قُبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية بعامين حاولت دول الحلفاء استرضاء ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر عبر توقيع اتفاقية ميونخ (1938) والتي ضمت بموجبها أجزاء من دولة تشيكوسلوفاكيا ولا سيما منطقة السوديت مقابل تراجع هتلر عن نواياه العسكرية تجنباً لاندلاع أي حرب عالمية جديدة، ولكن بعد بضعة أشهر نكث النازيون بوعودهم واحتلوا تشيكوسلوفاكيا ومن ثم بولندا مما أدى لاندلاع الحرب العالمية الثانية (1939-1945) وهكذا أصبحت اتفاقيات الاحتواء والاسترضاء أداة جديدة لشن الحروب بدلاً من الحد منها.

لم يكن المشهد مختلفاً مع سقوط جدار برلين (1989) ومن ثم سقوط الاتحاد السوفيتي في العام (1991) بعد تقديم ضمانات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لأول رئيس روسي “بوريس يلتسين” بعدم توسع النفوذ الغربي على الحدود الإقليمية لروسيا، ولكن هذا لم يحصل بعدما أعلنت دول البلطيق عام (2004) وبعض دول البلقان بين عامي (2004-2009) انضمامها لحلف شمالي الأطلسي وهذا ما مثل تهديداً استراتيجياً على روسيا.

بالرغم من الاعتراضات الروسية حينها إلّا أن واشنطن لم تكترث كثيراً حيث أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في أيار/ مايو، 2008دعمه ضم كل من جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف مضيفاً أنّ المشاورات مع الحلف مستمرة في هذا الشأن، مما أدى لاندلاع حروب في هذه الدول جورجيا “أوسيتيا الجنوبية” العام (2008) وفي أوكرانيا (2014).

وهذا ما أعاد هيبة روسيا من جديد وعزز من بروزها مرة أخرى كفاعل قطبي صاعد، ما يعني ارتفاع فرص النظر في الإجراءات التي ترافقت مع توسع غربي في المحيط الجيوسياسي لروسيا.

النمو الروسي والصعود من جديد:

الدولة كائن حي ينمو وتزداد احتياجاته باستمرار والحدود أشبه بجلد كائن عضوي يجب أن يتمدد باستمرار مع نموه هذا تعريف فريدريك راتزل مؤسس الجغرافيا السياسية الحديثة، ربما هذا التعريف الأمثل لدولة بجغرافية روسيا التاريخية والحاضرة من حيث الموقع والتجارب المختلفة، صعدت روسيا كدولة قطبية في عدة محطات تاريخية ربما كان آخرها خلال الحرب العالمية الثانية تحديداً بعد ردع القوات الألمانية المتقدمة في عمق الأراضي الروسية خلال معركة “ستالينغراد” الشهيرة التي كانت مفترق طرق خلال الحرب وما بعدها حيث صعدت كقوة ضاربة قطبية لمدة تزيد عن 6 عقود قبل انهيار الاتحاد السوفيتي (1991). وعادت روسيا للواجهة من جديد بعد الحرب الجورجية والأوكرانية مع تزايد دعوات انضمام كلا الدولتين إلى حلف شمال الأطلسي الأمر الذي يعتبر خطاً أحمراً لدى روسيا، ومع تدخلها في جورجيا لقطع الطريق على الناتو برزت كقوة صاعدة وربما كانت من أكثر دول العالم نمواً في محيطها الإقليمي وخارجه.

في الواقع، إنَّ عوامل التاريخ هي الأكثر تفسيراً لهذه القضية، فخلال العشر سنوات الماضية كان الربيع العربي له تداعيات واضحة المعالم في عودة إرث وسياسات المعسكر الشرقي إلى الواجهة ولا سيما في سوريا، مع الفراغ الدولي الأمريكي الذي ساهم بنمو النفوذ الروسي.

لكن مع ذلك، لم تكن موسكو متشجعة للانخراط العسكري خارج محيطها، إلى أن برزت الأزمة الأوكرانية من جديد بعد دعوات من قبل محتجين أوكرانيين بانضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوربي وتوقيع اتفاقية الشراكة، تعاملت حكومة “فيكتور يانوكوفيتش” بعنف مع المطالب إلى أن صوّت البرلمان على عزل الرئيس وذلك في 20 شباط/ فبراير، 2014، وقد مثلت هذه التغييرات تهديداً واضحاً على النفوذ الروسي في جنوب وشرق أوكرانيا ولا سيما مع إقرار قانون اعتبار اللغة الأوكرانية اللغة الرسمية -الوحيدة- في البلاد ما أعتبر تغيراً ثقافياً يهدد موسكو، وقد نتج عن ذلك تدخل عسكري روسي في أوكرانيا ومن ثم إجراء استفتاء شعبي في جزيرة القرم للانفصال عن الدولة وقد شجع ذلك مجموعات انفصالية في دونباس التي تلقت دعماً روسياً للانفصال عن كييف.

ومع توقيع اتفاقية مينسك للسلام (2015) شكلت روسيا لنفسها شخصية سياسية في المجتمع الدولي تقوم على عودة تموضعها كقوة شرقية جديدة مع سيطرتها على أجزاء من جورجيا ومن ثم أوكرانيا وهذا أعطاها دافعاً للتمدد جيواستراتيجياً في سوريا فكان من الملاحظ عقب نهاية الحرب الأوكرانية نقل قوات النخبة الروسية التي شاركت في الحرب الأوكرانية ومجموعة فاغنر الروسية المملوكة لصاحبها ““Yevgeny Prigozhin إلى سوريا لدعم النظام السوري في 30 سبتمبر/ يوليو، 2015، ولحقه تدخل روسيا بشكل رسمي في ليبيا لصالح قوات حفتر في مواجهة حكومة الوفاق وذلك في 26 أيار/ مايو، 2020، ومن ثم الوقوف في مواجهة تركيا في إقليم ناغورني قره باغ (2020) ومنع سقوط حكومات موالية لها في  بيلاروسيا (2021) ومن ثم كازاخستان (2022) وبهذه الصورة أصبحت موسكو جزءاً أساسياً في المعادلة الدولية في ملفات مختلفة ما زاد قدرتها على المساهمة بشكل أكبر في توازن أو خلل النظام الدولي.

صراع الأقطاب و توازن دولي على المحك:

مع وصول حكومة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” الديمقراطية إلى السلطة، المعروفة بعدائها للتوجهات والسياسيات الروسية الراغبة بالتوسع، عادت الخلافات إلى الواجهة إذ كانت أولى القرارات الأمريكية فرض عقوبات وسحب السفير في رسالة تعبر عن خط سياسي مختلف كلياً عن ذاك الذي انتهجه الرئيس السابق “دونالد ترامب”، وكانت القضية الأوكرانية جزءاً من المعادلة إذ عاد الحديث عن الانضمام للناتو وتقديم الدعم لكييف من أجل الحد من التهديدات الروسية للمصالح الغربية عن بوابة أوروبا الغربية بالرغم من أنّ اوكرانيا لم تستوفِ لحد هذه اللحظة المعايير الأساسية للانضمام التي أهمها استقلالية المؤسسة العسكرية، والدولة الديموقراطية، والحريات السياسية في ما يبدو تغاضياً عن الأمر لأسباب أكثر موضوعية تتعلق بتوازن النظام الدولي فمنطق القوة والمصالح هو الذي يفرض نفسه.

في الحقيقة، الحسابات المنطقية للمعادلة يقول إنَّ الغزو الروسي لهذه المنطقة يعتبر شبه نزهة من حيث القوة والترسانة العسكرية ولا سيما مع تنازل أوكرانيا عن سلاحها النووي بغية أن تحظى باعترافٍ روسي ودولي باستقلالها وذلك ضمن معاهدة “بودابست للضمانات الأمنية” بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام (1994)التي تنص على نزع السلاح النووي الأوكراني مقابل تقديم ضمانات أمنية لاستقلال أوكرانيا، و عدم وجود قرار أمريكي واضح أوروبياً لسياسة الردع.

لكن في المقابل، ثمّة اعتقاد بأنّ واشنطن من الصعب أن تسمح لموسكو بغزو روسي لأوكرانيا على الطريقة الجورجية أو السورية لأنَّ ذلك يعني وفق لمفهوم نمو الدولة، توجه/ تركيز أنظار روسيا إلى دولٍ تقع في محيطها مثل؛ دول البلطيق ودول والبلقان، حيث لم تتردد موسكو في الحديث في مناسبات عديدة عن التهديد الأمني التي تمثله رومانيا وبولندا ومن ثم طالب الرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين” بانسحاب قوات الناتو من رومانيا وبلغاريا.

في قراءة للتصريحات الأمريكية يُرصد بأنَّ الإجراءات التي قد تترتب على الغزو الروسي مجرد عقوبات اقتصادية وربما قد تكون أوسع من تلك بعد أحداث جزيرة القرم وهذا ما يضع سياسات الردع والاحتواء موضع شك كبير ويضعف الهيبة الأمريكية، الأخيرة متخوفة في حال استخدام العنف حيال القضية من تكرار نماذج تاريخية مشابهة كتلك التي جرت مطلع ستينات القرن الماضي “أزمة الصواريخ” والتي هددت بها روسيا محيط  ومصالح واشنطن وعقيدة “مونرو” التي تنص على تبعية الأمريكيتين لواشنطن بالتالي أي تهديد قد يقع هنا يمثل خطراً أمنياً، روسيا استطاعت حينها التضييق على وصول واشنطن لقناة “بنما الإستراتيجية” من خلال التمدد الشيوعي في كوبا ومن ثم السلفادور ونيكاراغوا قبل التوصل إلى حوار وحل سلمي للأزمة. ما يعني إمكانية عودة تهديد مماثل في حال خرجت الأمور عن السيطرة.

وقد لا تقف الأمور عند هذا الحد، فهناك ترقب صيني واضح مما ستؤول له الأحداث في الأزمة الأوكرانية ففي حال تنفيذ روسيا لعملية عسكرية بلا شك هذا سيدفعها لتهديد المصالح الأمريكية في المحيط والجغرافية التاريخية لها عبر غزو تايون ومن ثم تهديد نفوذها في كل من كوريا الجنوبية واليابان.

كما أنَّ الغزو الروسي قد يضع الجانب الإيراني في موقفٍ أكثر قوة حول مفاوضات “فيينا” الخاصة بترسانتها النووية وهذا يشي ببروز فاعل جديد على الخارطة الدولية مستفيداً من الأزمات البينية بين قطبين بارزين.

يدفع هذا للاعتقاد بأنَّ الأزمة الأوكرانية غير مرتبطة فقط بالتدافع الروسي الأمريكي والمكاسب الأوربية بقدر الحفاظ على التوازن في الميزان الدولي والهيبة الأمريكية التي باتت ربما على المحك فاختبار أوكرانيا يعتبر حساس للغاية ونتائجه قد ترتبط بظهور عالم قطبي جديد يقوم على التعددية ما بعد ثنائية، بين أمريكيا وروسيا والصين.

اتحاد أوربا وتباين الاستراتيجيات:

برزت في العقد الأخير تباينات واضحة في سياسات الدول الأوربية حيال العديد من القضايا ربما أكثرها وضوحاً الأزمة الليبية ففي حين دعمت إيطاليا حكومة الوفاق وقفت فرنسا بجانب حكومة حفتر بينما ألمانيا اتخذت موقفاً محايداً معتبرةً بأنَّ العملية السياسية هي المخرج. وكذلك، هناك تباين حول تجارة بعض الدول الأوربية مع الصين حيث لم تخفِ الحكومة الألمانية بوجود نية للتعامل مع الصين بمقاربة جديدة تقوم على التعاون الثنائي على غرار دول أخرى أوربية عززت العلاقة مع بكين.

وهذا يمثل انقسامًا واضح المعالم في دعم القضية الأوكرانية بين محور -هو الأكبر- مؤيد لدعم كييف بالأسلحة والمواجهة العسكرية في حال حدوثها وأخرى مثل؛ ألمانيا تفضل سياسة الانحياز لدعم مكاسبها الاقتصادية، فهناك تخوف لدى برلين من قطع خطوط إمدادات الغاز الروسي إلى عمق القارّة حيث يُقدر حجم الغاز الروسي من حيث تأمين الاحتياجات الغربية بين 50-70 بالمئة، كما هناك توجس لدى الحكومة الاشتراكية الديمقراطية من مصير مشروع “نورد ستريم” بين روسيا وألمانيا.

على الضفة الأخرى تشارك كل من كندا والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا الدول الاسكندينافية والبلطيق المخاوف إزاء التهديدات الروسية وهذا يمثل انقساما بين محورين في الاتحاد الأوربي، فرنسا وألمانيا مؤسستا الاتحاد (1951).

تركيا: سياسة وحسابات معقدة بين سوريا وأوكرانيا

تتعقد الحسابات التركية اتجاه الأزمة في أوكرانيا بين موازنة تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية وأهدافها بالانضمام إلى الاتحاد الأوربي بالتالي التأكيد على حرصها على أمنه، وبين علاقتها المتقدمة مع روسيا التي نمت في الربع الأخير من العام (2015) وتوقيع اتفاقية سوتشي (2018) وملاحقها.

مع ذلك، شهدت العلاقات الأوكرانية-التركية تقدماً ملحوظاً خلال الأعوام القليلة الماضية في موقفٍ يعكس السياسة التركية حول إدارتها لمنافعها عبر عدم حسم موقفها السياسي والاصطفاف الكامل مع محور ما على حساب الآخر، حيث زودت أنقرة وفق صفقة مع كييف طائراتها المسيرة” Bayraktar TB2″ التي اشتهرت في معركة إدلب الأخيرة “درع الربيع” في إطار تأكيدها المستمر على موقفها من الأزمة الأوكرانية ودعمها لوحدة الأراضي الأوكرانية وتبعية جزيرة القرم لكييف.

كما يجدر القول بأنَّ العلاقات الروسية التركية في أحسن أحوالها على كافة المستويات، فمن حيث العلاقات التجارية بين الدولتين بلغَ التبادل بنحو 30 مليار دولار خلال العام (2021) وتهدف لرفعها لـ 100 مليار خلال العام الجاري، كما استطاعت تركيا تنويع مصادر طاقتها من خلال التعاون الثنائي عبر بناء محطة الطاقة النووية “أكويو” والاعتماد على موسكو في توريد الغاز لها عبر مشروع أنابيب (ترك ستريم) وهو خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى كل من تركيا وأوروبا عبر البحر الأسود، كذلك الأمر عسكرياً حيت تطورت العلاقات بعد حصول تركيا على منظومة الصواريخ الروسية “إس- 400” ما أدى لتعكير صفو العلاقات الأمريكية- التركية بعد الخروج من صفقة تصنيع الطائرات “إف-35” الأميركية القتالية، كما شهد تطور العلاقات الثنائية انعكاساً ملحوظاً على ملفات في سوريا بعد ما يقارب من عامين على إجراءات بناء الثقة في منطقة خفض التصعيد الأخير والولوج في العملية السياسية، وفي أذربيجان بعد توقيع اتفاقية السلام نهاية العام (2020) والتوصل لحكومة وحدة وطنية في ليبيا (2021) لكن مع ذلك ما زالت موسكو تفرض واقعاً مختلفاً عن رؤية أنقرة وتشكل تهديداً أمنياً مستمراً لها.

لذلك، تعوّل تركيا على التقليل من فوارق القوّة في إطار النزاعات الإقليمية المتداخلة مع روسيا في كل من سوريا وأذربيجان وليبيا عبر الضغط على روسيا في محيطها الإقليمي من خلال الموقف السياسي والدعم العسكري لأوكرانيا على أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير في السياسات الروسية ولا سيما في سوريا ما يتيح فرصة عقد صفقة مربحة على اعتبار أن دعم روسيا لمجموعات إرهابية والنظام السوري يهدد المصالح الأمنية لأنقرة لذلك تحاول كسب ورقة تفاوضية في أوكرانيا تنطلق من ذات المحدد الروسي في سوريا وربما قد يفضي ذلك إلى تفاهمات جديدة.

وبالفعل كانت سوريا من أكثر المستفيدين من الحرب العالمية الثانية وتداعياتها الدولية واختلاف الأطراف ولا سيما الألمانية والفرنسية من جهة ومن ثم الفرنسية البريطانية وبروز الولايات المتحدة، وربما كانت هذه الحرب من الأسباب الرئيسية التي ساعدت سوريا على خطف الاستقلال (1946).بالتالي، من الوارد أن تكون الأزمة الأوكرانية التي تعتبر الأكبر منذ نهاية الحرب الباردة (1991) من أفضل الفرص والتي قد تصب في صالح المعارضة السورية، مع تشتيت التركيز الروسي والدولي على أوكرانيا ووجود الرغبات التركية بالاستفادة من الحالة الراهنة شديدة التعقيد.

ما يعني إمكانية وجود ملامح لتشكيل مواقف جديدة من قبل الفاعلين الدوليين والإقليميين حيال الملف ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية في إطار الضغط على موسكو وقد يكون ذلك بصورٍ مختلفة منها تطوير استراتيجيات الوجود الأمريكي في سوريا من محددات أمنية إلى أخرى عسكرية تهدف للضغط على القوات الروسية، وبالتالي توحيد المعارضة للضغط على النظام، ما يهدد التفاهمات الثنائية بين موسكو وأنقرة. وانطلاقاً من هذه المعطيات تبرز أهمية الأزمة الأوكرانية بسبب تداخلها مع ملفات دولية متشابكة.

الخاتمة:

بصرف النظر عن نتائج الأزمة الأوكرانية يبرز للواجهة مشهد دولي جديد في الميزان العالمي يؤكد صعود روسيا كقوة قطبية ضاربة والذي بدأ مع الأزمة الجورجية وعدم اكتراث الولايات المتحدة لتداعياتها ومن ثم الضبابية الإستراتيجية في التعامل مع تمدد وفعالية روسيا خلال العقد الأخير من قبل الإدارة الأمريكية المتعاقبة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

يبدو أنَّ المعطيات المتوفرة تُشير إلى أنّ الأطراف بغنىٍ عن أي صدامٍ عسكري وشيك قد يقع في كييف، بالتالي من الوارد جداً أن تصل الأطراف إلى تفاهمٍ مشترك يقوم على تحييد محيط روسيا من أي نشاطٍ للناتو وتقديم إجراءات بناء الثقة عبر ضمانات لروسيا في هذا الشأن مقابل الإحجام عن أي عملية عسكرية ما يعني نزع فتيل الأزمة بأقل الخسائر الممكنة مع ذلك هذا لن يغير في شخصية روسيا الدولية الجديدة ما يمنحها مزيداً من الثقة لمنافسة شكل نظام القطب الواحد المحدد الذي تنطلق منه مع الصين في مواجهة واشنطن، وهذا قد يدفع الأخيرة لإعادة النظر بالسياسات التي قام بطرحها “جورج كينين” مهندس الحرب الباردة منتصف التسعينات من القرن المنصرم محذراً من تداعيات توسع الناتو في محيط روسيا الإقليمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.