يدفع السوريون ضريبة الارتفاع المستمر للأسعار، خاصة الفئة الأضعف ماديا، وبمجرد ما ارتفع سعر شيء ما، حتى يمتد أثرها فورا إلى هذه الفئة، دون أن توليها الحكومة السورية اهتماما أو تقدر أوضاع المواطنين المادية السيئة، أو تضع حلولا مقبولة نوعا ما للأوضاع الاقتصادية المتدهورة يوما بعد يوم.

وذلك في حين يتم تداول أحاديث كثيرة حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أكثر من 45 ألف ليرة سورية.

تسعيرة الطبيب الحالية “غير واقعية”

بعد ورود معلومات عن تقاضي بعض الأطباء بدمشق 45 ألف ليرة سورية للمعاينة الطبية، أوضح نقيب أطباء دمشق أن سعر الكشف يتوقع أن يتراوح بين 10 و 20 ألف ليرة، ومهما ارتفعت ستكون ظالمة للطبيب.

وجاء حديث نقيب أطباء دمشق، عماد سعادة، خلال حديثه مع برنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم” المحلية، يوم أمس، حيث أردف إنه “لم تصله أي شكوى حول تقاضي أحد الأطباء بدمشق معاينة 45 ألف ليرة” بينما لم ينفِ المعلومة المتداولة”.

وبرر سعادة للإذاعة المحلية، هذه الأحاديث المتداولة، قائلا: “النقابة ووزارة الصحة لا تقبلان بهذه التسعيرة وتم التعامل مع جميع الشكاوى التي وصلت عن طريق توجيه تنبيه للطبيب”.

وبيّن سعادة أنه تجري الآن دراسة تسعيرة جديدة للكشف الطبي بالتنسيق بين وزارتي الصحة والمالية وجهات عدة، حيث من المتوقع أن تتراوح بين 20-10 ألف ليرة سورية، ونوّه إلى أنه نتيجة الظروف التي طرأت خلال السنوات الماضية، فمن المفترض أن تعدل كل ثلاث سنوات، وبالتالي التسعيرة الحالية غير واقعية ولا يوجد التزام بها”.

بينما يتراوح التسعيرة المتعارف عليها حاليا تتراوح بين 11-8 ألف ليرة، وهي منطقية بحال الفحص السريري، أما في حال كانت هناك مراجعات أو استشارات أخرى يتقاضى الطبيب مبلغا أكبر، وفقا لنقيب الأطباء بدمشق.

وأشار نقيب أطباء دمشق إلى أن التسعيرة ستكون موحدة للجميع، وستشمل القطاعات الحكومية، حيث لا يمكن أن تصدر الوزارة تسعيرتين مختلفتين، مضيفا أنه يتم الأخذ بالاعتبار سنوات الخبرة والممارسة، لتكون التسعيرة وفقا لشرائح.

وبحسب وسائل إعلام محلية، هناك شكاوى كثيرة بخصوص تقاضي الأطباء على المعاينات بمبالغ كبيرة، تصل أحيانا إلى قرابة 50 ألفا، فيما طالب البعض بضرورة ضبط هذا الأمر ومراقبة الكشف الطبي حتى يكون عادلا للمريض والطبيب في نفس الوقت.

بينما تجري وزارة الصحة دراسة حول رفع أسعار المعاينات الطبية، لا يتجاوز راتب الموظف الحكومي أكثر من 100 ألف ليرة سورية، أي نحو 35 دولارا، وهذا الأمر يشكل عبئا إضافيا على كاهل المواطنين. من غير المنطقي أن ترفع الحكومة أجور قطاع معين، دون أن تقوم برفع رواتب الموظفين أو وضع حل لأحوال المئات من المواطنين الذين يعانون منذ سنوات من تدهور الأحوال المعيشية.

وضمن هذا السياق، فقد اقترب سعر صرف الدولار الواحد من عتبة أربعة آلاف ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات، في حين يعيش أكثر من 85 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر وفقا لآخر إحصائيات “الأمم المتحدة”.

قد يهمك: 300 ألف ليرة سوريّة شهرياً لأطباء التخدير بسبب نقص أعدادهم

نقص في أعداد الأطباء

قال نقيب الأطباء بدمشق، عن وجود نقص بعدد الأطباء في كثير من الاختصاصات كالنفسية والعصبية، وخاصة خلال الفترة السابقة، وأضاف أن عدد أطباء التخدير قليل بسبب الحاجة لطبيب التخدير للتدخل في اختصاصات كثيرة أخرى، حيث لا يمكن إجراء أي عمل جراحي أو تصوير للأطفال دونه.

ويبلغ عدد أطباء التخدير المسجلين بفرع دمشق 245 طبيبا، وتخلى عن عمله 41 طبيبا، وما تبقى موزعون على القطاعات الطبية المختلفة.

حيث فرضت ظروف الحرب وما تبعها من انهيار اقتصادي في سوريا، أوضاعا جديدة أدت إلى سعي السوريين للبحث بشتى الوسائل عن فرص للعمل لتحسين أوضاعهم المعيشية، سواء كان ذلك في سوريا أو خارجها، وأيا كانت شروط العمل التي تعتبر غير مقبولة فيما لو كانت أوضاع السوريين الاقتصادية على طبيعتها.

ونتيجة لهذه الأوضاع وككل السوريين، الذين يغادرون سوريا في هجرة للبحث عن موارد للعيش، فقد تفاقمت هجرة الكوادر الطبية السورية، من أطباء وممرضين ومَخبَريين، إلى العديد من الدول نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعانون منها، ولعدم وجود فرص عمل وأجور كافية لهم.

استقطاب الأطباء من دول الخارج

من جانبه اعترف نقيب أطباء ريف دمشق، خالد قاسم موسى، في تصريحات سابقة، إن قضية هجرة الأطباء صحيحة، وتستقطب هذه الدول الأطباء إذ تتراوح رواتبهم هناك بين 1200 و 3000 دولار شهريا.

وحيث لا تزال هجرة الأطباء في سوريا مستمرة، فقد وصلت الأعداد إلى نحو كبير، حيث سبق وأن نقل “الحل نت”، عن الطبيب السوري ماهر الزعبي، المدير الإداري ومسؤول التواصل في مشفى الجيزة بدرعا، إلى أن البيانات المتعلقة بأزمة الهجرة في سوريا تقدر بأن حوالي أكثر من 25 ألف طبيب غادروا البلاد منذ بداية الأزمة في عام 2011.

وأن ليبيا دخلت أيضا على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة، بعد العراق، حيث أن دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج دوله إلى إتقان الإنكليزية، بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية.

وأشار تقرير سابق لـ “الحل نت”، إلى أن تدفق كبير للأطباء في الآونة الأخيرة لأطباء التوليد من الخريجين الجدد، وتعتبر الصومال وليبيا والعراق واليمن أبرز وجهاتهم، حيث يتراوح راتب الطبيب منهم بين 2000 – 3000 دولار شهريا، بينما تتراوح رواتب التخصصات النادرة كجراحي الصدر والعظام والعمود الفقري، وأطفال الأنابيب ما بين 20 – 30 ألف دولار شهريا.

ولفت تقرير “الحل نت”، إلى أن هناك 300 طبيب سوري في الصومال، مقابل حوالي 1000 طبيب في العراق، وهو عدد ليس بالقليل، رغم أنه لا يؤثر على العمل الطبي في بعض التخصصات داخل سوريا، لكنه يؤثر في تخصصات أمراض الأوعية الدموية والصدر والجهاز العصبي والرئوي، بينما محافظة حلب لديها ثلاثة أطباء صدرية فقط ونفس العدد من جراحي الأوعية الدموية، وهو عدد ضئيل للغاية.

قد يهمك: 5 أسباب لهجرة الأطباء من سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.