بعد عشر سنوات على إطلاق حملة إنقاذ عالمية ومحلية لمدينة عمريت الفينيقية، طغت صور معبد عمريت الأثري في طرطوس وقد تم ترميمه بالإسمنت والقرميد الأحمر، في تصرف رأه المعنيون بالآثار أنه “غير مبرر”، بعد أن شاءت الأقدار أن تكون عمريت المدينة الفينيقية الوحيدة الباقية في العالم، ولم تبن على أنقاضها أي حضارة لاحقة.

هاو يرمم المعبد

نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي المهتمون بالآثار، صورا لمعبد عمريت القديم في طرطوس، والذي أعيد بناؤه بالإسمنت والطوب الأحمر.

وتكشف الصور التي اطلع عليها “الحل نت”، عن مجموعة متنوعة من الأشكال والألوان على الجدار الأثري القديم، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 3000 عام، وهو أحد أهم المواقع الأثرية والمعمارية في سوريا والعالم.

كما تكشف الصور، إصلاح الرتق بالطوب الأحمر من الخارج، ما يدل على أن الشخص الذي أنهى الإصلاح كان مبتدئا أو هاو في عالم الخرسانة السوري.

للقراءة أو الاستماع: اهتمام روسي بالسيطرة على الآثار السورية.. ما حقيقة المطامع؟

عمريت منبوذة منذ سنوات

أوضح الخبير في علم الآثار، سليمان العيسى، لـ”الحل نت”، أن بعثات التنقيب الوطنية والمشتركة غابت عن المدينة لعقود طويلة، في حين قامت دائرة الآثار السورية التي تفتقر للعديد من المقومات بتدمير المدينة ودفنها تحت إسمنت المشاريع السياحية.

وأشار العيسى، إلى أنه طوال الفترة السابقة، لم يعلن أو يسمى الموقع كمحمية تراثية. كما لم يتم التنقيب فيه وإجراء دراسات مسحية وتسجيل للقى الأثرية الموجودة فيه كونه يمثل تراثا حضاريا وثقافيا وإنسانيا كجزء من تاريخ سوريا وبلاد الشام.

وأوضح العيسى، أن سوريا التي تضم بعض أقدم المدن والمواقع الأثرية في العالم وأكثرها ثراء ثقافيا، تعاني حاليا من دمار كبير. في حين تم الإبلاغ عن الأضرار في جميع مواقع التراث العالمي لليونسكو في سوريا، وهذا مجرد غيض من فيض. 

وقد تفاقم الوضع منذ أن استولى جهاديو تنظيم داعش، الذين اعتبروا أن الاهتمام بالقبور والآثار غير الإسلامية عبادة وثنية. وعلى مساحات شاسعة من سوريا، دمروا مواقع وحرقوا العديد من المخطوطات والمحفوظات النفيسة في البلاد.

وأظهر معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (اليونيتار)، أن 24 موقعا قد دمرت تماما في سوريا. وأن 189 موقعا تضررت بشدة، كما تضررت 77 موقعا آخر في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وربما تعرضت للنهب والسرقة.

وفي طرطوس وحدها، ذكر مروان حسن، مدير آثار المدينة، أنه تم سرقة أكثر من 1300 قطعة أثرية العصر الكلاسيكي والإسلامي، وتهريب هذه القطع الأثرية إلى خارج البلاد.

اقرأ المزيد: بحجّةِ ترميم آثار تدمر.. روسيا تسعى للسَّيطرة على مناجمِ الفوسفات وحقول الغاز في سوريا

ما هو موقع عمريت الأثري؟

عمريت هو موقع فينيقي قديم يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا. فبعد أن استقر الفينيقيون في جزيرة أرواد، على بعد مسافة قصيرة من الشاطئ، أنشأ الفينيقيون بعد ذلك عددا من المستوطنات في المناطق المحاذية للبحر.

وبدأت أعمال التنقيب في الموقع بشكل أساسي في عام 1860. وتم إجراء الحفريات مرة أخرى في عام 1954 من قبل عالم الآثار الفرنسي موريس دوناند . وتشير المكتشفات الخزفية في عمريت إلى أن الموقع كان مأهولا بالسكان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. 

كما تم التنقيب عن “مقابر صوامع” من العصر البرونزي الأوسط والمتأخر، وتتراوح محتوياتها من أسلحة إلى بقايا بشرية أصلية. وأسفرت الحفريات في المقبرة جنوب المدينة عن العديد من هياكل المقابر. ويعتبر الفن الجنائزي الموجود في بعض المقابر ذات الأبراج الهرمية أو المكعبة من “أهم المعالم الأثرية في العالم الفينيقي”. 

وكشفت الحفريات أيضا، عن ميناء المدينة القديم. وملعب على شكل حرف U يعود تاريخه إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد ويبلغ طوله حوالي 230 مترا.

وأُدرجت عمريت في قوائم مراقبة الصندوق العالمي للآثار لعامي 2004 و2006 للمواقع الأثرية المهددة بالانقراض. ولفت الصندوق الانتباه إلى التدهور السريع للموقع بسبب التخريب والتعدي على التنمية. ففي عام 2006 تم تنظيم ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام بمشاركة من منظمة اليونسكو والمديرية العامة للآثار والمتاحف السورية والإداريين المحليين المسؤولين عن مواقع عمريت وطرطوس وأرواد.

والجدير ذكره، أن هناك قلق متزايد في المجتمع المحلي والدولي من أن روسيا ربما تسعى للسيطرة على الآثار السورية في مناطق معينة على حساب أخرى للحفاظ عليها. ومن المرجح، أن يؤدي تدخل روسيا في سوريا إلى تراجع التراث الأثري السوري والمواقع التاريخية التي لا تهتم بها روسيا.

اقرأ أيضا: استرجاع آثار تدمر من سويسرا.. “الحل نت” يكشف طريق تهريب الآثار إلى أوروبا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.