تواصل الحكومة السورية تقديم وعود عديدة من أجل إيجاد حلول بديلة للمواد المستوردة من الخارج والأضرار التي لحقت بالاقتصاد السوري نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، والارتفاع غير المسبوق في الأسعار مؤخرا في الأسواق السورية، وسط معاناة متزايدة للأسر السورية، خاصة وأن دخل المواطن السوري في أدنى مستوياته.

حيث وعدت وزارة الزراعة السورية قبل يومين، المزارعين بدعم زراعة الذرة الصفراء كما القمح ضمن خطة الوزارة لتشجيع زراعة هذا المحصول، وخفض تكاليف الاستيراد.

بدائل لاستيراد الذرة الصفراء

عقدت وزارة الزراعة السورية يوم الخميس الفائت، ورشة عمل في منطقة سلحب بريف محافظة حماة وذلك لدعم وتشجيع الفلاحين للتوسع بزراعة الذرة الصفراء باعتبارها المادة الأساسية للأعلاف، وذلك بحضور العديد من المعنيين في قطاع الزراعة، وفقا لتقرير صحيفة “تشرين” المحلية.

وقالت وزارة الزراعة، بأنها ستقوم بدعم الفلاحين في زراعة الذرة الصفراء كما القمح ضمن خطة الوزارة للتشجيع على زراعة هذا المحصول, وذلك في سبيل تخفيض تكاليف الاستيراد من الخارج.

وأردفت الوزارة للصحيفة المحلية، “كأن يتم تقديم مستلزمات الإنتاج للمنتجين, واستجرار المحصول منهم بأسعار مناسبة بعد دراسة تكاليف زراعة الدونم.

وعن أسباب التوجه إلى توسيع زراعة الذرة الصفراء، أوضح أسامة الحمود مدير الإنتاج الحيواني في الوزارة، لصحيفة “تشرين” السورية، أن “الدافع هو ارتفاع أسعار الأعلاف والمشكلات التي نواجهها في عملية الاستيراد، ولهذا عمدت الوزارة إلى إزالة المعوقات التي تعترض عملية الاستيراد منها معوقات خارجية لا يمكن العمل عليها وداخلية يمكن الحد منها، كما تم تشميل منشآت الذرة ببرنامج بدائل المستوردات وتأمين مجففات للذرة”، وفق تعبيره.

وأردف الحمود، سيتم دعم الفلاح من صندوق الدعم الزراعي بـ 2000 ليرة سورية لكل دونم زراعي وسيدعم المحصول كما يدعم القمح.

وتأتي وعود الوزارة لإيجاد بدائل لاستيراد الذرة الصفراء، باعتبار أن سوريا تستورد جزءا كبيرا من الذرة الصفراء من روسيا وأوكرانيا وأن الحرب أوقفت الآن الاستيراد.

وكذلك الارتفاع اليومي في أسعار الأعلاف بما في ذلك الذرة الصفراء كمكون رئيسي لغذاء الدواجن. ومؤخرا ترك العشرات من مربي الدواجن العمل بسبب تغير أسعار العلف مما أدى إلى عدم قدرتهم على تأمين تكاليف الدواجن، وهذا الأمر أثر على ارتفاع أسعار البيض والفروج الذي شهدته الأسواق مؤخرا, مما جعله خارج موائد غالبية السوريين.

قد يهمك: رفع أسعار الأعلاف في سوريا بحجة أوكرانيا

قطع الحبل في منتصف الطريق!

وخلال ورشة العمل التي أقامتها وزارة الزراعة السورية قبل يومين، في منطقة سلحب بريف حماة، أبدوا الفلاحون من جانبهم، استعدادا كبيرا لزراعة الذرة، وطالبوا الوزارة السورية بضرورة “تأمين البذار والسماد والمازوت واستلام المحصول حسب الأسعار الرائجة في السوق”، وفقا لصحيفة “تشرين”.

كما طالب أحد المزارعين بإصدار بطاقة ذكية خاصة بالمزارعين للحصول على مستحقاتهم من المواد الزراعية المدعومة لأن الكثير من الفلاحين لا يحصلون على مادة المازوت علما أنه متوفر للزراعة لكن لا يصل إلى مستحقيه، بينما ناشد أحد الفلاحين الوفد الوزاري ومديري الزراعة قائلا: “نتمنى ما توصلونا لنص البير وتقطعوا الحبلة فينا” كما حصل معنا في زراعة الشوندر، وفق تعبيرهم لما نقلته الصحيفة المحلية.

من جانبه، شدد المدير العام للهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب أوفى وسوف، على اعتماد البذار الذي تؤمنه الوزارة لأنه الأضمن والأفضل وألا يفكر أي من الفلاحين بالبذار المحلي فإنتاجه قليل لا يتجاوز 400 كغ للدونم، بينما البذار الهجين يقدر إنتاجه بين 800_ 1000 كغ للدونم.

بينما تحدث مدير الإنتاج النباتي في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، وفيق زروف، أثناء الورشة، عن المشاكل التي يمكن أن تعترض الإقبال على زراعة الذرة وإن هناك العديد من المتطلبات لهذا المحصول وأهمها “توفر المصدر المائي ومستلزمات الإنتاج”، ويجب أن يكون نوع البذار المستخدم في الزراعة هجين وليس محلي, لأن عائد الهجين الاقتصادي يعادل ثلاث أضعاف المحلي.

وتتعهد الحكومة بتقديم الدعم للمزارعين من أجل زراعة الذرة وبالتالي زيارة معدل إنتاج الأعلاف المحلية، من أجل دعم مربي الدواجن وضبط أسعار الدجاج والبيض التي ارتفعت في الفترة الماضية، ولكن هذا الدعم يتطلب عدة متطلبات منها البذور والمياه والأسمدة والمازوت، وهذا ما سيشكل عقبة كبرى وفشلا للمزارعين إذا ما أوفت الحكومة بهذه الوعود.

وخاصة وأن الحكومة وعدت قبل الآن عدة مرات بدعم عدة قطاعات، لكنها لم تفِ بوعودها. إضافة إلى عجزها عن توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة على العائلات السورية، وهذا ما يضع شكوكا حول وعودها التي تطلقها عادة ولا تكون سوى حبرا على الورق.

كذلك، لم تقم الحكومة على تعويض المزارعين المتضررين نتيجة العواصف التي ضربت البلاد قبل أسابيع، حيث تضرر المئات من البيوت البلاستيكية، التي يزرع فيها المزارعون الخضار والفواكه في الساحل السوري.

قد يهمك: تصريحات رسمية تؤكد ارتفاع جديد للأسعار وتُحمّل السوريين المسؤولية

ارتفاع في أسعار الفروج والبيض

وقال، مدير عام الأعلاف، عبد الكريم شباط في تصريح لصحيفة “تشرين”، إن السوق المحلية بحاجة ماسة إلى مادة الذرة ولدينا نقص شديد فيها، ومما زاد في تفاقم هذا النقص الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث كانت أوكرانيا تنتج 30 بالمئة من حاجة السوق العالمية من مادة الذرة وارتفع سعر طن الذرة إلى 2 مليون و600 ألف ليرة سورية، وتبلغ حاجة الحكومة السورية من الذرة بين 800 مليون و200  ألف طن، بينما بلغ الإنتاج المحلي 250 ألف طن فقط، في العام الفائت.

ومع اقتراب شهر رمضان، بدأت الموجة الأكبر في ارتفاع الأسعار، ما سيحرم العائلات السورية، التي اعتادت على وجود اللحوم بأنواعها كطبق رمضاني رئيسي، لتتحول هذه المائدة إلى مائدة رمضانية نباتية.

لجنة مربي الدواجن أطلقت مؤخرا تحذيرات عديدة من تدهور القطاع، حيث  زيادة أسعار الأعلاف ونقصها في السوق. ترافقت في الوقت ذاته مع موجة الصقيع والعاصفة الحالية التي سببت أضرارا كبيرة لم يتم إحصاؤها بعد وفقا للجنة المربين. مما يعني زيادة في التكاليف والأسعار مع قرب بداية شهر رمضان الذي عادة ما يشهد زيادة في الطلب.

وفي السياق ذاته، تابع “الحل نت”، منذ الفترة الماضية، الارتفاع الحاصل في أسعار الدواجن والبيض. حيث تجاوز سعر طبق البيض 12 ألف ليرة في السوق السورية، والدجاج ما بين 12 ألف وما فوق للكيلو المذبوح. و22 ألف ليرة وما فوق لكيلو الفروج المشوي، حسب نوعه ووزنه.

كما رصد الموقع، عزوف العديد من العائلات، عن شراء الفروج الجاهز، لارتفاع سعره بمعدل يصل إلى نحو ربع الراتب. أي نحو 33 ألف ليرة لوزن 1.5 كيلو، بعد أن كان سعره لا يتجاوز 150 ليرة قبل الحرب في سوريا.

ويتوقع الخبراء أنه بعد فترة ليست ببعيدة ستبدأ الحكومة السورية في رفع أسعار المشتقات النفطية أضعافا مضاعفة، وبالتالي سيؤثر على الحياة اليومية عموما، خاصة وأن الأزمة الأوكرانية في تصاعد والعقوبات الاقتصادية على روسيا تزداد يوما بعد يوم وبالتالي سيؤثر على ارتفاع الأسعار عالميا، وهذا الأمر لا يستطيع اقتصاد سوريا تحمله، خاصة وأنه يعاني من تدهور منذ عدة سنوات.

قد يهمك: تزايد أسعار الذرة الصفراء في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.