على جانبي الجبهة السورية، يتم تجنيد السوريين للقتال في أوكرانيا. وهذا أمر محفوف بالمخاطر ويهدد بـ “سورنة” الحرب هناك.

فهل يتم حشد المرتزقة السوريون بالفعل لصالح الروس، حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، يوم الاثنين 7 آذار/مارس الجاري، مؤكدا: “نعتقد أن المعلومات التي تفيد بأنهم (الروس) يجندون مقاتلين سوريين لزيادة قواتهم في أوكرانيا هي معلومات مثبتة”. هذه معلومة كانت قد كشفت عنها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية من قبل.

وبحسب الصحيفة، التي استشهدت بأربعة مصادر أميركية رسمية، فإن روسيا، التي تتدخل في سوريا منذ عام 2015 إلى جانب حكومة دمشق، “جندت مؤخرا رجالا في هذا البلد، على أمل أن تتمكن خبراتهم في القتال المدني، من أجل المساعدة في السيطرة على كييف وتوجيه ضربة قاصمة للحكومة الأوكرانية”، مضيفة أن هذا الانتشار تعتبره واشنطن تصعيدا جديدا.

وبحسب تقرير لصحيفة “لوبوان” الفرنسية، وترجمه موقع “الحل نت” أنه لا يزال عدد هؤلاء المقاتلين السوريين وأصلهم ووجهتهم غير معروفين. كما أن انتشارهم في الميدان لا يبدو فعالا حتى الآن، لكن وفقا للصحافي السوري عمر أبو ليلى، مؤسس موقع “دير الزور 24” الإخباري، فقد بدأت روسيا بالفعل في توظيف متطوعين في مدينة دير الزور الواقعة على نهر الفرات والتي تسيطر عليها جزئيا حكومة دمشق وحليفتها موسكو. ويوضح هذا المصدر أن المجندين يتقاضون ما بين 200 إلى 300 دولار شهريا، مقابل عقود مدتها ستة أشهر، “للذهاب إلى أوكرانيا والعمل هناك كحراس”. وستتولى شركة الأمن الخاصة “فاغنر”، القريبة من “الكرملين” والموجودة بالفعل في أوكرانيا، إدارة ذلك. وقد فعلت ذلك بالفعل بإرسالها مرتزقة سوريون إلى ليبيا، وفق المصدر الصحفي.

كذلك نشرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريرا أشارت فيه عن تورط المرتزقة السوريين إلى الجانب الروسي في أوكرانيا. وبحسب ما نقلته المنظمة غير الحكومية، فإن ذلك سيكون قبل كل شيء علامة على ولاء دمشق لموسكو.

مرتزقة موالون لتركيا على الجانب الأوكراني

لكن المرتزقة السوريين تمكنوا من الانخراط بسرعة بأعداد كبيرة على الجانب الآخر من الجبهة، للانضمام إلى “الفيلق الدولي” المدافع عن أوكرانيا، بدعم من تركيا وعدة دول غربية. وبحسب عدة مصادر تمكنت صحيفة “لوبوان” من التواصل معها ضمن فصائل معارضة سورية مختلفة تابعة لتركيا، فإن التعبئة بدأت في نهاية شباط/فبراير المنصرم.

“بعد يومين من بدء النزاع، في 26 شباط، جمع الأتراك جميع القادة العسكريين في شمال غربي سوريا في غرفة عمليات حوار كلس”، يكشف منصور وهو ضابط في فرقة “الحمزة”. ويتابع منصور قائلا: “كان هناك ممثلون عن الجيش التركي وأجهزة المخابرات. وطلبوا منا تجهيز 2000 مقاتل كبداية. الأمر يشبه تماما عندما ذهبنا إلى ليبيا”.

ولدى المرتزقة السوريين الذين حشدتهم تركيا، من خلال شركتها العسكرية الخاصة سادات، خبرة قوية بالفعل في هذه الحروب بالوكالة خارج الحدود. فبعد قتالهم ضد الأكراد السوريين نيابة عن أنقرة منذ عام 2017، تم إرسال عدة آلاف منهم إلى ليبيا في كانون الأول 2020، دعما لما يعرف بـ “حكومة الوحدة الوطنية” في طرابلس.

تم بعد ذلك نقل نفس المرتزقة السوريين إلى أذربيجان، لشن هجوم على مقاطعة ناغورنو كاراباخ في أيلول/سبتمبر 2020. وفي كل مرة، يقوم هؤلاء المسلحون ببث الرعب بين المدنيين، ويقومون بأعمال ونهب واغتيالات يمكن أن تصل إلى جرائم حرب.

ويقول عبد، وهو نازح سوري يبلغ من العمر 25 عاما مقيم حاليا في عفرين، المدينة التي وقعت تحت السيطرة التركية في عام 2018، إنه مستعد للذهاب لمحاربة الروس. “بندقيتي جاهزة، إذا طلب الأتراك منا الذهاب للقتال على القمر ودفعوا لنا ثمن ذلك، سنذهب”، يتباهى هذا المقاتل الشاب من فصيل “لواء السلطان مراد”، وهو فصيل سوري بأغلبية تركمانية بقيادة أنقرة. ويتابع قائلا: “اتصل بي قائدي الأسبوع الماضي للاستعداد للمغادرة والوجهة تبقى سرية. لكن الفكرة هي الوصول إلى تركيا ثم بولندا ودخول أوكرانيا. هذه فرصة لنا للقتال ضد الروس. لقد دمروا بلدتي، بالقرب من دمشق، وقتلوا أصدقائي وجزءا من عائلتي. نحن نعرف كيف نواجههم”.

يتقاضى المرتزقة المجندون رواتب تتراوح بين 1200 دولار و3000 دولار، بحسب الضابط منصور، بالإضافة إلى مكافأة في حالة الإصابة أو الوفاة. في حروبهم السابقة، غالبا ما أدى دفع رواتب المرتزقة إلى إحداث توترات وصراعات على السلطة. وعلى العكس من ذلك، يتم معاقبة أولئك الذين يرفضون الالتحاق بقواتهم، حيث يقول محمد، 37 عاما والعضو البارز سابقا في جماعة “جيش الإسلام” العاملة في وقت سابق بمناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق، الذي شارك أيضا في اجتماع 26 شباط الماضي، موضحا: “في آخر مرة رفضنا الذهاب للقتال في ليبيا وأذربيجان، خفضوا رواتبنا. ما نريده هو محاربة الروس هنا في سوريا، لكن تركيا تمنعنا من فعل ذلك”. وهذا ما أكده أعضاء الفصائل السورية الأخرى. فأنقرة تريد تجنب موسكو في سوريا. أما في أوكرانيا، فيمكن أن يكون السياق مختلفا.

“سورنة” الصراع في أوكرانيا

وبحسب مصدر داخل “الجيش الوطني السوري” المعارض المدعوم من أنقرة، فإن الاستعدادات تسارعت الأسبوع الماضي، بزيارة وفد أوكراني رسمي للحدود التركية السورية. ويشهد أحد رجال الميليشيات السورية قائلا: “في عفرين، لا حديث للجميع سوى عن ذلك”. وقد أخبر وسيط سوري، وهو يعمل على التجنيد لصالح شركة “سادات” العسكرية الخاصة وهو على اتصال مع المخابرات التركية كذلك، صحيفة “لوبوان” أنه أجرى اتصالات عبر السفارة الأوكرانية في أنقرة، وأنه سيصل الفيلق السوري عبر بولندا للدفاع عن كييف. “نحن نريد المشاركة في هذه الحرب ضد روسيا. وإذا نجحنا في مهمتنا، يمكن أن تزودنا أوكرانيا بأنظمة دفاع مضادة للطائرات لاستخدامها في سوريا”، يضيف هذا اللاعب الرئيسي في الاتفاقية.

تتدخل تركيا بالفعل لصالح كييف من خلال تزويدها بطائرات بدون طيار من طراز بيرقدار TB2، وهي فعالة في إبطاء تقدم القوافل العسكرية الروسية. لكن أنقرة حريصة على الحفاظ على الارتباط بروسيا، الشريك الاقتصادي والاستراتيجي المهم. ولكن من خلال التعاقد من الباطن على التدخل مع مرتزقتها، فإن تركيا ستنخرط أكثر قليلا في المواجهة الأوكرانية. وهي مخاطرة قد لا تكون تركيا مستعدة لتحملها، وفق تقرير الصحيفة الفرنسية.

يشكل تدويل الصراع وتدفق المقاتلين المتطرفين خطر إضفاء الطابع السوري على الصراع في أوكرانيا. كما يستخدم الجيش الروسي بالفعل أساليب مجربة في سوريا، مثل القصف المكثف للمناطق المدنية. والمقاتلون الأجانب موجودون بالفعل على جانبي الجبهة في أوكرانيا. وقد نشر رجل الشيشان القوي، “حليف الكرملين” رمضان قاديروف، مقاطع فيديو لمقاتلين شيشانيين أرسلوا إلى الجبهة. وعلى الجانب الآخر، انضم عشرات الآلاف من المتطوعين من جميع أنحاء العالم إلى القوات الأوكرانية، من بينهم وحدات كبيرة من جورجيا وبولندا، وفقا لوزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة