النفوذ الإيراني بكردستان العراق: هل حسم “الاتحاد الوطني” قراره بالابتعاد عن طهران؟

النفوذ الإيراني بكردستان العراق: هل حسم “الاتحاد الوطني” قراره بالابتعاد عن طهران؟

يتحدث كثيرون عن النفوذ الإيراني بكردستان العراق. ويُتهم عادة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يسيطر على محافظة السليمانية في إقليم كردستان، وصاحب النفوذ القوي في محافظة كركوك، باحتفاظه بعلاقات أكثر من عادية مع طهران.
رغم هذا يبدو أن حزب الاتحاد الوطني يقود حاليا حملة لتقليم مخالب النفوذ الإيراني بكردستان العراق. لدرجة يصف فيها بعض الباحثين ابتعاد الحزب عن الأجندة الإيرانية بـ”موسم الهجرة من طهران”، بسبب إدراك قيادات الحزب الأساسية بأن التغلغل الإيراني لم يعد له مستقبل في العراق، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة، التي تكبدت فيها القوى الموالية لطهران خسائر كبيرة.  

سياسة حزب الاتحاد الوطني الجديدة، قد تفتح الباب لأحزاب أخرى لتقليل النفوذ الإيراني في صفوفها، وعدم الاستجابة لمطالبه. سواء حول تشكيل الحكومة الجديدة، ومنصب رئاسة الجمهورية العراقية، أو حول كافة القضايا الأساسية الأخرى في المشهد السياسي العراقي.

مواجهة النفوذ الإيراني بكردستان العراق لتقوية البيشمركة

“الولايات المتحدة الأميركية اشترطت على الحزبين الكرديين الأساسيين،  الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، مواجهة النفوذ الإيراني بإقليم كردستان العراق، مقابل دعم قوات البيشمركة” بحسب رأي محمد جهاد، الصحفي المختص بالِشأن الكردي.

ويقول جهاد في حديثه لـ “الحل نت”: “بعدما سيطر تنظيم داعش على مناطق محاذية لإقليم كردستان عام 2014، اتضح ضعف التسليح العسكري للبيشمركة”.  مبينا أن “الحزبين الكرديين طلبا من الولايات المتحدة تسليح قوات البشمركة تحسبا للمخاطر المستقبلية”.

وأضاف أن “الادارة الأميركية اشترطت على حكومة إقليم كردستان، وعلى قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل خاص، توحيد صفوف القوات الكردية، وإبعادها على النفوذ الإيراني. وهذا ما فعله بافل طالباني، رئيس الاتحاد حاليا، من خلال إبعاد الاجنحة العسكرية للحزب عن قياداته السياسية، وجعل قرارها بيده شخصيا. مما أضعف النفوذ الإيراني داخل الحزب”.

طهران ستقاوم مساعي الاتحاد الديمقراطي للابتعاد عن نفوذها

ومن وجهة نظر جهاد “أن يكون هناك شخص واحد لإدارة الاتحاد أفضل بكثير من أن يكون القرار بيد عدة أشخاص، منهم من لديه ولاء لإيران”. مؤكداً أن “خطوة بافل طالباني أسعدت الإدارة الأميركية وحلفاءها من الدول الغربية. عكس إيران، التي تحاول عرقلتها”.

من جهته أوضح مصدر مطلع على شؤون الاتحاد الوطني الكردستاني أن “الحزب ماضٍ في الابتعاد عن النفوذ الإيراني بكردستان العراق، بغرض ضمان دعمه سياسيا وعسكريا من قبل الإدارة الأميركية والدول الغربية”.

وقال المصدر لـ”الحل نت” إن “النفوذ الإيراني واضح وكبير داخل صفوف الاتحاد. سواء على مستوى صانع القرار، أو على مستوى مسؤولي المفاصل المهمة فيه، مما أثر كثيرا في الماضي على سياسة الاتحاد. وجعله يخسر على المستوى الشعبي، فهو قد فقد كثيرا من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، واضطر للتحالف مع القوى الشيعية الموالية لإيران في تشكيل الحكومة”.  

مقالات قد تهمك: الصراع على الحكومة العراقية: هل تقوم إيران بإشعال مدن الجنوب للضغط على الصدر؟

مضيفا أن “هذه التخبط دفع قيادة الاتحاد للإسراع بحسم وتصفية كل الأجنحة العسكرية والمتنفذين بالقرار السياسي الموالين لطهران. لكي تكون جهة واحدة هي المسؤولة عن الحزب”. متوقعا أن “يشهد الاتحاد بعض المشاكل، في سياق محاولات البعض منع ابتعاده عن السياسة الإيرانية. لكن قيادة الحزب مصرة على المضي بقرارها، وتعتبره منقذا لمستقبل الحزب، سواء بإقليم كردستان أو في عموم العراق”.

يذكر أن الاتحاد الوطني الكردستاني عانى بعد رحيل مؤسسه جلال طالباني من التشظي والخلافات الداخلية، حول من يرسم سياسة الحزب، سواء داخل إقليم كردستان، أو العراق بشكل عام.

طبيعة النفوذ الإيراني اختلفت بعد مقتل سليماني

إلى ذلك قسّم الباحث بالشأن الإيراني عدنان الدورقي سياسية إيران في التدخل بدول المنطقة إلى مرحلتين: الأولى قبل مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، والثانية بعده.  

ويوضح الدورقي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “ضعف النفوذ الإيراني بالعراق عموما، وبكردستان العراق خصوصا، بدأ في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وتحديدا عند مقتل قاسم سليماني، ومعاونه أبو مهدي المهندس ببغداد”.

واضاف أن “سليماني لم يعمل على إيجاد من يخلفه في ادارة النفوذ الإيراني بالدول العربية، مثل العراق وسوريا واليمن”.

مدلّلا على ذلك بـ”تصاعد الاحتجاجات في بغداد، والمحافظات الجنوبية ضد إيران. والرفض المباشر للتدخل الإيراني بشؤون البلد”، مضيفا: “رفض ما تريده طهران بات موقفا مألوفا لدى كثير من الساسة العراقيين، ومنهم القيادة الحالية للاتحاد الوطني الكردستاني، الذي بدأ يبتعد عن الاطار التنسيقي، الذي يضم الفصائل المسلحة الموالية لطهران، في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية. ما يشير إلى مواجهة النفوذ الإيراني بكردستان العراق بشكل أكبر في المستقبل”.

وشهدت العاصمة بغداد وإقليم كردستان ومحافظة النجف جنوبي العراق زيارات متعددة، خلال الأشهر الماضية، لقائد فيلق القدس الإيراني اسماعيل قآاني، لإقناع الساسة العراقيين بعدم إقصاء الأحزاب السياسية الشيعية، المنضوية في الإطار التنسيقي، من الدخول بالحكومة العراقية الجديدة، لكن لغاية الآن لم تؤد محاولات قآاني لأية نتيجة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.