يواجه القطاع المصرفي الخاص في سوريا العديد من التحديات والعقبات. حيث تضطر البنوك الخاصة إلى تقليص عملياتها بشكل كبير نتيجة لتدهور الاقتصاد السوري و تأثير العقوبات الدولية.

علاوة على ذلك، فإن القيمة الحقيقية لأصول ودائع البنوك الخاصة، تقلصت منذ عام 2011، واتخذت الكيانات الأجنبية التي لها شراكات استراتيجية في القطاع نهجا سلبيا في الغالب، بينما سعى البعض إلى قطع جميع العلاقات مع سوريا، مما أدى إلى استكمال عمليات السحب من البلاد في بعض الحالات.

المؤجر رفع القضية

في إعلان طارئ، أعلن بنك الأردن – سورية، صدور قرار حجز احتياطي على أموال البنك، بعد أن تلقى إشعار بإصدار القرار رقم 3 من محكمة الصلح المدنية بداريا في الموضوع ذاته، وأخطر البنك هيئة الأوراق المالية والأسواق السورية أن المحكمة قررت فرض الحجز الاحتياطي على أموال البنك.

وقالت إدارة البنك، في بيان لها اطلع عليه “الحل نت”، أنها بدأت إجراءات الاستئناف، و بأنه من المتوقع الانتهاء من المراجعة القضائية لهذا الحكم بما يتفق مع المتطلبات القانونية والتنظيمية.

ونوه البيان، إلى أنه لن تتأثر مدخرات العملاء وحقوق المساهمين بالقرار، ووفقا للإدارة، فإن القرار صدر كضمان لمطالبة إيجارية واستنادا إلى تقرير تخميني تصل قيمته إلى 120 مليون ليرة سورية.

وأفاد بنك الأردن – سوريا، أنه وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها، سيقوم البنك بإخلاء مبنى إدارته المالية في صحنايا، ومن ثم تسليمه لأصحابه، بعد انتهاء عقد الإيجار، وذلك امتثالا للوائح الخاصة بشركات المساهمة العامة.

وتعود قضية البنك، إلى أن المؤجر كان قد لجأ إلى القضاء بخصوص مطالبة إيجارية ما تزال منظورة أمام محكمة الصلح المدني بداريا بالرقم 102/2022.

للقراءة أو الاستماع: صفقات ضخمة في قطاعات البنوك والاتصالات.. ماذا عن شركة أسماء الأسد؟

بين البقاء والفرص

يقول الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، لـ”الحل نت”، إن للمصارف أدوار لا غنى عنها في دعم اقتصاد بلد ما من خلال وظائفها المتعلقة بخلق السيولة وإبعاد المخاطر عن الدولة، ولكن وبسبب الحرب في سوريا، استقال رجال الأعمال البارزين، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الأفراد الخاضعين للعقوبات الدولية من مجالس إدارة البنوك الخاصة وباعوا حصصهم في الشركات.

ويضيف الحمصي، أن معظم أعضاء الطبقة الجديدة من رجال الأعمال الذين ظهروا خلال الحرب لم يستثمروا في هذا القطاع، باستثناء بعض الشخصيات البارزة. ففي هذا السياق، حاولت نسبة صغيرة فقط من البنوك الخاصة الاستمرار في النشاط في السوق السورية، من خلال أنواع مختلفة من العمليات بما في ذلك القروض.

وفي نفس الوقت، يشير الحمصي، إلى أن هذه البنوك سعت للحصول على التمويل الدولي للمساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، كمخرج من أزمتها داخل البلاد.

كما تنظر بعض البنوك الخاصة إلى التمويل الأصغر على أنه فرصة لتوسيع انتشاره بين السكان السوريين، الذين يعانون من مستوى عال للغاية من الفقر. ومع ذلك، فإن هذا لا يكفي لتوقع أن يلعب القطاع المصرفي الخاص، دورا حيويا في التعافي المحتمل للاقتصاد أو في عملية إعادة الإعمار.

للقراءة أو الاستماع: معلومات تكشف عن سرقة البنوك السورية لأموال المودعين

رحلة البنوك في سوريا

عند استقلال سوريا في عام 1946، هيمنت البنوك الخاصة الأوروبية على النشاط المصرفي في البلاد، كما فعلت في لبنان المجاور. وكان مصرف سوريا ولبنان، أول مصرف تجاري في البلاد وكان مسؤولا عن إصدار العملة. وأعقب نهاية الاتحاد الجمركي السوري مع لبنان في عام 1950 تطوير البنوك القائمة بالفعل وإنشاء مصارف جديدة، معظمها عربية.

ووفقا لدراسة، الباحث جوزيف ضاهر، المنشورة في “معهد الجامعة الأوروبية”، لم يتم تأسيس مصرف سوريا المركزي إلا في عام 1956. ومنذ ذلك الحين أدار إصدار العملة وسيطر على المعروض النقدي وجميع البنوك التجارية والائتمانية.

وفي أعقاب أزمة السويس في عام 1956، تمت مصادرة البنوك الفرنسية والبريطانية. وخلال الاتحاد القصير بين مصر وسوريا (1958-1961)، تم “تعريب” البنوك التجارية الأجنبية من خلال جعل ما لا يقل عن 70 بالمئة من أسهمها مملوكة للمساهمين العرب في عام 1959.

ونتيجة لذلك، تمتلك المؤسسة الاقتصادية السورية التابعة للدولة ما لا يقل عن 35 بالمئة من الأسهم في جميع البنوك. وبعد استيلاء حزب البعث على السلطة في عام 1963 فرض تأميم جميع المؤسسات المالية، مما شكل نهاية القطاع المصرفي الخاص. وأنشأت الحكومة الجديدة بنوك متخصصة مملوكة للدولة للزراعة والتجارة والصناعة التحويلية والعقارات والادخار.

للقراءة أو الاستماع: بنوك الكترونية سبيل السوريين في تركيا بسبب تعقيدات البنوك التجاريّة

النهضة ثم الدمار

لم تحدث نهضة وتطوير القطاع المصرفي الخاص في سوريا إلا بعد عام 2000. ففي عام 2001، منح المرسوم 28 الحق في إنشاء مصارف خاصة. وتأسس أول بنك خاص، وهو بنك “سورية وما وراء البحار”، في عام 2004.

وسمحت القوانين اللاحقة بإنشاء مصارف إسلامية في عام 2005، ومصارف الاستثمار في عام 2007، ومصارف التمويل الأصغر في عام 2010. وبعد إدخال القانون رقم 24 الذي ينظم الشركات الخاصة في عام 2006، سمح أيضا للمؤسسات المالية غير المصرفية بدخول السوق. وبحلول عام 2010، كان هناك 14 مصرفا خاصا يعمل في البلاد: 11 مصرفا اتفاقيا، وثلاثة مصارف إسلامية.

ويشير ضاهر في دراسته، أن المصارف اللبنانية هيمنت على السوق السورية بأصول بلغت 8 مليارات دولار، تمثل 58.4 بالمئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي الخاص، والتي قدرت في العام 2010 بنحو 13.87 مليار دولار.

حتى عام 2017 على الأقل، انخفض إجمالي الودائع في جميع البنوك الخاصة، التقليدية والإسلامية على حد سواء، من حيث القيمة الحقيقية والدولار الأميركي. وفي نهاية عام 2019، قدرت هذه الودائع بنحو 2.6 مليار دولار أميركي (بسعر الصرف الرسمي البالغ 434 ليرة سورية/دولار)،. وفي عام 2020، لم تتجاوز الودائع في المصارف الخاصة 35 بالمئة من إجمالي الودائع. وبقي معظمها في المصارف المملوكة للدولة، وخاصة المصرف التجاري السوري.

للقراءة أو الاستماع: البنوك السورية الخاصة بانتظار مصيرها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.