محاولات أوروبية مستمرة منذ أكثر من عامين، للالتفاف على قوانين اللجوء وخاصة اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين والبروتوكول اللاحق لها، والاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية، التي تنص على وجوب استقبال اللاجئين على الأراضي الأوربية وعدم طردهم أو إعادتهم إذا كان في ذلك خطر تعرضهم للتعذيب أو أي نوع من أنواع العنف.

الدنمارك وبريطانيا، تبرزان اليوم على رأس الدول الأوربية التي بدأت تجاهر بطرد اللاجئين كالدنمارك، أو تحويلهم إلى دولة ثالثة كما تعد بريطانية حاليا، والدنمارك أيضا، لتكون رواندا الوجهة المقبلة للاجئين المرفوض تواجدهم على أراضي هاتين الدولتين، ما قد يشجع دولا أوروبية أخرى لانتهاج نفس الأسلوب خلال الفترة المقبلة.

بريطانية تعد الدفعة الأولى للترحيل نحو رواندا

بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية يوم أمس الثلاثاء، بدأ المسؤولون في وزارة الداخلية البريطانية بإصدار توجيهات رسمية للدفعة الأولى من المهاجرين الذين سيتم نقلهم جوًا إلى الدولة الإفريقية رواندا، والذين سيغادرون في 14 من حزيران/يونيو الحالي.

وأشارت الصحيفة، أنه لا يزال هناك القليل من التفاصيل حول عدد الأشخاص المتوقع إرسالهم إلى رواندا في هذه الرحلة الأولى، وكيفية تحديدهم، وأنه وبحسب مسؤولين، فإن أولئك الذين سيتم إبعادهم رهن الاحتجاز بالفعل حاليا، بينما تستعد الحكومة لسلسلة من الطعون القانونية بشأن إبعادهم من قبل محامين.

وحسب خطة تجريبية مدتها خمسة أعوام، يتم إرسال بعض طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى بريطانيا إلى رواندا، حيث ستتم معالجة طلباتهم في أثناء وجودهم هناك.

وكانت الحكومة البريطانية، أقرت في منتصف نيسان/أبريل الماضي قانونا جديدا يقضي بترحيل طالبي اللجوء الواصلين إلى المملكة منذ مطلع العام الحالي إلى رواندا، بموجب تطبيق قانون الهجرة البريطاني الجديد، حيث قال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في ذلك الوقت، أن عشرات الآلاف من المهاجرين غير المصرح لهم الذين يبحثون عن ملاذ في المملكة المتحدة، سيتم نقلهم جوا لمسافة تزيد على 4000 ميل إلى رواندا بموجب مجموعة جديدة من سياسات الهجرة الجديدة، بحسب متابعة “الحل نت”.

وتم إصدار قانون الهجرة البريطاني الجديد بالتزامن مع توقيع اتفاقية من رواندا بمبالغ كبيرة لا ستقبال طالبي لجوء ومهاجرين إلى بريطانية على أراضيها.

قد يهمك:الدنمارك تستعد لنقل لاجئين إلى رواندا.. ما خطر ذلك على السوريين؟

الدنمارك على خطى بريطانية

الدنمارك أعلنت في العشرين من شهر أيار/مايو الفائت، بدء محادثات مع رواندا لنقل اللاجئين إليها، أسوة ببريطانيا التي وقعت اتفاقا بهذا الشأن مع البلد المذكور الأسبوع الماضي، وذلك في إطار سعي بعض الدول الأوروبية للتخفيف من عدد اللاجئين على أراضيها.

وقال وزير الهجرة الدنماركي ماتياس تسفاي، في تصريحات صحفية، إنه بحث مع مسؤولين من رواندا ملف نقل اللاجئين إلى أراضيها، مشيرا إلى أن بلاده تعتزم تأسيس آلية جديدة لإرسال اللاجئين من أراضيها إلى رواندا.

وفيما يتعلق باللاجئين السوريين، فإنه على خلاف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تعتبر الدانمارك سوريا آمنة لعودة اللاجئين منها، ولكن نظرا لأنه يمكن تجنيد الرجال في الجيش وغالبا ما يكون لدى النساء الأكبر سنا أطفال مسجلون في المدارس الدانماركية، فإن السياسة الجديدة تؤثر في الغالب على شريحتي الشباب واللاجئين الأكبر سنا، حيث تعمل الدنمارك مؤخرا وفق سياسة “صفر طلبات لجوء”، بحسب متابعة “الحل نت”.

من جهتها “منظمة العفو الدولية في الدانمارك”، قالت مؤخرا، أنه في عام 2015، شهدت الدنمارك تغييرا تشريعيا يعني أنه يمكن سحب تصريح إقامة اللاجئين بسبب التغييرات في وطنهم، لكن التغيير يجب ألا يكون جوهريا، ثم في عام 2019 قررت خدمات الهجرة الدانماركية أن العنف في دمشق قد توقف وأنه يمكن إعادة السوريين إلى هناك.

وبحسب المنظمة، فإنأن سياسة الدانمارك تجاه طالبي اللجوء واللاجئين أصبحت أكثر عدائية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ففي عام 2019، أعلن رئيس الوزراء الدانماركي أن الدانمارك لا تريد” أي طالبي لجوء”، وكانت إشارة قوية للموقف العدائي للاجئين.

الحقوقي السوري بسام الأحمد، قال في حديث سابق، لـ”الحل نت”، أن السياسة التي تتبعها الدنمارك، تخالف المواثيق والقوانين الدولية، المتعلقة بطريقة التعامل مع طالبي اللجوء والفارين من مناطق الحروب، فهي تحاول الالتفاف على القوانين عبر الادعاء أن هناك مناطق آمنة في سوريا.

وأضاف الأحمد، أن الدنمارك يبدو أنها تحذو حذو البريطانيين للأسف، بريطانيا اتخذت قرار مشابه، لنقل طلاب اللجوء والمهاجرين لدولة ثالثة، واضح جدا الهدف عدم منح هؤلاء المهاجرين حق اللجوء، المشكلة الأساسية، أن دولة مثل الدنمارك تعتبر مناطق من سوريا مناطق آمنة وهذا ليس صحيح بشهادة منظمات دولية.

ويرى الأحمد، أنه من الممكن أن تبدأ الدول الأوروبية الأخرى بإجراءات مماثلة، وحول ذلك يضيف: “ممكن جدا أن تتوسع هذه الإجراءات وتشمل دول أخرى. الموقف الأوروبي من المهاجرين تغير، ليس هو الموقف ذاته الذي كان عام 2015 مثلا، لأسباب عديدة منها اليمين المتطرف، إضافة لحديث تركيا أنها أنشأت مناطق آمنة شمال سوريا، وهذا طبعا غير صحيح.

إقرأ:ضمن سياسة “صفر طلبات لجوء”.. الدنمارك تجبر طالبي اللجوء السياسي على العودة إلى سوريا

الدنمارك تخالف اتفاقية 1951

الدنمارك وعلى الرغم من أنها من الدول الموقعة على اتفاقية 1951، فقد أصدرت العام الماضي قانونا يقضي بنقل اللاجئين إلى بلدان أخرى.

ولكن تحاول الدنمارك التوصل لاتفاق مع رواندا يقضي بإرسال طالبي اللجوء الذين يصلون إلى الدنمارك إلى رواندا، والتي ستتحوّل إلى مقرّ “لدراسة طلبات اللجوء“، حيث يتم نقل طالبي اللجوء بطائرات إلى رواندا. وفي حال تم قبول لجوء المقيمين في معسكرات الانتظار، يبقى طالبو اللجوء في رواندا. وفي حال الرفض، تتحمّل رواندا ترحيلهم إلى بلدهم الأصلي، بحسب متابعة “الحل نت”.

و تنص المادة رقم “33” من اتفاقية 1951 على عدم المس بالحقوق الأساسية للاجئ، إذ “لا يجوز لأي دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو أن تعيده قسرا بأي صورة من الصور، إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها، بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة، أو بسبب آرائه السياسية”.

قد يهمك:بعد الدنمارك.. قرارات ترحيل لسوريين في السويد

وكانت صحيفة “الجارديان” البريطانية تحدثت في تقرير لها يوم الأربعاء الماضي، عن تجارب العديد من الشابات السوريات ممن تم رفض طلبات اللجوء الخاصة بهن في الدنمارك، بعضهن مهددات بخطر الاعتقال بسبب اعتقال أفراد من أسرهن من قبل حكومة دمشق، مضيفة أنه في العام 2019 أخطرت الحكومة الدنماركية نحو 1200 لاجىء سوري من دمشق بعدم تجديد تصاريح إقاماتهم معتبرة أن المدينة آمنة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.