بامتيازات خاصة ودعم كبير تلقاه من مؤسسات الدولة، تقترب شركة “وفاتيل” من إطلاق خدماتها للجمهور السوري خلال شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل، في ظل تقديم عوامل مسبقة للنجاح والسيطرة على سوق الاتصالات السورية.

مصادر خاصة أفادت لـ”الحل نت” أن إطلاق المشغل الثالث في سوريا، يعزز من نفوذ تيار أسماء الأسد الاقتصادي، حيث تعود ملكية الشركة له والمفوض عنها هو يسار إبراهيم، الذي يحظى بثقة أسماء زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، وسيكون هو أحد الأطراف التي ستقود المرحلة الاقتصادية الجديدة، تحت عنوان “اقتصاد العائلة”، في وقت تحتاج فيه الأخيرة إلى رجل يعيد ضبط “اقتصاد الحرب” ويجعله يدار من غرفة واحدة، بعد سنوات طويلة من سيطرة رامي مخلوف.

“وفاتيل” بعد “إيماتيل”

أعلنت الحكومة السورية، منتصف الأسبوع الجاري، عن دخول مشغل ثالث للاتصالات الخليوية “وفا تيليكوم”، إلى جانب المشغلين “سيريتل” و”إم تي إن”.

وقال وزير الاتصالات والتقانة السوري، إياد الخطيب، في مؤتمر صحافي “تم منح الترخيص الإداري الإفرادي للمشغل الخليوي الثالث، لتشغيل شبكة الاتصالات العمومية الخليوية في سوريا باسم وفا تيليكوم”.

وأضاف أنه “تم تأجيل إطلاق المشغل وفا، عدة مرات بسبب الأوضاع الأمنية التي تمر فيها سوريا. نبني على إطلاق المشغل الثالث آمالا كبيرة في تحسين واقع الاتصالات الخلوية في سوريا، وخاصة بعد الأضرار التي لحقت ببناها التحتية”.

كما أوضح الخطيب أن عدد المشتركين على المشغلين الحاليين، “سيريتل” و”إم تي إن”، يقارب 16 مليونا وأن إدخال المشغل الثالث يهدف إلى تحسين واقع الاتصالات في سوريا، وإعادة الخدمة، لما كانت عليه قبل عام 2011، وفق تعبيره.

كانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، وافقت على النظام الأساسي لشركة “وفاتيل”، برأسمال 10 مليارات ليرة سورية، رغم تدهور الاقتصاد السوري، وضعف سوق الاتصالات وعدم وجود نمو سكاني أو قطاع أعمال يتطلب وجود مشغل اتصالات جديد.

بين عامي 2018 و 2019 تداولت تقارير صحفية مساع جديدة لوزارة الاتصالات من أجل تمرير الموافقة على دخول مشغل اتصالات ثالث، إلا أنها اختلفت على هوية المشغل الجديد بين شركة ذات تبعية إيرانية أو سوريّة تابعة لأسماء الأسد (إيماتيل)، إلا أن العقوبات الأميركية التي طالت “إيماتيل” دفعت على ما يبدو التيار الاقتصادي التابع لأسماء الأسد، إلى تشكيل شركة جديدة حملت اسم “وفاتيل”.

تم منح المشغل الجديد للاتصالات، إمكانية الاستفادة من شبكات المشغلين ”سيريتل و إم تي إن“، العاملين حاليا، ليتم خلال هذه الفترة إنجاز وتركيب الأجهزة الخاصة به، واستكمال البنية التحتية اللازمة له في العام الثالث كحد أقصى.

منافع متعددة

إن المشغل الجديد ليس له أي بنية تحتية حتى الآن، والمقصود بالبنية التحتية، الأبراج، والكابلات الضوئية، والتجهيزات التقنية الأخرى، ولذلك أعطي إمكانية العمل على تجهيزات المشغلات القديمة، وهذا ما سيؤدي إلى الحصول على تكلفة البنية التحتية بعد عامين، كما هو محدد من خلال العمل على تجهيزات المشغلات القديمة، أي من الناحية الاقتصادية دون أن تتحمل الشركة الجديدة أي تكاليف تذكر.

ستمكن هذه الخطوة أصحاب رأس مال الشركة من استخدام المبلغ المرصود للمشغل الجديد من تشغيلها في مشاريع أخرى، وبذلك يكونوا قد نجحوا بالاستفادة من عدة مشاريع في آن معا.

ما أن يبدأ انطلاق المشغل الثالث في كانون الأول/ديسمبر المقبل، فإن أداء المشغلين “سيريتل، إم تي إن” سيضعف أكثر فأكثر، فإلى جانب تعرض “سيريتل، إم تي إن” لخسائر متعددة خلال سنوات الحرب، وخروج عدد من أبراجها عن الخدمة، فإن “وفاتيل” ستستخدم أبراج الشركتين، فضلا عن عدم حاجتها لشراء معدات تشغيل جديدة أو تجهيزات لوجستية بسبب اعتمادها على البنى التحتية الموجودة لدى “سيريتل، إم تي إن”، ما يعني ضعف جودة الخدمات المقدمة، وانعدام المنافسة مع الشركات الأخرى، وفق حديث المحلل الاقتصادي، محمد لومان، لـ”الحل نت”.

سيطرت الشركتان آنفة الذكر على سوق الاتصالات حتى عام 2010 بشكل مطلق، (تأسست سيريتل عام 2000، و إم تي إن عام 2007) إلى أن سمحت الهيئة الناظمة للاتصالات باستلام مناقصات جديدة لدخول مشغلات اتصالات أخرى غير تلك التي سيطرت على السوق بزعامة من رامي مخلوف.

وورد آنذاك عروض من شركات، “الاتصالات” السعودية، و”كيوتل” القطرية، و”فرانس تيليكوم” الفرنسية، و”توركسل” التركية، و”اتصالات” الإماراتية، إلا أن الأوضاع الأمنية أواخر عام 2011 حال دون دخول أي من مشغل جديد.

في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تفاصيل خفية عن الحملة التي أطلقها بشار الأسد للاستيلاء على شركات الهواتف المحمولة والآلية التي اتبعها لسحب البساط من تحت شركتي “إم تي إن” و”سيريتل”، إضافة إلى الشخصية التي باتت تتحكم بمقاليد ذلك القطاع الحيوي.

وقالت الصحيفة في تقرير مطول إن السوريين الخمسة الذين اعتقلتهم المخابرات من منازلهم ليلا بشكل متزامن العام الماضي ليسوا من المسلحين أو الجواسيس أو مشتبه في عدم ولائهم لبشار الأسد. ولكن، كانوا أهدافا في مرحلة جديدة يائسة من معركة حكومة دمشق في البحث عن المال.

كان الخمسة جميعا مسؤولين تنفيذيين في ثاني أكبر شركة للهواتف المحمولة في سوريا، “إم تي إن”. كانت اعتقالاتهم جزءا من حملة قاسية شنها الرئيس السوري للاستيلاء على أصول “إم تي إن”، وفق الصحيفة جنبا إلى جنب مع كل مصدر دخل آخر ذي مغزى في الاقتصاد السوري المحطم.

تم إخضاع “إم تي إن” في النهاية بعد ضغوط مطولة أعقبها تلك الاعتقالات بمطالبات بمدفوعات بملايين الدولارات، وتهديدات بإلغاء رخصة تشغيل الشركة وحكم قضائي مشكوك فيه ووضع أحد الموالين لحكومة دمشق مسؤولا عن الشركة، كما هو الحال ذاته تجاه “سيريتل” في وقت سابق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.