتضح ذلك عبر سلسلة الزيارات التي أجاراها مستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات، طحنون بن زايد، إلى تركيا وإيران والأردن وقطر.

ويشير خليفة، إلى أن الإمارات تعمل على إعادة الاستقرار في المنطقة لتعيد سياستها الاقتصادية. فالإمارات لديها طموح بأن تكون دولة رقم واحد على صعيد الشرق الأوسط من حيث الاقتصادات. لتتجاوز المحنة التي مرت بها اقتصادات العالم جراء وباء “كورونا”.

للقراءة أو الاستماع: هل تطلق الإمارات مبادرة حول سوريا من طهران؟

أزمة غريبة

ظلت العلاقات القوية بين البلدين معززة حتى عام 2010، إذ صنفت الإمارات العربية المتحدة من بين أكبر الشركاء التجاريين لتركيا في العالم العربي وكانت مصدرا رئيسيا للاستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك، بحلول عام 2010، كانت بذور الأزمة الحالية قد زرعت.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تبنت تركيا والإمارات مواقف معاكسة تجاه جماعة “الإخوان المسلمين”. والذي كان بالنسبة لأنقرة كجزء من هدف سياستها الخارجية الأوسع، المتمثل في لعب دور قيادي في العالم الإسلامي. وعززت تركيا علاقاتها مع الجماعة والحركات الدينية الرئيسية الأخرى.

كما أصبحت تركيا مركزا رئيسيا للشخصيات الإسلامية. وعلى العكس من ذلك، كانت الإمارات تشن ما أسماه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد “حربًا ثقافية” ضد جماعة “الإخوان المسلمين”. لتطهير أو تهميش أعضاء الحركة والمتعاطفين معها في المؤسسات التعليمية ومؤسسات الدولة.

وفي السنوات التي تلت ذلك، لم يبذل الجانبان أي محاولات للتغلب على الصدع المتزايد. وعلى العكس من ذلك، اتخذت كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة إجراءات واسعة النطاق. أصبحت تركيا ملاذا آمنا لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الفارين من الاضطهاد في مصر. واستقر فيها أيضا عدد من الإخوان المسلمين الإماراتيين.

والذي عدته الإمارات خطرا عليها، أن تركيا دعمت قطر بقوة في نزاعها مع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بعد أن قطعت العلاقات الدبلوماسية وفرضت حصارا تاما على الإمارة. ولم تكتف تركيا بإرسال الإمدادات الغذائية إلى قطر بالطائرة. وبالتالي خففت التأثير الفوري للحصار، بل أصدرت أيضا قانونا يصرح للحكومة بنشر قوات هناك. ويعد إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر أحد الشروط التي طرحتها الإمارات وحلفاؤها لحل الأزمة.

وعلاوة على ذلك، انتقدت الإمارات العربية المتحدة تركيا بشكل كلي ومتكرر. عبر وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان. فعلى سبيل المثال، أعلن في وقت سابق أنه يجب مواجهة الذين يتدخلون بالشؤون العربية سواء كانت إيران أو تركيا أو إسرائيل.

يشار إلى أن هذا التصريح جاء مباشرة بعد أن استولت تركيا على عفرين عام 2018. وفي الآونة الأخيرة، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن الإمارات تعترض على خطة تركيا لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا. مضيفا أنه يجب حماية الأكراد السوريين من تركيا.

للقراءة أو الاستماع: ما تأثير قصف الحوثيين لأبوظبي على علاقة الإمارات بالأسد؟

فورة التقارب

لكن هذه التوترات خفت بعد أن سافر ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أنقرة في تشرين الثاني/نوفمبر، في أول زيارة رفيعة المستوى منذ عام 2012.

إذ أطلقت الإمارات فترة التطبيع الدبلوماسي في عام 2020، بدأت بالتطبيع مع إسرائيل في آب/أغسطس 2020. ثم أنهت الأزمة مع قطر في كانون الثاني/يناير 2021، وهي خطوة كانت أكثر شعبية نسبيا، وأقل إثارة للجدل من السابق.

وفي الآونة الأخيرة، أعادت الإمارات تأهيل علاقاتها مع الرئيس السوري، بشار الأسد. على الرغم من الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي حول ما إذا كانت ستعيد سوريا إلى الحظيرة الدبلوماسية.

وبعد زيارة محمد بن زايد لتركيا، في تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت الإمارات عن صندوق بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمارات في تركيا. حيث كان الاقتصاد يترنح وارتفع التضخم في أنقرة إلى أعلى مستوى في 20 عاما.

على الرغم من أن وسائل الإعلام كانت مهتمة أكثر بوعود الإمارات بالاستثمار في أسواق تركيا. إلا أن الصور الودية للقائدين اللذين وضعوا أنفسهما حتى الآن على أقطاب متقابلة، ترسل رسالة واضحة إلى منافسيهم وخصومهم مفادها أن السلام ممكن، حتى لو كان الخطاب العدائي غالبا على مدى العقد السابق.

وتأتي رحلته في الوقت الذي تواجه فيه الإمارات تهديدًا متزايدًا من المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. الذين شنوا عدة هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على الدولة الخليجية. مما دفع الإمارات إلى تكثيف التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة وفرنسا.

للقراءة أو الاستماع: عشرات السوريين ضحية عملية نصب في الإمارات.. القصة الكاملة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة