مع تنبأ الرئيس الأميركي، جو بايدن، بقرب غزو روسيا لأوكرانيا، حذرت منظمات إنسانية من ارتفاع وشيك لأسعار المواد الغذائية إلى مستويات أعلى إذا اندلع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما لكبار منتجي الذرة والقمح اللذين يمثلان عنصرا أساسيا للمليارات حول العالم، إذ سيزيد من شبح التضخم الجامح وعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط.

مؤشر الغذاء ينذر بالخطر

أفاد العضو المنتدب لشركة “سوفكون”، وهي شركة أبحاث روسية تركز على أسواق الحبوب في البحر الأسود، أندري سيزوف، بأن الأضرار التي قد تحيق بالبنية التحتية الزراعية في أوكرانيا قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 10 بالمئة و20 بالمئة.

وبيّن سيزوف، أن صادرات القمح الوفير في أوكرانيا تذهب لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، الذين يعتمدون غالبا على الواردات لإطعام سكانها وإبقاء أسعار الخبز منخفضة، إذ تعد أوكرانيا وروسيا من الموردين الرئيسيين لسوريا ومصر أكبر مستورد للقمح في العالم.

وكان، المشترون في الشرق الأوسط يستفيدون من الطريق البحري القصير عبر مضيق “البوسفور”. ولكن إذا ما نشبت الحرب سيتعين عليهم دفع المزيد في تكاليف الشحن لجلب القمح من الولايات المتحدة أو أستراليا.

وتأتي التكاليف المرتفعة في وقت سيئ بالنسبة للدول التي تعتمد على واردات القمح مثل سوريا. حيث أدت مشكلات الإمداد المستمرة إلى دفع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ عقد. حيث يقترب مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من أعلى مستوى له منذ عام 2011.

ومن المتوقع أن تنكمش مخزونات القمح العالمية إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات في نهاية شهر شباط/فبراير الحالي. وإذا اشتدت سياسة الحرب المحيطة بأوكرانيا، فسيصبح التوازن بين العرض والطلب أكثر صعوبة.

للقراءة أو الاستماع: نقص الخبز يصل إلى طلبة الجامعات السورية

أثر الحرب على القمح في أوكرانيا

يعتبر حوض البحر الأسود من أهم مناطق العالم لصادرات الحبوب والصادرات الزراعية. يمر ما يقدر بنحو 12 بالمئة من إجمالي تجارة الحبوب العالمية عبر مضيق البوسفور كل عام، وتتجه العديد من هذه الشحنات إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المجاورة. 

تصدر أوكرانيا 95 بالمئة من حبوبها عبر البحر الأسود، إذ ذهب أكثر من 50 بالمئة من صادراتها من القمح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2021. حيث بلغ نصف الواردات من القمح إل لبنان، و 43 بالمئة من ليبيا من أوكرانيا. 

كما تعتمد مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، بشكل كبير على الواردات من منطقة البحر الأسود. بالإضافة إلى ذلك، أوكرانيا هي المورد الرئيسي للذرة في مصر.

ويمكن أن تتأثر صادرات القمح بشكل كبير من جراء الصراع المتصاعد، أو حصار من البحر الأسود حيث سيحد من المنتجات الزراعية المتاحة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يؤدي إلى أزمة غذائية محتملة. 

ويرى مراقبون، أنه يجب استبدال الإمدادات من أوكرانيا بأخرى من مصدر آخر، وذلك قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. لذا يعد هذا حافز قوي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمحاولة إقناع روسيا بوقف التصعيد. 

والجدير ذكره، أنه بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، حاولت روسيا تحسين علاقاتها مع جميع دول الشرق الأوسط. وجذب الاستثمار الأجنبي من المنطقة للحد من تأثير العقوبات الغربية وتجنب العزلة. لكن محاولاتها المتمثلة في إقامة في قوى لها في دول الصراع داخل الشرق الأوسط وخصوصا سوريا. إذ حدت من إنشاء صناديق استثمار مشتركة.

للقراءة أو الاستماع: فساد في توزيع الخبز بدمشق وأزمة جديدة محتملة

سوريا في قلب الأزمة

نشرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، تقريرها الخاص عن مهمة تقييم المحاصيل التي قدّرت فيه إنتاج سوريا من القمح في عام 2021 بنحو 1.05 مليون طن. وهو عجز يقل قليلا عن مليوني طن، بناء على الاحتياجات المتوقعة للبلاد. أي بمتوسط ​​قدره 4.1 مليون طن، في السنوات التي سبقت اندلاع الصراع في عام 2011.

ويرى التقرير، الذي نشر في أواخر كانون الأول/ ديسمبر الفائت، أن هناك أزمة خبز في جميع مناطق سوريا، حيث ارتفعت الأسعار وتراجع الإنتاج. مما عزز أزمة تكلفة المعيشة التي يواجهها السوريون. وأدت إلى طوابير طويلة للحصول على الخبز المدعوم أمام المخابز. 

ومع قلة أدوات السياسة لمعالجة الأزمة، لجأت الحكومة السورية إلى الواردات كحل غير مستدام، بالنظر إلى احتياطيات الحكومة المحدودة من العملات الأجنبية. فالقمح هو العنصر الحيوي للخبز، وهو عنصر غذائي أساسي في سوريا، وانهيار إنتاج الحبوب ينذر بخطر المجاعة.

وتقدر “الأمم المتحدة”، أن حوالي 60 بالمئة من سكان سوريا يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي. وبمجرد أخذ الواردات الحكومية المتوقعة والمساعدات الغذائية بعين الاعتبار، تعتقد منظمة “الفاو” أن يكون هنالك نقصا في القمح والشعير للبلاد بين تموز/يوليو 2021 وحزيران/يونيو 2022.

للقراءة أو الاستماع: محافظة دمشق ترفض توزيع الخبز على المواطنين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.