جاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليشكل بعضا من الانقسام في الشارع السوري، بين مؤيدين له ممن يحسبون على الحكومة السورية، وبين معارضين له، ممن هم في طرف المعارضة، في الوقت الذي شكل فيه الغزو فرصة لانخراط مقاتلين سوريين في هذه الحرب. 

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كان دعا منذ بداية الغزو الروسي لبلاده إلى تشكيل فصائل من المقاتلين الأجانب، مُرحبا بالدعوات الخارجية لها أيضا، كما عمل الروس على إدخال الشيشانيين من بداية الغزو، والاستعانة بقوات غير نظامية، كان أبرزها مرتزقة “فاغنر”، وفق تقارير صحفية.

في حين تشير بعض التقارير الصحفية والحقوقية إلى انخراط قريب لمقاتلين سوريين في الحرب القائمة الآن في أوكرانيا، وذلك كمقاتلين مرتزقة، حيث تؤكد هذه التقارير عن بدء إعداد قوائم خاصة بأسماء هؤلاء المقاتلين.

تسجيل الأسماء بدأ بالفعل

ذكر تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” نُشر أمس، أن عددا من الضباط الروس، طلبوا من بعض الأجهزة الأمنية السورية البدء تسجيل أسماء مقاتلين ذي خبرة عالية في حرب الشوارع، بينما بدأت فصائل معارضة سورية بتسجيل أسماء مقاتلين لمساندة أوكرانيا دون وجود أي رعاية إقليمية للتحرك الطرف المُعارض.

وأضاف التقرير، أن هناك أنباء تفيد بقيام أجهزة أمنية تابعة للحكومة السورية، وعدد من فصائل المعارضة المسلحة السورية، بفتح باب التسجيل أمام لمقاتلين الراغبين بالقتال في أوكرانيا إلى جانب كلا من طرفي النزاع هناك.

 مصادر خاصة، لموقع “الحل نت”، أفادت ببدء تسجيل أسماء مقاتلين للذهاب للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، مؤكدة أن عمليات تسجيل للأسماء بدأت مؤخرا في حمص ومناطق من الساحل السوري.

وأضافت المصادر، أن الأعداد التي ستتم الموافقة عليها ليست معروفة بعد، حيث تخضع قوائم الأسماء للتقييم الأمني من قبل الروس والأجهزة الأمنية، وبعد ذلك سيتم إبلاغ الأشخاص الذين تمت الموافقة على ذهابهم، حيث سيخضعون لتدريب بسيط، ومن المرجح أن يكون في أحد القطع العسكرية في حمص، ثم سيتم نقلهم جوا عبر قاعدة “حميميم”.

من جهة ثانية، قال مصدر في “اللواء الثامن” المدعوم من قبل روسيا، في درعا، لموقع “الحل نت”، إنه وإلى حد الآن لم يتم الطلب من الروس أو من أي جهة أمنية أن يتم تسجيل أسماء مقاتلين من أبناء المحافظة للقتال في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الرفض سيكون الرد من أبناء المحافظة على أي طلب من هذا النوع فيما لو تم.

من جهة ثانية، نفى أحد ضباط “الجيش الوطني” التابع للمعارضة السورية المدعومة من أنقرة،  أن يكون جهاز الاستخبارات التركي قد قام بعقد أي اجتماعات مع فصائل “الجيش الوطني” بهدف إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا، موضحا أن هناك عمليات تسجيل حاليا تتم في مناطق السيطرة التركية (شمال غرب سوريا)، وبأن عمليات التسجيل هذه تتم بناءا على رغبة الفصائل بقتال الروس، حيث تم إظهار هذه الرغبة للأتراك خلال أحد الاجتماعات بين ضباط من جهاز الاستخبارات وقيادات الصف الثاني، وطلب القادة حينها السماح لهم بالسفر والقتال في أوكرانيا.

ولفت الضابط، إلى أن الأتراك قالوا لهم، أنهم سوف ينقلون مطلب القادة إلى السلطات في أنقرة، وأكدوا أنه في حال تم الموافقة فإن ذلك يعني فقط السماح باستخدام المطارات التركية وتسهيل إجراءات السفر، ولا يمكن أن تكون هناك أموال تدفع من الجانب التركي، أو أن تكون للسلطات التركية أي التزامات، وبالطبع إن هذا القرار هو في الفترة الراهنة ومن الممكن أن يتغير كل شيء لاحقا.

إقرأ:احتمالات سيئة تنتظر أوكرانيا وأوروبا بسبب الغزو الروسي؟

عقود مغرية ماديا

من جانبها أفادت صحيفة “الشرق الأوسط”، في تقرير لها يوم أمس، أن وسطاء بدأوا في العاصمة السورية دمشق ومناطق أخرى في أماكن سيطرة الحكومة السورية بالنشاط لتوقيع عقود مع شباب سوريين للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، مضيفة أن قائمة المرشحين ضمت حوالي 23 ألفا من الشبان الذين كانوا قاتلوا إلى جانب قوات الحكومة السورية، ضمن ميليشيات تدعى “جمعية البستان”، التي كانت تابعة لرامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضاف التقرير، أن الوسطاء بدأوا في توزيع مسودات عقود على شباب، حيث يضمن العقد سبعة آلاف دولار لكل مقاتل لمدة سبعة أشهر للعمل في حماية المنشآت بأوكرانيا.

ماذا تريد روسيا من المقاتلين السوريين؟

ربما لم تكن تصريحات مستشارة القصر الجمهوري السوري، لونا الشبل، عن استعداد سوريا لدعم روسيا في كل شيء حتى اقتصاديا، تصريحات عبثية، وما يجري الآن من تجنيد لمقاتلين سوريين قد يكون دليل على نية دمشق تجاه موسكو.

ولكن في المقابل، فإن روسيا تمتلك ثاني أكبر جيش في العالم، ومن المنطق العسكري أنها قادرة على الاستمرار بغزوها العسكري لأوكرانيا دون مساعدة أي جهات أخرى، وهذا ما دفع العديد من المراقبين للتساؤل عما تحتاجه روسيا من استقدام مقاتلين من سوريا وغيرها.

يقول سامر إلياس، الباحث في الشأن الروسي، لموقع “الحل نت”، إن الحاجة الرئيسية لروسيا بجلب مقاتلين سوريين إلى أوكرانيا تكمن في التقليل من خسائرها البشرية قدر الإمكان، خاصة إذا شهدت الحرب معارك داخل المدن، فهذا يعني أنه سيكون هناك خسائر كبيرة متوقعة، وهنا الفائدة منهم كمقاتلين قديمين قاتلوا سابقا ولديهم خبرة في حمل السلاح، وفق تعبيره.

ولفت إلياس، إلى أن المقاتلين السوريين، خاصة من قاتلوا مع روسيا في سوريا، ليس لديهم أي رادع يمنعهم من تنفيذ الأوامر، خاصة في حال توجيه أوامر بالتعامل بشكل أكثر قسوة مع السكان المحليين في أوكرانيا، نظرا لأن بعض الجنود الروس قد لا يتجاوبون مع أوامر بقتل الأوكرانيين القريبين منهم إثنيا وعرقيا وثقافيا، لكن المقاتلين السوريين سيكونون قادرين على ذلك.

وأضاف إلياس، أن الروس يراهنون على أن الحرب ستكون سريعة، “لكن في الحقيقة لا أحد يعرف متى تنتهي، لذلك فإن أحد أسباب جلب مقاتلين سوريين هو لاحتمالية أن يطول أمد الحرب، فموضوع احتلال أوكرانيا ربما يكون محسوما إذا استخدمت روسيا جميع طاقاتها، ولكن السيطرة على الأرض أمر غير محسوم أبدا، وهنا يكون دور المقاتلين المرتزقة في فرض هذه السيطرة”.

قد يهمك:لهذا التاريخ ستدوم الحرب الروسية على أوكرانيا

تدخل الحملة الروسية على أوكرانيا يومها الحادي عشر، وسط تصعيد عسكري كبير من الجانب الروسي، ومقاومة كبيرة من الأوكرانيين، ودعم غربي بدأ بالتصاعد مؤخرا لأوكرانيا، ما يجعل الحرب المندلعة مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الدور الكبير الذي ستلعبه المرتزقة المتعددة الجنسيات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.