ردا على ما تردد عن اتخاذ سوريا ولبنان خطوات لوقف استخدام الدولار (الأبيض) القديم، نفى مصرف سوريا المركزي إصداره أي توجيهات رسمية تقيد عمليات شركات الصرافة بعملة الدولار الأميركي ذي البيضاء أو الزرقاء، ما طرح تساؤلا حول كيفية سماح الحكومة بانتشار السوق السوداء في البلاد؟

هيمنة السوق غير القانونية

أوضح مصرفيون في البنك المركزي، أنه ليس هناك شك في أن الأشخاص الذين يعملون في السوق غير المشروعة للتحويلات ينشرون هذه المفاهيم الخاطئة، عن طريق تسليم تحويلاتهم بالدولار القديم، ثم ينشرون الإشاعات لإعادة شرائها بالتكلفة الرخيصة مرة أخرى.

ونتيجة لذلك، قال المصرفيون، في تصريح لموقع “الاقتصادي” المحلي، أنهم خلصوا إلى أن “هذه اللعبة قد تم الكشف عنها، ويجب على السكان توخي الحذر، حيث لا توجد أوامر رسمية بمنع التعامل بأي شكل من أشكال الدولار، سواء من سوريا أو أميركا، الدولة التي لها سلطة في تقييد التداول بالعملة”.

بيّن البنك المركزي، أن الصرافيين يرفضون قبول الدولار في السوق السوداء، لأنهم يزعمون أنه لا يدخل البنوك ولا يعود إلى البنك المركزي الأمريكي، وبالتالي يبقى لديهم دون قدرتهم على تصريفه.

تأتي هذه التصريحات، بعد أن أثيرت شكوك حول أوراق الدولار الأبيض، والتي يُشار إليها بـ “الدولارات القديمة” بسبب الطباعة أو الاصفرار أو التآكل الجزئي، إذ سيطر على سوق صرف المال السوري خوف غير مسبوق بسبب رفض تداوله.

ففي دمشق، يرفض معظم الصرافين شراء الدولار الأبيض لأنه قديم، ويجبرون العملاء على الاختيار بين خيارين؛ إما استبدالهم بأوراق عملات أخرى بالدولار الأزرق (أي إصدار جديد)، أو قبولها مقابل رسوم باهظة تصل إلى 10 بالمئة على كل مائة دولار.

للقراءة أو الاستماع: خسائر تجارية كبرى في الاقتصاد السوري بمليارات الدولارات

سياسة تجفيف السيولة

ولا يستبعد الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، في حديثه لـ”الحل نت”، أنه نتيجة لركود النشاط التجاري والصناعي، وانسحاب عدد من صغار المستثمرين والتجار من السوق، وجهت الحكومة جهودها للسيطرة على الأسواق، عبر تجفيف السيولة النقدية، ومصادرة الكتل النقدية من فئة الدولار الجديد.

وتوقع الحمصي، أن البنك المركزي، اتخذ سياسة اقتصادية تُعرف باسم “امتصاص السيولة”، أو “تجفيف السيولة”. وهي سياسة يتحكم فيها مسؤولو الدولة في مقدار الأموال المتاحة للشراء في السوق عن طريق تقييد الإقراض. ويتبعها خفض السيولة المصرفية، وزيادة الاحتياطي الإلزامي للدولة  في البنوك العاملة.

وتحافظ الليرة السورية على نوع من الاستقرار في قيمتها أمام العملات الأجنبية منذ عدة أشهر. إذ يساوي الدولار الأميركي نحو 3650 ليرة سورية في السوق الموازية (السوداء)، بينما يبلغ سعر الصرف الرسمي 2512 ليرة للدولار الواحد.

وطبقا لبيانات موقع “الليرة اليوم”، فقد سجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية خلال تداولات اليوم الثلاثاء، ارتفاعا جزئيا في عموم المحافظات السورية وحافظ على استقراره في إدلب.

فارتفع سعر صرف الدولار في دمشق، بمقدار 5 ليرة واستقر عند سعر شراء 3615، وسعر مبيع يبلغ 3650 ليرة للدولار الواحد. بمدى يومي بين 3645 و 3650 ليرة. أما في مدينة حلب فقد استقر عند سعر شراء يبلغ 3610، وسعر مبيع يبلغ 3645 ليرة سورية للدولار الواحد. بمدى يومي بين 3640 و 3645 ليرة.

وبالنسبة إلى إدلب، فقد استقر صرف الدولار عند سعر شراء يبلغ 3650، وسعر مبيع يبلغ 3690 ليرة للدولار الواحد.

للقراءة أو الاستماع: سحب الدولارات من جيوب الناس.. اعتقال صرافين وأصحاب شركات في سوريا

التحايل المالي داخل سوريا

والجدير ذكره، أن أزمة الدولار الأبيض والأزرق ظهرت خلال العام الفائت، في كل من فلسطين ولبنان واليمن وليبيا. وأصدرت حينها السلطات هناك توضيحا عن مراقبتها لتمييز بعض الصرافين بين الدولار الأبيض والأزرق.

ودفعت البلبلة آنذاك، السفارة الأميركية في بيروت لإصدار بيان. وأكدت فيه أن كل تصاميم الاحتياطي الفدرالي الورقية عملة قانونية صالحة للمدفوعات بغض النظر عن تاريخ إصدارها. وتشمل جميع الفئات الورقية من سنة 1914 إلى اليوم.

وفي حديث سابق مع “الحل نت”، أوضح، منذر السرحان، القاطن في حي القدم بدمشق، أن شركات الصيرفة في دمشق، ترفض بشكل قاطع التعامل بالدولار الأبيض بحجة أنه قديم. كما إن المحال ذاتها ترفض إرسال الحوالات من ذات الصنف. إلا باقتطاع مبلغ عمولة يتراوح بين 5 إلى 10 بالمئة من قيمة العملة المودعة.

ولجأ السوريون إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة للتعبير عن إحباطهم من أن الصيارفة كانوا يرفضون قبول العملة القديمة. وفي بعض الحالات يعرضون شراء الأوراق النقدية، التي تفتقر إلى أحدث الإجراءات المضادة للتزوير، بسعر مخفض. وهذه الممارسات تفتقر إلى الأسس القانونية.

الطبعة البيضاء من ورقة المئة الدولار، سميت بذلك لأن اللون الطاغي عليها يميل إلى الأبيض. بينما تسمى الطبعة الجديدة من ورقة المئة دولار بالطبعة الزرقاء، لأن اللون الطاغي عليها يميل إلى الأزرق.

الجدير ذكره، أنه منذ بداية عام 2013، أصدرت الولايات المتحدة عملة جديدة بقيمة 100 دولار، معروفة بشكل غير رسمي باسم “الدولار الأزرق”. والتي تتميز بشريط أزرق ثلاثي الأبعاد منسوج في وسط العملة، بدلا من العملة القديمة المعروفة باسم “الدولار الأبيض”.

للقراءة أو الاستماع: الدولار الأبيض يزيد من معاناة السوريين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.