لا تزال انتهاكات قادة وعناصر في “الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة، تجاه مدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم شمال شرق حلب، تثبت يوما بعد الآخر مدى التسيب والانفلات الذي تعيشه المنطقة دون وجود أي قانون يحاسب ويردع تلك التجاوزات المستمرة.

وفي آخر انتهاكات رصدها “الحل نت” لقائد فصيل “السلطان سليمان شاه” السابق “أبو عمشة” وعناصر فصيله.

أقدم مسلحو الفصيل على اعتقال أكثر من 30 شخصا من أبناء منطقة “الشيخ حديد” على مدى الأيام القليلة الماضية، وزجهم في المعتقل، بحجة التواصل مع جهات معادية لهم، وفقا تبريرهم، كما منعوا ذويهم من التواصل معهم بدون دفع مبالغ مالية.

مصادر محلية أفادت لـ “الحل نت” أن “السبب الرئيسي وراء حملة الاعتقالات هذه، إدلاء المعتقلين بالشهادة للجنة التحقيق الثلاثية، عما تعرضوا له من انتهاكات في وقت سابق على يد “أبو عمشة” وفصيله، الأمر الذي تسبب بعزل الأخير من منصبه مؤخرا”.

اعتقالات الجملة

أحد المفرج عنهم، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أفاد لـ “الحل نت” قائلا إن “مسلحو “العمشات” اقتادوه من داخل منزله أمام عائلته، دون معرفة السبب، كما تعرض للضرب المبرح والشتائم، لحظة سؤاله العناصر عن سبب اعتقاله”.

ويضيف أنه “تعرض للتعذيب الشديد من قبلهم خلال اليومين التي أمضاها في السجن، لولا أن ذويه دفعوا مبلغ مالي لأحد سماسرة الفصيل، مقابل إطلاق سراحه”، مشيرا إلى أن “السبب الرئيسي لاعتقاله، كان شهادته ضد “أبو عمشة” أمام لجنة التحقيق الثلاثية التي شكلتها لجنة رد المظالم التابعة لغرفة عمليات “عزم” في الفترة الماضية، لأن أحد العناصر ذكر ذلك خلال ركله له، قائلا “هذا جزاء من يتمرد على أسياده”.
ونوه المصدر إلى أن “بين المعتقلين كبار في السن، إلا أن ذلك لم يشفع لهم، فالجميع المعتقلين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، لذات السبب”.

الانتقال من الفصائلية إلى “المافياوية”

يقول الباحث محمد السكري، إنّ “تعريف الفصائلية، في الحقيقة، له سياق خاص مرتبط بالحالة السورية الراهنة أكثر من أن يكون تعريفا أكاديميا، ويدل على النزاعات البينية بين مجموعات مختلفة لأهداف مختلفة”.

لذا الانتقال من الحالة الفصائلية إلى “المافياوية” مرتبط بعدة مقومات، ربما أبرزها قلة فرص اندلاع حرب العصابات، والانتقال لحرب المافيات، والفرق بينهما أنّ حروب العصابات في العادة تهدف لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، بينما حرب المافيات تركز على المكاسب المادية، ومع غياب الأول يبرز النوع الثاني.

الأخير، الذي يُعبر بدقة عن واقع قيادات عسكرية مثل (أبو عمشة) في الشمال السوري بالتالي
مضيفا، أن “انعدام فرص فتح جبهات عسكرية ضد القوى الأخرى لا سيما الحكومة السورية، دفعت تلك الشخصيات للتركيز على استخدام ورقة الاستعراض والهيمنة والقوة العسكرية لتحصيل مكاسب شخصية ومادية أي عبر الارتزاق، ومع غياب الفكر المؤسساتي يمكن القول إنّ “هذا يعبّر عن حالة فوضى وغياب التنظيم والتراتبية أي (الهيراركية) الإدارية التراتبية”.

تصفية حسابات

وفي خطوة اتخذت في شكلها الظاهري الدفاع عن حقوق الأهالي الذين تعرضوا لانتهاكات وصلت إلى درجة القتل من قبل فصيل “العمشات”، إلا أنها لم تكن سوى تصفية حسابات وانتقامات بين قادة الفصائل لا أكثر.

وكانت لجنة التحكيم المكلفة بالتحقيق بانتهاكات فرقة “سليمان شاه”، أصدرت قرارا أواخر فبراير الماضي، ينص على نفي قائدها محمد الجاسم الملقب “أبو عمشة” واثنين من أولاد عمه خارج منطقة عمليات “غصن الزيتون”، لمدة “عامين هجريين”، بعد إدانتهم “بجرم الفساد”، حسب تقارير صحفية.

وجاء في القرار، تجريم كل من، محمد الجاسم (أبو عمشة) ووليد حسين الجاسم (سيف) ومالك حسين الجاسم (أبو سراج) وأحمد محمد خوجة وعامر عذاب المحمد وحسان خالد الصطوف، بجرم الفساد، وهم جميعا قادة في فصيل “فرقة سليمان شاه”.

مصادر خاصة لـ “الحل نت” أكدت استمرار نفوذ “أبو عمشة” وسلطته في المنطقة إلى الآن، وأن قرار عزله ونفيه، لم يكن سوى حبر على ورق، ولعل ظهوره الأخير في صور نشرها المكتب الإعلامي التابعة للحكومة المؤقتة المعارضة، تضم قادة الصف الأول في “الجيش الوطني” وبينهم “أبو عمشة” خير مثال على ذلك.

ووثق “الحل نت” خلال السنوات الماضية عدة انتهاكات وتجاوزات نفذتها فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من أنقرة، ضمن مناطق سيطرتها بريف حلب الشمالي، وخاصة في منطقة عفرين ونواحيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة