لبنان تستعيد علاقاتها مع دول الخليج.. ما تأثيره على المنطقة؟

لبنان تستعيد علاقاتها مع دول الخليج.. ما تأثيره على المنطقة؟

تتحضر لبنان، خلال الأيام القادمة لعودة العلاقات مع السعودية ودول الخليج، بعد انقطاع دام نحو 5 سنوات، بعد قيام هذه الدول بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من لبنان، بسبب السياسات اللبنانية التي وُصفت بأنها معادية لمصالح الخليج، والنابعة من الوقوف في الصف الإيراني بقيادة حزب الله، ودعم الحوثيين في اليمن.

ويحاول لبنان في الآونة الأخيرة، التخلص من المشكلات التي أدت إلى الخلافات مع الدول العربية، ليتم مؤخرا وضع أسس من قبل الخليج ضمن المبادرة الكويتية التي طرحها وزير الخارجية الكويتي مطلع العام الحالي على المسؤولين اللبنانيين، والتي ضمت بنوداً يتوجب على لبنان الالتزام بها تجاه الخليج والسعودية، أبرزها وقف تحويل بيروت لمنصة استهداف للسعودية، حسب متابعة “الحل نت”.

عودة بطيئة

يرى مراقبون، أن رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، نجح في كسر القطيعة الخليجية عموما والسعودية خصوصا مع لبنان، وفتح الباب أمام عودة الاهتمام العربي والخليجي به، حيث أعلن يوم الإثنين الفائت، التزام حكومته بإعادة العلاقات بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها، فضلا عن التزامها بقرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، ومشددا على التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، والتزام العمل الجدي والفعلي لمتابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها بما يضمن السلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان وتحصين وحدته، حسب متابعة “الحل نت”.

وفي مقابل ذلك، رحبت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها بما تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط إيجابية، وقالت إنها “تأمل في أن يساهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا”.

وترى الكاتبة السياسية في موقع إندبندنت بالعربية، سوسن مهنا، في حديثها لـ”الحل نت”، أن عودة العلاقات حتى الآن تسير ببطء، وما تم التأكد منه أن السفير السعودي سيعود إلى لبنان مع بداية شهر رمضان المقبل، وفي حقيقة الأمر، لا يمكن القول أن السعودية خرجت من لبنان بشكل كامل، أما بالنسبة لمغادرة السفراء فله خلفيات موضوعية، منها حديث الوزير قرداحي عن الحرب في اليمن، إضافة إلى أن لبنان تحول لمنصة لمهاجمة السعودية واتهامهم بالإرهاب، ومنصة لتصدير الكبتاجون، ومع هذه العوامل لا يمكن أن تستمر علاقة أي دولة مع أخرى، خاصة لبنان الذي يعتبر صديقا تاريخيا للسعودية.

وأضافت مهنا، أنه بعد الورقة الكويتية، جاء بيان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ليلقى ترحيبا في الوسط الخليجي، ولذلك ستعود العلاقات السعودية الخليجية مع لبنان، لكن لن تعود كما كانت، ومن أجل عودة العلاقات إلى طبيعتها فإن مسؤولية ذلك تقع على لبنان، فمعظم الشعب اللبناني يرحب بعودة العلاقات، لكن بمقابل ألا يظل لبنان بيد حزب الله الذي يهيمن على مراكز القرار، يجب أن تمسك الدولة اللبنانية زمام الأمور وهذا ما هو مستحيل حتى الآن.

قد يهمك:عودة خليجية مرتقبة إلى لبنان

الهيمنة الإيرانية تعكر العلاقات في المنطقة

وفي سياق عودة العلاقات العربية مع لبنان، زار مبعوثان من قطر والإمارات بيروت منتصف الأسبوع الماضي، وأجريا لقاءات سياسية وأمنية بهدف التحضير لعودة السعودية ودول الخليج إلى لبنان، حيث التقيا كل على حدة قيادات من حزب الله لتهدئة الأوضاع والأجواء، مشيرة إلى أن الحزب أعطى إشارات إيجابية حول العلاقة مع السعوديين، وأبدى حرصه على إعادة العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي في ظل تقدم الحوار بين السعودية وإيران.

ولكن ترى مهنا، أن هناك أسبابا تعكر العلاقات العربية اللبنانية، حتى وإن تمت عودة السفراء، فمن وجهة نظرها، طالما أن بقاء مراكز القرار بيد حزب الله “الذراع الإيرانية”، وطالما أن لبنان يتدخل في سوريا واليمن ومناطق أخرى، حتى الرئيس عون الذي قال في الفاتيكان أن الحزب مكون لبناني، في حين أنه مصنف على قوائم الإرهاب فلن تكون العلاقات العربية اللبنانية سليمة، ومن أجل ذلك يجب أن يكف حزب الله عن كل ما يقوم به.

ومن ناحية ثانية، تعتقد مهنا، أنه في ظل الانشغال الغربي عن المنطقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن إيران ستزداد هيمنتها، وهذا ما دفع السعودية لمحاولة استعادة لبنان للحضن العربي، وأيضا لوحظ تحركات عربية أخرى، كزيارة الرئيس السوري للإمارات، واجتماع شرم الشيخ الثلاثي، وزيارة وزير خارجية إيران إلى دمشق لإرسال رسالة واضحة أن إيران لا يمكن أن تنسحب من المنطقة بسهولة، ولا تزال تهيمن على سوريا، ولها ذراع قوية في لبنان، ولكن هناك أمر يمكن أن يحد من هذه الهيمنة وهو قرار من الرئيس السوري بالعودة بشكل كامل إلى المجموعة العربية، وهذا ليس واضحا حتى الآن.

إقرأ:ماذا ينتظر التيار السني في لبنان بعد انسحاب سعد الحريري؟

لا انعكاس لعودة العلاقات على الداخل اللبناني

من المقرر مع عودة العلاقات السعودية اللبنانية، أن يبدأ عمل الصندوق السعودي – الفرنسي لدعم لبنان الذي تقرر في الاجتماع الذي عُقد بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان، بعدما تبرعت المملكة بـ 36 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، وستصرف المساعدات للمؤسسات الإنسانية غير الرسمية.

ولكن وبحسب الصحفية اللبنانية فاطمة عثمان، فإنه لن يكون هناك آثار إيجابية أكثر من هذا التبرع، ولا ترى أن يكون هناك انعكاس على الداخل اللبناني لسبب رئيسي، وهو أن مشكلة السعودية الرئيسية في لبنان هي حزب الله، الذي استمر بمهاجمة السعودية، وإصراره على إدخال حبوب الكبتاغون المخدرة إلى أراضيها، وما لم يكف الحزب عن ممارساته فلن تعود العلاقات إلى طبيعتها، ولن يشهد الداخل اللبناني تلك التأثيرات الإيجابية لعودة هذه العلاقات.

قد يهمك:لبنان.. ما الذي سيحصل بعد انسحاب سعد الحريري من المشهد السياسي؟

تسارع في التحركات وبناء علاقات جديدة، وجدت دول المنطقة برمتها أنها أمام واقع جديد، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والانكفاء الغربي عن المنطقة، ومحاولات الهيمنة الإيرانية، ما جعل هذه الدول أمام خيار تحالفات جديدة تقيها الخطر الإيراني المتمدد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة