تتصاعد المعارك في أوكرانيا بعد دخول القوات الروسية الأراضي الأوكرانية، ومحاولتها السيطرة على العاصمة كييف، وسط اشتباكات عنيفة، تمكن خلالها الجيش الأوكراني من صد هجوم روسي استهداف وسط العاصمة كييف.

من جهة ثانية، بدأت بعض مواقف الدول الأوربية بالتغير اليوم، نحو دعم القوات الأوكرانية ببعض الأسلحة النوعية، حيث أعلنت هولندا أنها قامت بإرسال 200 صاروخ ستينغر المضاد للطائرات إلى الجيش الأوكراني، ما يعطي مؤشرا على تصعيد مضاد ضد روسيا، قد تزداد وتيرته إذا استمرت الهجمة الروسية بالشكل الحالي.

وعلى الساحة الدولية، تتصاعد الإدانات للغزو الروسي من قبل الغرب، ودول أخرى كأستراليا، واليابان، بينما تؤيد دول أخرى قرار الرئيس الروسي بوتين بالغزو، مثل الصين التي تعتبر أن لها حقا بالسيطرة على تايوان، وكوريا الشمالية وإيران الحليفين التقليديين لموسكو، وسوريا الخاضعة عسكريا وسياسيا لروسيا، من خلال التواجد العسكري الروسي فيها، والسيطرة الفعلية على القرار السياسي، والتحكم بمسار الحل السياسي للأزمة السورية المشتعلة منذ أكثر من 10 سنوات.

هل هناك صفقة روسية- غربية حول أوكرانيا وسوريا؟

نتيجة لما يجري حاليا في أوكرانيا، والموقف الرسمي السوري المؤيد كليا لبوتين، بدأت بعض التكهنات حول إمكانية عقد صفقة بين روسيا والغرب، في المرحلة المقبلة، تطلق يد روسيا في أوكرانيا، مقابل قيام روسيا بالعمل جديا لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية.

يقول المحامي والكاتب، حسان الأسود، لموقع”الحل نت”، أنه لا يعتقد أن الروس سيغيرون من مقاربتهم في الملف السوري، خاصة أن زيارة وزير الدفاع الروسي الأخيرة لدمشق كانت قبل بدء الغزو، وكانت تتمحور حول صفقة معاكسة لما أعلنه إعلام دمشق، وتنص على أن الروس عرضوا على الأميريكيين تغيير قواعد العمل السياسي، وتغيير أسلوب التعامل في سوريا، مقابل السماح لهم بالدخول إلى أوكرانيا، ولكن الأمريكيين رفضوا هذا العرض، وهذا ما سيدفع الروس للتشدد أكثر في الملف السوري، على اعتبار أنهم سيتعرضون لضغط أكبر من المجتمع الدولي.

وأوضح الأسود، أنه وبكل الأحوال، سيكون انعكاس ما يجري في أوكرانيا على سوريا سلبيا في الوقت الراهن، فالملف السوري مجمد أصلا، وأفضل ما سيحدث أنه يتم تحريكه قليلا، فالأميريكيون والأوربيون، لديهم اهتمام بأوكرانيا، أكثر من سوريا، فأوكرانيا دولة أوربية ديمقراطية، والخطر عليها يعني الخطر على الاتحاد الأوربي، وبالتالي من الصعب تخيل مقايضة بينهم وبين الروس على ساحة خارجية بعيدة عن التأثير على أوربا.

إقرأ:ما هي تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا على المساعدات الإنسانية في سوريا؟

أما الباحث في الشأن الروسي، طه عبدالواحد، يرى خلال حديثه لموقع”الحل نت”، أن سوريا ربما تكون في عين العاصفة في المواجهة الدائرة في أوكرانيا، بين روسيا والغرب، لكن لا يعتقد أن روسيا تتجه بالتعاطي في الملف السوري بطريقة المقايضة، أي أن تدعم حلا حقيقيا في سوريا، مقابل تخلي الغرب عن أوكرانيا.

ويضيف عبدالواحد، أن سوريا قاعدة مهمة جدا لروسيا في هذه المواجهة لأن فيها قواعد روسية مهمة من الناحية الاستراتيجية، فهناك قواعد بحرية وجوية وبرية متعددة منها القواعد في شمال شرق سوريا، حيث يوجد انتشار محدود للقوات الأميريكية، وتعتبر هذه المنطقة منطقة نفوذ أميريكي، عبر التعاون مع بعض القوى الكردية هناك.

ويعتقد عبدالواحد، أنه على العكس مما يعتقد البعض بمقايضة في الوقت الحالي، فإن روسيا ستذهب إلى التعاطي مع الملف السوري من منطلق الأهمية الاستراتيجية لوجودها في سوريا، ونظرا لأن حكومة دمشق تضمن وجودها في سوريا، فالمواجهة الحالية في أوكرانيا سيكون لها أثر سلبي في الوقت الراهن على الملف السوري.

قد يهمك:كيف سيتأثر الاقتصاد السوري من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

ما انعكاسات الضغط الغربي في أوكرانيا على الملف السوري؟

بدأت الضغوط بالتزايد على روسيا بعد بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا، خاصة من ناحية العقوبات التي فرضت منها عدة حزم من قبل الغرب، ولكن مع ترك الباب مواربا لإمكانية إيجاد حل مبني على مفاوضات لإنهاء الصراع في أوكرانيا، لكن لا يمكن التكهن بمدى انعكاس الضغوط على روسيا على الملف السوري في ظل عدم وضوح الموقف الدولي الراهن حياله.

حيث يعتقد حسان الأسود، أن الموقف الروسي في أوكرانيا سيكون أكثر تعقيدا مما توقع بوتين وقيادته العسكرية، لأن الموقف الدولي شبه موحد، حتى وإن كانت ردة فعله ضعيفة حتى الآن، ولكن من المؤكد أنه سيشهد تصعيدا خلال الأيام القادمة، ولكن ذلك يعتمد على مقاومة الأوكرانيين وصمودهم، والدعم المقدم لهم لوجستيا وسياسيا من الغرب.
ويرى الأسود، أن هذا الضغط سينعكس بشكل سلبي على ما تبقى من قوى معارضة سورية، حيث سيعتمد الروس بشكل أساسي على الميليشيات الإيرانية والجيش السوري، ما سيخلق واقعا عسكريا وأمنيا جديدا.

أما عبد الواحد، فيرى، أنه حتى وإن اتجهت لحل سياسي في سوريا، فستعمل على ضمان أن تكون السلطات في سورية وإن كانت جديدة لها موقف حكومة دمشق الحالي من الوجود العسكري الروسي في سوريا، وأن تكون لروسيا كامل التحرك في سوريا كما هو الحال الآن، وهذا الخيار الثاني لروسيا، أما خيارها الأول والقائم حاليا فهو مواصلة جهودهم من أجل الإبقاء على الحكومة الحالية في سوريا.

إقرأ:بدأت الحرب.. بعد أشهر من التوترات روسيا تغزو أوكرانيا

يبقى الملف السوري هو الملف الثانوي المطروح على طاولات الحلول الدولية، فروسيا لن تتنازل عنه بسهولة ما لم تضمن كامل مصالحها في سوريا، والغرب غير معنيين بالدخول في أي صراع تحت أي نوع لإيجاد حل للملف السوري، حيث أن كل أهدافهم في سورية محققة دون أن يكلفهم ذلك ثمنا كبيرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة