موجة الغلاء في العراق: هل يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ثورة في المدن العراقية؟

موجة الغلاء في العراق: هل يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ثورة في المدن العراقية؟

موجة الغلاء في العراق، التي تصاعدت مؤخرا، ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي في محافظات البلاد. رغم تزايد الإيرادات المالية للعراق، جراء ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وعبورها حاجز مئة وعشرين دولارا للبرميل الواحد.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق صورا توضح الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية في أسواق البلاد المختلفة، وأهمها زيت الطعام والقمح والأرز والفواكه والخضار.

ويبدو أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا بدأت تمتد إلى بقية دول العالم، ومنها العراق، لكن بشكل غير مباشر. فمع احتدام الحرب في شرق أوروبا، فقدت الاسواق المحلية العراقية كثيرا من المواد الغذائية الأساسية، التي كانت تستورد من تلك المنطقة، ما أدى لارتفاع غير مسبوق بالأسعار، وسط ضعف التدخل الحكومي، وغياب إجراءات تحد من تلك التداعيات، التي كانت متوقعة مسبقا.

موجة غضب اجتاحت الشارع العراقي، وسط تلويح نشطاء بتنظيم تظاهرات كبرى في مدن البلاد، نتيجة عدم التحرك الحكومي الجاد للسيطرة على موجة الغلاء في العراق، التي زادت معدلات الفقر، وعمقت أزمة الركود الاقتصادي، الذي تأثر سابقا برفع سعر الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي.

الغزو الروسي لأوكرانيا هو سبب موجة الغلاء

“محمد حنون”، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، أكد أن “السبب الرئيسي لموجة الغلاء في العراق، وارتفاع أسعار المواد الغذائية هو الغزو الروسي لأوكرانيا. ومن المعلوم أن روسيا وأوكرانيا تسيطران على ما نسبته ثلاثين بالمئة من إنتاج الحنطة والمواد الغذائية العالمي”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “بعض الدول، ونتيجة التخوف من استمرار الحرب لفترة طويلة، منعت تصدير المواد الأساسية رغم توفرها. وفي ظل الطلب العالمي المتزايد، وقلة العرض، ارتفعت الأسعار. وهذا الأمر أثر على العراق، ومن المتوقع استمرار ارتفاع الأسعار عالميا”.

وأشار إلى أن “وزارة التجارة العراقية بدأت بإجراءات فعلية لمواجهة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية. وذلك عن طريق المباشرة بتوزيع السلل الغذائية، التي توفر تسعين بالمئة من المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن. وهذا الأمر سيخفض الطلب على تلك المواد في الأسواق”.

وفي إقليم كردستان العراق انتقد كمال مسلم، وزير التجارة في حكومة الإقليم، “قيام بعض السكان بتخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية، وإحداثهم إرباكا في السوق المحلية”.

وطمأن الوزير السكان بالقول: “المواد الغذائية متوفرة في المخازن الحكومية، وسيتم اللجوء إلى بلدان أخرى لاستيراد مواد الزيت والقمح، في حال استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا”.  

حكومة الكاظمي تتحمل مسؤولية موجة الغلاء في العراق

محمد الشمري، النائب في البرلمان العراقي، عن ائتلاف دولة القانون، يرى أن “الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي هي من يتحمل مسؤولية موجة الغلاء في العراق. ولا علاقة للغزو الروسي لأوكرانيا بهذا الأمر بتاتا”.

لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار هو قيام الحكومة العراقية برفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي. وبما أن البلد يستورد البضائع بالعملة الأميركية فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني”.

وأوضح أن “حجة الحكومة العراقية في رفع سعر الدولار كانت التصدي للأزمة الاقتصادية، التي نتجت عن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، بعد تفشي فيروس كورونا. ولكن أسعار النفط اليوم تسجّل معدلات لم يسبق تسجيلها منذ سنوات طويلة، وبالتالي من المخجل استمرار الحكومة برفع سعر الدولار”.

وبين أنه “إذا لم تقم الحكومة العراقية بخطوات سريعة للسيطرة على موجة الغلاء في العراق فإن الغضب الشعبي سيؤدي لعوقب وخيمة. ولذلك يجب إعادة الدولار لسعره السابق، ومعاقبة التجار الذين يقومون باحتكار المواد الأساسية”.

مقالات قد تهمك: ارتفاع أسعار النفط: هل ستقوم الحكومة العراقية بإجراءات تخفف معاناة المواطنين؟

محاولات حكومية للحد من الظاهرة واحتجاجات شعبية عارمة

الحكومة العراقية، وبعد اجتماعها برئاسة مصطفى الكاظمي، قررت توزيع مبلغ مئة ألف دينار عراقي لأفراد فئات معينة، خاصة المتقاعدين وذوي الدخل المحدود، وذلك لمحاولة رفع مستوى دخلهم، وتخفيف آثار موجة الغلاء في العراق.

في السياق نفسه أكد علاء حسين، وزير التجارة العراقي، أن “الوزارة ستقوم بتوزيع المواد الغذائية الأساسية للمواطنين قبل شهر رمضان، كما تعاقدت مع شركات عالمية رصينة لتوفير تلك المواد بكميات كبيرة، للاستعداد لأي أزمة طارئة”.

وتواردت أنباء عن قيام العشرات من أهالي قضاء الخضر في محافظة المثنى، الواقعة جنوبي العراق، بقطع الطريق العام، الرابط بين القضاء ومدينة السماوة مركز المحافظة، مطالبين الحكومة العراقية بالسيطرة على الأسعار، وتوفير الدعم السريع للطبقات الفقيرة.

كما شهدت محافظة ذي قار جنوبي العراق تظاهرات في ساحة “الحبوبي”، طالبت الحكومة العراقية بتدخل عاجل وسريع لإنهاء موجة الغلاء في العراق. وهدد المتظاهرون بتحويل تظاهراتهم لاعتصام مفتوح.

وفي السليمانية بإقليم كردستان أضربت الكوادر الوظيفية في عدد من دوائر المحافظة، احتجاجا على الارتفاع الكبير في الأسعار، وتأخر صرف رواتب الموظفين من قبل حكومة الإقليم.

ويضطر العراق لاستيراد المواد الغذائية، لسد العجز في الإنتاج المحلي، من دول ومناشئ عالمية مختلفة. ويعتمد على روسيا وأوكرانيا في استيراد كميات كبيرة من احتياجاته من القمح، لرخص ثمن المنتجات الغذائية الواردة من هذين البلدين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.