مع تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا، وضعف رواتب الموظفين الحكوميين، انتشرت مؤخرا حالة من التسيب والفوضى في مؤسسات الدولة، فضلا عن الفساد الحكومي المنتشر في المؤسسات الحكومية السورية منذ سنوات.

فوضى وتسيب حكومي غير مسبوق

ونقل موقع “سناك سوري” المحلي تجربة شابة سورية، ضاعت أوراق معاملتها، في مديريات التأمينات الاجتماعية في العاصمة دمشق، وذلك بعد تسليمها للأوراق للمديرية والعاملين فيها.

وقالت ريما (اسم مستعار) التي تحاول الحصول على تعويضها من التأمينات الاجتماعي، إنها راجعت مديرية التأمينات قبل أيام، لتتفاجأ بإخبارها أن جزء من الأوراق، تم فقدانه من الاستمارة، حيث تم الطلب منها أن تحضر بدلا عن ضائع.

قد يهمك: أسباب جديدة قديمة لارتفاع الأسعار في سوريا

وحول تجربتها في مديرية التأمين أضافت ريما: “صعدت أدراج ونزلت أدراج، وتجولت على مكاتب ومديريات حتى جمعت الأوراق الضائعة من جديد، وذهبت لتسليمها في المرة الأولى كانت الموظفة غائبة فأخبروني أنها في مهمة، عدت باليوم التالي أيضاً كانت غائبة”.

وتزيد ريما بالحديث عن تجربتها بالقول: “رغم أنني بينت أنني آتية من حمص إلى العاصمة لإنهاء معاملتي إلا أنهم لم يتعاطفوا معي وقالوا لي أن هذا أمر روتيني وأن معاملتي تحتاج لعدة أيام حتى تنتهي وأنه من الطبيعي أن أراجع عدة مرات دون استعجال!”.

ونقلت ريما مشاهداتها، خلال جولاتها في مديرية التأمينات، وأكد فيه أن العديد من الموظفين يغيبون عن مكاتبهم، فيما يقوم المراجعون بالبحث عن معاملاتهم بأنفسهم، وسط حالة من التسيب والفوضى المنتشرة، في مشهد يعود بالذاكرة إلى المشاهد التي تناولها مسلسل “يوميات مدير عام” الشهير في سوريا.

وأثارت قصة ريما تعليقات عديدة، انتقدت حال المؤسسات السورية التابعة للدولة خصوصا، وقال أحمد نعيمي، تعليقا على تجربة ريما: “هو عنجد مشهد من مسلسل يوميات مدير عام، وهالشي منتشر أيضا بمؤسسات المواصلات وانا كنت شاهد عليه، الموظفين مشغولين دائما بأشياء تانية، إهمال مو طبيعي، بلكي هاد الجزء الثالث من المسلسل عم نعيشه واقع مو دراما”.

الرشاوى والمحسوبيات

من جانبه اعتبر المختص الاقتصادي السوري هاني الخوري لصحيفة “الوطن” المحلية ،أنه “يحدث تشوهات في المصاريف الأسرية ودخلت أموال غير قانونية والفساد والسرقة والاعتماد الكبير على الأهل وعلى المنظمات الإغاثية في السلات الغذائية والاستطباب والتدفئة وغيرها”، وفق تعبيره.

والاتجاه نحو الفساد والبيروقراطية وتسعير مداخيل جانبية للموظفين تتراوح بين الدروس الخاصة للأساتذة واللامبالاة وبين الرشوة والإكراميات.

أكثر من 85 بالمئة من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، بحسب “الأمم المتحدة”، في حين أن متوسط ​​الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 35 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا، يذكر أن قبل الحرب كان راتب الموظف الحكومي يقدر نحو 600 دولار.

قد يهمك: أبرز تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا على اقتصاد سوريا

أما بالنسبة لموظفي الحكومة، فالرشوة تشكل “أهم مصدر رزق أساسي غير قانوني له” وينمو ويقل حسب درجة التوظيف، ويلتزم الكثير منهم بوظائفهم بسبب أزمة المعيشة ونسبة الدخل غير القانوني الذي يحصلون عليه من خلال وظائفهم، ويلاحظ أن أغلب السوريين اليوم ينفقون شهريا عدة أضعاف الراتب الشهري الذي يتلقونه من الحكومة، حيث البعض ينفق حوالي نصف مليون والبعض الآخر مليون أو مليونين حسب الحاجة لكل أسرة.

يوميات مدير عام

ويعد مسلسل “يوميات مدير عام” إحدى أبرز نقاط التحول في الدراما السورية التي ساهمت برفع سقف النقد ضد الفساد تدريجا، وهو يعتبر أول جزء من سلسلة المسلسلات الكوميدية التي قدمها أيمن زيدان لنقد مؤسسات الدولة ونظامها المعجون من الفساد. 

وتتمحور حكاية المسلسل حول شخصية مسؤول مثالي، يحاول أن يحارب الفساد من خلال التنحي عن عرشه، والتجول متنكرا في نطاق الدائرة المسؤول عنها. 

ورغم أن هذه الحكاية تبدو نموذجية لكل سلطة، لكنها قدمت في سياق جعلت المسؤول المثالي استثناء وسط مناخ محفوف بالفساد. 

وهو المناخ الذي عاد زيدان بمسلسلاته التسعة اللاحقة التي تنتمي إلى ذات السلسلة، ليسلط الضوء عليه من زاوية مختلفة، فلمّح إلى سخافة أصحاب المناصب وطيشهم في “جميل وهناء”، وسلّط الضوء على حياة الموظفين، وحمّل الحكومة مسؤولية الفساد في “بطل من هذا الزمان” و”زمن الصمت”.

اقرأ أيضا: ليست مستوردة من روسيا أو أوكرانيا.. أين اختفت هذه المواد من الأسواق السورية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.