الجماعات المسلحة في السويداء: هل تقاتل العصابات بالوكالة في النزاع الأميركي الإيراني؟

الجماعات المسلحة في السويداء: هل تقاتل العصابات بالوكالة في النزاع الأميركي الإيراني؟

دخل صراع الجماعات المسلحة في السويداء مرحلة جديدة، بعد ظهور جماعة جديدة، تطلق على نفسها اسم “المقاومة الشعبية”، ويؤكد معظم المتابعين أنها تتبع عمليا لإيران.

ويبدو أن هذه الجماعة قد دخلت في اصطدام مع قوة مكافحة الإرهاب، التابعة لحزب اللواء السوري، الذي يعتبر مواليا للولايات المتحدة. إذ تقوم الجماعتان حاليا بعمليات اغتيال وخطف متبادل، وتسلّم “المقاومة الشعبية” المخطوفين للأجهزة الأمنية السورية، فيما سلمت قوة مكافحة الإرهاب بعض من اختطفتهم لقاعدة التنف الأميركية في البادية السورية.

ووسط صراع الجماعات المسلحة في السويداء يعاني ما يزيد عن ثلاثمئة ألف مواطن في المحافظة الجنوبية من تبعات الفوضى الأمنية والحوادث الدموية، منتظرين توضّح الأمور، والمآلات التي سينتهي إليها صراع العصابات في الجنوب السوري.

كيف تصاعد صراع الجماعات المسلحة في السويداء؟

“ظهر اسم المقاومة الشعبية أول مرة، بين الجماعات المسلحة في السويداء، عقب قيام قوة مكافحة الإرهاب بعمليات خطف لعناصر من العصابات المنظمة، التابعة للأمن العسكري. وهي عصابات باتت معروفة لكل السوريين، مثل عصابات عريقة وراجي فلحوط ومعتز مزهر، المدعومة من العميد وفيق ناصر، رئيس فرع الأمن العسكري السابق”، بحسب الناشط الإعلامي حمزة المعروفي.

ويتابع المعروفي في إفادته لـ”الحل نت”: “حاول عناصر المقاومة الشعبية إظهار أنفسهم بوصفهم قوة وطنية، بعد أن اعتبروا قوة مكافحة الإرهاب جماعة عميلة تابعة لقاعدة التنف الأميركية. وبدأت الجماعتان تنصبان الحواجز، وتدققان في هويات المواطنين. لتتصاعد بعدها عمليات الخطف والاغتيال”.

مؤكدا أن “أهالي المحافظة عاشوا أياما صعبة، خوفا من اندلاع حرب أهلية نتيجة صراع الجماعات المسلحة في السويداء، إلى أن تدخل حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية، ونحج بتخفيف التوتر، عبر رعايته لتبادل المخطوفين بين الجماعتين”.

صراع بالوكالة بين حزب الله وقاعدة التنف؟

من جهته يقول الشيخ إسماعيل قطيش، المقيم في مدينة السويداء، إن “قيام ما يسمى قوة مكافحة الإرهاب بخطف شاب يدعى جودت حمزة، وتسليمه إلى قاعدة التنف الأميركية، بعد اتهامه بالعمالة لحزب الله اللبناني، هو ما أشعل صراع الجماعات المسلحة في السويداء. ومن المعروف أن هذا الشاب له علاقة بعصابات المخدرات. ولكن لا يمتلك مكانة كبيرة، تجعل اعتقاله انتصارا لأي جهة”.


ويؤكد الشيخ، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “ما يسمى المقاومة الشعبية، التي تتبع لفرع الأمن العسكري، وبالتالي لإيران، ردت بخطف عدد من المواطنين، بعد اقتحام بيوتهم. وانتشرت أنباء عن تعرض المخطوفين للتعذيب. ما جعل قوة مكافحة الإرهاب ترد بمزيد من عمليات الاختطاف”.

وكانت قوة مكافحة الإرهاب قد نشرت تسجيلات مصورة، تظهر اعتقالها لعدد كبير من الأشخاص، الذين قالت إنهم عناصر تابعة لفرع الأمن العسكري، ينتمون لعشائر البدو، ويقومون بتهريب المخدرات إلى الأردن.

من جهة أخرى تأكد خطف مواطنين من أجل طلب الفدية المالية، إذ استغلت بعض العصابات “الصغيرة” صراع الجماعات المسلحة في السويداء لتعاود نشاطها في الخطف وفرض الإتاوات. ما زاد من تدهور الأوضاع الأمنية في المحافظة الجنوبية.

مقالات قد تهمك: عصابات الخطف في سوريا: نشاط إجرامي بحت أم وسيلة للانتقام الطائفي؟

الهدف الأساسي هو القضاء على الحراك الشعبي

الشيخ سليمان عبد الباقي، أحد قادة الحراك الشعبي المعارض في المحافظة، يرى أن “صراع الجماعات المسلحة في السويداء هدفه حرف البوصلة عن الاحتجاجات الشعبية، ومحاولة إرهاب المواطنين، وإجبارهم على البقاء في بيوتهم”.

وأضاف في حديثه لـ”الحل نت”: “مداهمة البيوت، بدعوى القبض على عناصر عصابات المخدرات، يهدف لبث الرعب في قلوب المعارضين للحكومة السورية، التي تذلّ الناس بقراراتها كل يوم”، حسب تعبيره.

مشيرا إلى أن “الانتشار الأمني غير المسبوق في السويداء ليس بهدف ضبط الوضع المتدهور نتيجة صراع الجماعات المسلحة، بل لكبت الحريات، والقضاء على الحراك المعارض. ولهذا تم تحريك أذرع الفروع الأمنية التابعة لإيران وحزب الله اللبناني، والتي سمت نفسها المقاومة الشعبية”.

القوات النظامية ستسلم المحافظة للجماعات المسلحة

من جهته يرى الناشط المدني “س ع”، الذي رفض نشر اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن “وجود التعزيزات الأمنية التابعة للحكومة السورية ساهم في البداية بتخفيف حالات الخطف والسرقة لعدة أيام. ولكن سرعان ما تصاعد صراع الجماعات المسلحة في السويداء، وبدأ الهجوم على أرزاق الناس بصورة غير معتادة. فقامت العصابات بسرقة السيارات، ومداهمة البيوت، ثم توالت عمليات الخطف”.

مشيرا إلى أن “التعزيزات الحكومية جاءت بدون إمدادات، وفُرض على تجار المحافظة إطعام آلاف الجنود من القوات النظامية، المنتشرين على الحواجز وفي البنايات الفارغة”.

ويجزم الناشط، في ختام إفادته لـ”الحل نت”، أن “وجود التعزيزات الحكومية مؤقت، إلى أن تنتهي تماما أي نية لدى المواطنين بالاحتجاج ضد حكومة دمشق. وبعدها سيُترك الأمر للجماعات المسلحة في السويداء، لتعيث فسادا في المحافظة كما تشاء”.

يذكر أن قيادة شرطة محافظة السويداء وزعت منشورا طلبت فيه من المواطنين الابلاغ عن أي شخص يحاول الاعتداء على حياة الناس، أو سرقة الأملاك الخاصة أو العامة، لا سيما المدارس، والسيارات المتوقفة أمام منازل أصحابها، ومحطات الكهرباء وشبكات الهاتف.

إلا أن المواطنين تلقوا المنشور باستهجان كبير، لعلمهم أن الشرطة والقوى الأمنية التابعة لحكومة دمشق ترفض بشكل قاطع الخروج من مقراتها لأي سبب، والاستجابة لبلاغات واستغاثات المواطنين. فضلا عن أن كثيرين يعتبرون القوى الأمنية شريكة أساسية في الفوضى التي تثيرها الجماعات المسلحة في السويداء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.