عائلات مخيم الهول: هل تستطيع الحكومة العراقية تدارك خطر “الجيل الرابع من الجهاديين”؟

عائلات مخيم الهول: هل تستطيع الحكومة العراقية تدارك خطر “الجيل الرابع من الجهاديين”؟

أزمة عائلات مخيم الهول، الواقع في الشمال السوري، تشكل مشكلة كبيرة للعراق، إذ أن الجزء الأكبر من أفراد هذه العائلات من العراقيين، الذين انتمى ذووهم لتنظيم “داعش” خلال السنوات السابقة.
ورغم إعلان التحالف الدولي والحكومة العراقية استعادة جميع المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي، ما تزال مخلّفات التنظيم باقية، وتلقي بظلالها على مجمل الأوضاع الأمنية في البلاد.
مختصون حذروا من أن عدم التعامل بالمنطق والحكمة مع قضية عائلات مخيم الهول، سيؤدي إلى كوارث مستقبلية على الأوضاع الأمنية في العراق. كما سيساهم مساهمة كبيرة في تغذية التطرف لدى الأطفال الذين يسكنون داخل المخيم.

وضع العائلات العائدة إلى العراق

وفي صيف العام الماضي بدأت الحكومة العراقية أولى خطوات إعادة عائلات مخيم الهول، وتم إسكانها بمخيم الجدعة، الواقع جنوبي محافظة نينوى.
وبحسب صالح الجبوري، مدير ناحية القيارة، الواقعة جنوبي محافظة نينوى، فإن “عدد العائلات، التي أعيدت من مخيم الهول، يبلغ حوالي خمسمئة وعشرين عائلة، تم إسكانها بمخيم الجدعة الأول، الذي تم تجهيزه من قبل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، بالتعاون مع المنظمات الدولية”.
لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، بأن “هناك حراسة أمنية مشددة على تلك العائلات، ولا يسمح لها بالخروج إطلاقا. كما لا يسمح لها بالاتصال وإجراء المقابلات الإعلامية، إلا من خلال ضوابط، وضعت من قبل اللجنة الإدارية المشرفة على المخيم”.
وترفض عشائر وسكان المحافظات المحررة في العراق عودة عائلات مخيم الهول إلى مناطقهم. ويحمّلونها مسؤولية ما جرى لمحافظاتهم من دمار، على يد تنظيم “داعش”.
وبحسب مصادر محلية مختلفة فإن عائلات عديدة تعرضت للاعتداء، بعد عودتها لمناطقها وقراها، بالرغم من أن عودتها جاءت بحماية الأجهزة الأمنية.
وحاولت جهات عشائرية، في وقت سابق، الاعتداء على مخيم الجدعة، لكن القوات الأمنية العراقية منعت وقوع مثل تلك الحوادث، وحصّنت المكان بشكل كبير.

مقترحات وحلول اجتماعية لقضية العائلات

الخبير العسكري طارق العسل، يرى أن “مشكلة عائلات مخيم الهول، هي المشكلة الأبرز، التي ستواجه البلاد خلال السنوات القادمة”.
ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “أطفال هذه العائلات سيكبرون داخل المخيمات، وهم يرون أن المجتمع يعاملهم باحتقار وإهانة، لذلك سيكون دافع الانتقام لديهم عاليا جدا”.
وأشار إلى أنه “ليس من المعقول أن لا تنتبه الدولة العراقية لهذه المشكلة الخطيرة، وعلاجها ليس من خلال نقل العائلات من مخيم الهول إلى مخيمات أخرى، فهذا سيزيد المشكلة تعقيدا”.
موضحا أن “هناك جملة حلول، من بينها عقد مؤتمرات عشائرية ودينية، تكون برعاية الحكومة، لإفهام شيوخ العشائر بأن هذه العائلات لا دخل لها بتصرفات عدد من أفرادها، خاصة وأن أغلب من تبقى من هذه العائلات أطفال ونساء. كما على الحكومة مسؤولية تعويض ضحايا داعش بالسرعة الممكنة، لأن تسلّم الضحية للتعويض المالي سيخفف عليه المعاناة، وبالتالي يكون مشغولا بإعادة إعمار داره أو ممتلكاته التي تعرضت للتدمير، أثناء سيطرة داعش على منطقته. وهذا يساهم بفكرة تقبّل عودة عائلات مخيم الهول إلى مناطقها”.
وبحسب إحصائيات لمنظمات مختلفة فإن حوالي ثمانية عشر ألف عراقي يسكنون مخيم الهول، ويشكلون نسبة خمسة وأربعين بالمئة من سكان المخيم، وينتمي أغلبهم لمحافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وأطراف العاصمة بغداد.
وتعقد المنظمات الدولية المختصة، بين فترة وأخرى، مؤتمرات للتعايش السلمي، وإنهاء مشكلة عناصر داعش. وقد ساهمت تلك المؤتمرات بإعادة مجموعة من العائلات، من خلال عقد الصلح بين عوائل التنظيم المتشدد وعوائل الضحايا.
لكن شهود عيان في مناطق مختلفة يؤكدون أنه لا يوجد تقبّل لوضع تلك العائلات، في المناطق التي عادت إليها. وينظر لها الناس بعين الريبة والشك، كما تخضع تحركاتها للمراقبة الأمنية. ويتم استدعاء أفرادها للتحقيق، حال وقوع أي طارئ أمني.

اضطهاد عوائل مخيم الهول وخطر “الجيل الرابع”

 خبراء في المجال الأمني والعسكري حذروا من خطورة ما سمّوه بـ”الجيل الرابع من عناصر داعش”، والذي بدأ ينشط في مناطق متعددة، وخاصة في صحراء محافظة الأنبار، على الشريط الحدودي مع سوريا.
وذكر الخبير العسكري أعياد الطوفان، في تصريحات صحفية، أن “جميع المنبوذين، والذين يشعرون بالظلم من تصرفات الحكومة أو الميلشيات أو حتى العشائر، باتوا اليوم أكثر نقمة، وعلى استعداد فوري للانتقام من كل يقف بوجههم”.
مؤكدا “وجود آلاف من عناصر داعش، يتدربون في صحراء الأنبار، وأغلب هؤلاء من المراهقين، الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر وثمانية عشر عاما. وهؤلاء سيكون قتالهم الأشد، كون يتميزون بدافع الانتقام. لذلك على الحكومة معالجة موضوع عائلات مخيم الهول بشكل صحيح”.

مقالات قد تهمك: العودة من “الهول”: هل ستستقر عوائل داعش في محافظة نينوى العراقية؟

الناشط الحقوقي عبد الرحمن الجبوري يقترح حلا، يمكنه المساهمة بإنهاء المشكلة، قائلا، في حديثه لموقع “الحل نت”، إن “على الحكومة العراقية توزيع عائلات مخيم الهول على المناطق العراقية المختلفة. ونشرهم بحيث تعيش كل مجموعة في منطقة مغايرة للمنطقة التي تنتمي لها. وبالتالي فإن عائلات ضحايا داعش لن يكونوا على تماس مباشر مع عوائل التنظيم. وهذا يساهم بحل المشكلة ولو بشكل مؤقت، لحين قيام الحكومة بخطوات إصلاحية أخرى، تتبعها إجراءات إدارية ومالية لغلق المخيمات بالكامل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.