لقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تغيرات عالمية مهمة، يمكن أن نشهد عواقبها غير المقصودة خلال الأشهر والسنوات المقبلة.

النتيجة الفعلية للأزمة ليست واضحة دائما كما هو الحال مع جائحة “كورونا”، والتوترات بين الصين والولايات المتحدة، حيث يمكن لأحد نتائج حرب أوكرانيا أن تكون حربا أخرى في الشرق الأوسط، وفق ما ترجم موقع “الحل نت” عن صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.

وبعد فشلها في تحقيق أهدافها الأولية، تعمل روسيا الآن على حشد قواتها للتوغل في كييف وتعزيز سيطرتها على المناطق التي سيطرت عليها في جنوب وشرق البلاد. وفي غضون ذلك، تواجه روسيا هجوما غربيا شديدا في المحافل الدولية، حيث تتعهد الدول الغربية بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا على شكل أسلحة دفاعية.

من المحتمل وفق تقرير الصحيفة، أن تؤدي آثار هذه الحرب إلى زيادة التوترات في الشرق الأوسط، لأنه يمكن للعديد من البلدان والجماعات أن تستفيد من الصراع في أوكرانيا.

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، هناك خمسة سيناريوهات محتملة لتطور صراع أوسع في الشرق الأوسط. إحدى الطرق التي يمكن أن يؤدي بها الصراع إلى تصعيد في المنطقة قد تكون عبر محادثات الاتفاق النووي الإيراني. فروسيا تلعب دورا رئيسيا في المحادثات، ومن أجل تشتيت انتباه الغرب، يمكن لروسيا أن تمكن إيران من التحرك نحو المزيد من التخصيب والاقتراب من سلاح نووي، وهذا من شأنه خلق أزمة، وقد يؤدي إلى تصعيد بين إسرائيل وإيران، وفق تقرير الصحيفة.

إلا أن إسرائيل أيضا قلقة جدا بشأن البرنامج النووي ومختلف الخطوط الحمراء المرتبطة به، فقد تلعب روسيا بورقة إيران، إذا ما شعرت أنه من شأن حرب أوكرانيا أن تؤدي إلى عزلة موسكو.

كما يمكن أن يدفع الغزو الروسي لأوكرانيا، إيران أيضا إلى الاعتقاد بأنه يمكن لأي دولة الآن غزو دولة أخرى دون الكثير من التداعيات. ومع تشتت انتباه العالم، ربما تقرر إيران أن الوقت قد حان لشن صراع إقليمي أكبر، ومن الممكن أن يبدأ هذا بمحاولة إيران خلق أزمة في البحرين، حيث يتمركز الأسطول الخامس الأمريكي، وحيث يوجد لإسرائيل الآن اتصال مع القوات البحرية الأمريكية، الجزء البحري من القيادة المركزية.

ثانيا، قد تحاول إيران تصعيد التوترات مع البحرين، كون طهران لم تحاول استفزازها من قبل، فقد لجأت إيران إلى الحوثيين في اليمن لمهاجمة الإمارات العربية المتحدة، واستخدمت الميليشيات العراقية في مهاجمة الإمارات والسعودية، وهاجمت إيران المملكة العربية السعودية أيضا في العام 2019.

ومن المحتمل أيضا أن تحاول إيران التصعيد المباشر مع الولايات المتحدة أو القوات البحرية الأخرى المتواجدة في الخليج العربي ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع إيران. وتريد طهران اختبار الولايات المتحدة أو تهديدها بالعودة إلى طاولة المفاوضات. كذلك ربما تتحرك ضد القوات الأمريكية المتواجدة في قاعدة “التنف” في سوريا، أو تلك المتواجدة في أربيل في إقليم كردستان في شمال العراق، وهذه هي أهداف إيران في محيطها القريب من مناطق نفوذها.

أما النوع الثالث من الصراع قد ينطوي على نوع من التغيير أو الهجوم في سوريا، فربما تقرر الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، إذا ما شعرت أنها بحاجة إلى مزيد من الالتزام مع حلف شمال الأطلسي “الناتو”، مع تصاعد التوترات في الصين.

ربما تختار تركيا أيضا مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في مناطق “الإدارة الذاتية”. فاليوم، تسير تركيا على خط دقيق في أوكرانيا، حيث تزود كييف بالطائرات المسيرة، بينما تشتري صواريخ “إس 400” من روسيا. وربما تخبر تركيا روسيا أنها ستتبادل الدعم من أجل روسيا لتحقيق مكاسب في سوريا، أو ربما تخبر الولايات المتحدة أنها تحتاج القيام بغزو المزيد من المناطق الكردية في سوريا لقاء دعم سياسة “الناتو”.

وفي كلتا الحالتين، يمكن لتركيا أن تبتز الولايات المتحدة وروسيا في سوريا. فقد غزت تركيا سوريا في العام 2018 و2019، وربما تتحرك إلى أبعد من ذلك وتطلق عملية لها في منطقتي سنجار ومخمور في العراق، فهي كثيرا ما تقوم بقصف تلك المناطق، حيث يعيش الإيزيديون والأكراد.

رابعا، ربما تنشأ حرب مباشرة بين “حزب الله” اللبناني وإسرائيل نتيجة حرب أوكرانيا، فـ “حزب الله” يتابع انهيار لبنان اقتصاديا وماليا. وبحسب الشائعات، فإن لبنان، الذي يعاني فعليا من أزمة طاقة، يحتاج الآن إلى مزيد من القمح بسبب الأزمة الأوكرانية.

وسبق وأن اختبر “حزب الله” إسرائيل من خلال تحليق طائرة مسيرة عبر الحدود، وربما يقرر “حزب الله” الآن أنه الوقت المناسب للتصعيد في مرتفعات الجولان أو حدود لبنان، كذلك ربما يكون من الجيد لإيران التخطيط لتصعيد يشمل “حماس” والحوثيين، والميليشيات العراقية والسورية ذات التبعية الإيرانية، ويمكن أن يشمل ذلك أيضا الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

وقد أعربت إسرائيل مرارا وتكرارا عن معارضتها للتمركز الإيراني في سوريا. من المحتمل أن تحدث أزمة في سوريا إذا قررت روسيا محاولة صرف الانتباه عن أوكرانيا عن طريق تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا، حيث تدعم الولايات المتحدة “حملة بين الحروب” الإسرائيلية في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة