شهدت الحرب في أوكرانيا أزمة لجوء وصفت بالمبكرة، حيث لم تمض أيام قليلة على بدء الحملة العسكرية الروسية حتى تقاطر آلاف الأوكرانيين إلى حدود الدول الأوربية المجاورة، طلبا للجوء الإنساني، حيث كانت دول، بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا وبلغاريا ومولدوفا ورومانيا، الوجهة الرئيسية لهم.

ورحبت الدول الأوربية بشكل عام باللاجئين الأوكرانيين، متعهدة بفتح الأبواب أمامهم بشكل كامل، ودون أي تحفظات تجاه منشأهم، أو مكان قدومهم.

خطاب عنصري

قالت تقارير صحفية، أنه لم يتم السماح لبعض مواطني الدول الأخرى، مثل الطلاب والعمال من أفريقيا وآسيا، الصعود على متن وسائل النقل عبر الحدود الأوكرانية، في تفرقة بدت واضحة ضد غير الأوكرانيين، المقيمين في أوكرانيا والفارين من نفس الحرب، حيث منحت أولوية عبور الحدود الأوكرانية للمواطنين الأوكرانيين.

كما نقلت تقارير صحفية، تصريحات وكلمات أطلقها صحفيون وسياسيون تحمل طابعا “عنصريا” تجاه قضية اللجوء، منها ما قالته مراسلة محطة “ان بي سي” الأميريكية، كيلي كوبيلا، “بصراحة هؤلاء ليسوا لاجئين من سوريا، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا، هؤلاء مسيحيون، إنهم بيض، إنهم مشابهون جدا للأشخاص الذين يعيشون في بولندا”.

وسبق أن قال رئيس الوزراء البلغاري، كيريل بيتكوف، مطلع هذا الأسبوع، “هؤلاء ليسوا بلاجئين ممن اعتدنا عليهم، فهؤلاء أوروبيون، أذكياء ومتعلمون، أي أن موجة اللجوء هذه لا تشبه الموجة التي اعتدنا عليها من الأشخاص الذين لا نعرف من هم، لأن ماضيهم غير واضح المعالم، ويمكن أن يكون بينهم إرهابيون”.

إقرأ:بسبب الغزو الروسي.. عشرات آلاف اللاجئين الأوكرانيين يتجهون إلى عدة دول أوروبية

سقوط أخلاقي أوربي

أدت أزمة اللجوء الأوكرانية إلى وقوع العديد من الساسة الأوربيين، والإعلاميين الغربيين، في سقطة أخلاقية كبيرة، تنافي الحديث عن حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين، التي طالما اعتبروها حقوقا مقدسة.

ففي نهاية العام الفائت، رفضت معظم الدول الأوربية استقبال المزيد من اللاجئين القادمين من سوريا وأفغانستان، ومناطق أخرى، كما قال رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان، في كانون الأول/ديسمبر الماضي،”لن نسمح لأحد بالدخول”، بينما بعد الحرب في أوكرانيا، صرح بقوله”سنسمح للجميع بالدخول”.

كما قال أحد مذيعي قناة الجزيرة الإنكليزية، ” قال أحد المذيعين على تلفزيون الجزيرة الناطق بالإنجليزية: “هؤلاء أشخاص ميسورون من الطبقة الوسطى، أي أنهم كما هو واضح ليسوا بلاجئين يحاولون الهرب من مناطق في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا، فهم يشبهون أي أسرة أوروبية تعيش في الجوار”، لتعود القناة وتعتذر لهذا الكلام غير المسؤول والحساس.

انتقادات والأوربيون يناقضون قوانين اللجوء

تعرضت الدول الأوربية التي قامت بالتمييز بين اللاجئين على أساس العرق والمنشأ والدين، لانتقادات واسعة، من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

حيث انتقدت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شابيا مانتو، ما وصفته “ازدواجية المعايير التي تنتهجها بعض الدول الغربية تجاه اللاجئين”، داعية إلى التعامل مع طالبي اللجوء بشكل أكثر إنسانية ورأفة.

وأضافت مانتو، أن التصريحات العنصرية العلنية لبعض السياسيين والصحفيين من الدول الغربية تثير التمييز بين اللاجئين، مشيرة إلى أن استخدام عبارات مثل، البيض الأوربيين، وتعبيرات مسيئة عن اللاجئين السوريين والأفغان، أثارت انتباه كثيرين وتسببت في موجة انتقادات واسعة.

وأكدت مانتو، أن هذا الوضع مأساوي جدا للاجئين من أوكرانيا وسوريا وأفغانستان ودول أخرى، لا أحد يرغب في أن يكون لاجئا.

ومن جهته، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة “ترفض بشدة وبأي شكل كان، أي تمييز على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي في سياق هذا الصراع، وكذلك فيما يتعلق بمعاملة الأشخاص الذين يحاولون مغادرة أوكرانيا بحثا عن ملجأ في بلد آخر”.

كما أعلن الاتحاد الأفريقي، أنه من حق أي شخص عبور الحدود الدولية هربا من النزاع، في رد على تقارير تفيد بتعرض الأفارقة من دون غيرهم لمعاملة مختلفة وغير مقبولة تبدو عنصرية بشكل صادم وتشتمل على خرق للقانون الدولي.

قد يهمك:سوريون يرفضون اللجوء إلى أوروبا لأسباب غير متوقعة

الانتهاكات بحق اللاجئين مستمرة

شهدت السنوات الثلاث الأخيرة، انتهاكات واسعة بحق اللاجئين، خاصة في دول كاليونان التي أقامت معتقلا جماعيا على الحدود اليونانية – التركية، تحتجز فيه مئات طالبي اللجوء الراغبين بالعبور إلى أوربا، بالإضافة إلى قبرص التي تحتجز بين فترة وأخرى طالبي لجوء في سجون رسمية وسط أوضاع إنسانية صعبة.

كما نقلت تقارير صحفية، أنه تم توجيه اتهامات إلى الاتحاد الأوروبي بقيامه بدفع المال لليبيا مقابل منع المهاجرين من محاولة الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، والمساعدة في إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز التي تمارس فيها انتهاكات تصل إلى حد الموت.

أبرزت أزمة اللجوء الأوكرانية، وجها آخر لعنصرية متنامية في دول الاتحاد الأوربي للاجئين القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحجج مختلفة، كالعرق والدين، والخوف من الإرهاب، في مخالفة للمادة الثالثة من اتفاقية 1951، الخاصة باللاجئين، والتي تنص على “تطبق الدول المتعاقدة أحكام هذه الاتفاقية علي اللاجئين دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ “.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.