في خضم التوترات السياسية الدولية الحالية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، شهدنا تغيرات على الساحتين الدولية والإقليمية، ومن المتوقع بحسب مراقبين أن ينعكس ذلك في الملف السوري بشكل خاص، لاسيما بظل الوجود الروسي والأمريكي في سوريا، فضلا عن وجود قوى دولية أخرى مثل إيران وتركيا.

تطورات الوجود الأمريكي في سوريا

بحسب وسائل إعلام أمريكية، تسلم الجنرال الأمريكي، مايكل كوريلا مهامه كرئيس للقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، خلفا لكينيث ماكنزي الذي تقاعد من منصبه، يوم الجمعة الفائت، حيث تشرف (سنتكوم) على العمليات العسكرية في العراق وسوريا وأفغانستان واليمن.

وجاءت عملية تسليم المهام في حفل ترأسه وزير الدفاع لويد أوستن، وكبار قادة وزارة الدفاع الأمريكية الحاليين والسابقين، ومن بينهم قائد هيئة الأركان المشتركة السابق الجنرال المتقاعد جوزيف دنفورد ومسؤولين آخرين.

وأعرب أوستن، الذي تولى بنفسه قيادة القيادة المركزية من آذار/مارس 2013، إل نيسان/أبريل 2016، إن “القيادة المركزية ستستمر في الازدهار تحت قيادة الجنرال كوريلا خلال فترة حرجة في منطقة لا تزال خطرة ومعقدة”، وفق تعبيره أثناء عملية تسلم المهام من قبل كوريلا.

وحول ما إذا كان هناك من تطورات مرتقبة للتواجد العسكري الأميركي في سوريا، بعد تعيين كوريلا، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي، وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، أنه “بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، رأت الإدارة الأمريكية أنه يتعين عليها تعزيز موقعها وموقفها في سوريا، وكان هناك تفاهمات روسية-أمريكية قبل الحرب الأوكرانية، في المناطق المتنازع عليها في سوريا، لا سيما مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المحمية من قبل القوات الأمريكية، وبالتالي هناك إعادة ترتيب للقوات الأمريكية في هذه المنطقة خاصة بعد الانسحاب الجزئي من العراق، وهناك استعدادات لأية تحركات روسية متوقعة في سوريا”.

وأردف المحلل السياسي خلال حديثه لـ”الحل نت”، “لأن الخلاف الروسي-الأمريكي وصل إلى مرحلة غير مسبوقة، وترى الإدارة الأمريكية أنه لا بد من تعزيز موقعها في سوريا وقد تكون هناك تحركات في المنطقة، لذلك لم تكن أمريكا راضية عن التحركات الخليجية-السورية في الفترة الأخيرة، وتعتقد أمريكا أنه يجب أن يكون هناك ردود فعل وعقوبات ضد حكومة دمشق التي تعتبرها روسيا حليفتها الرئيسية والتي تدعمها روسيا بشدة”.

وتابع المحلل السياسي، “كما اتخذت الإدارة الأمريكية بعض الخطوات لتعزيز المواقع الأمريكية في سوريا، إلى جانب تحركات القوات الأمريكية، لأي تطور في الشأن السوري، بالإضافة إلى دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، تحسبا لأي تغيير في المنطقة، سواء من روسيا أو الحكومة السورية، حتى تكون هناك ردود فعل أمريكية، لذلك نرى أن التحركات الأمريكية سيكون لها تأثير مختلف عما مضى في سوريا.

قد يهمك: انتهاء شهر المحاسبة الأميركي في سوريا.. ما الذي ينتظر الملف السوري؟

الحرب الأوكرانية قلبت قاعدة التفاهمات

وقبل أيام كان ماكنزي قد أدلى بآخر تصريحاته، حيث ركز بشكل أساسي على تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، أوضح ماهية الدور الذي ستقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وأكد ماكنزي أن السبب الرئيسي لوجودهم في سوريا هو “مواصلة القتال ضد” تنظيم “داعش”، وأضاف: “لذلك لا يزال هناك عمل يتعين القيام به في سوريا. سيكون هذا قرارا سياسيا ستتخذه القايدة الأمريكية ونحن نمضي قدما، بناءً على الوضع على الأرض”.

وبالعودة إلى المحلل السياسي، مهدي عفيفي، حيث قال: ” قد لا يكون التصعيد مجرد زيادة في عدد الجنود الأمريكيين، بل قد يكون زيادة في الدوريات العسكرية الأمريكية وتكثيف للجانب الاستخباراتي في المنطقة، خاصة وأن الإدارة الأمريكية تتوقع أن يكون هناك تحرك روسي محتمل في المنطقة”، وفق تعبيره لـ”الحل نت”.

ووفق تقدير المحلل السياسي، “بالطبع، للتصعيد الروسي في أوكرانيا تأثير سلبي جدا على المنطقة، لأنه كان هناك تنسيق وتفاهمات روسية-أمريكية، أيضا وعلى أساس أنه منذ ما يقرب من 30 عاما كانت هناك تفاهمات بين روسيا وأمريكا والدول الغربية في المنطقة. لكن ما حصل في أوكرانيا قلبت القاعدة وهناك احتمالات كبيرة لتغيير بعض المواقف في سوريا.

وخلص حديثه بالقول: “من المؤكد هناك تحركات سياسية أمريكية الآن في الملف السوري وبعض التنسيقات مع تركيا وذلك في إطار دعم “قسد” والأكراد عموما، وفي نفس الوقت هناك مع مباحثات مع دول عربية أخرى لأنه لا بد من تحرك أمريكي بخصوص الملف السوري”.

واستبعد المحلل السياسي، أن يكون هناك زيادة في الوجود العسكري، حيث قال:” لا يوجد هناك تواجد عسكري جديد متاح في الفترة الحالية، ولكن هناك تركيز في متابعة الملف السوري على هامش ما يحدث في أوكرانيا”.يذكر أن للجنرال كوريلا “خبرة واسعة” في حربي العراق وأفغانستان، بحسب المعلومات، التي نشرتها شبكة “سي إن إن” الأمريكية، في وقت سابق.

وأضافت الشبكة أنه كوريلا هو قائد الفيلق الجوي الثامن عشر بالجيش في فورت براغ، وهو من فئة ثلاث نجوم وسيحصل على نجمه الرابع برتبة جنرال، بعد تعيينه في المنصب الجديد.

وأصيب بجروح خطيرة في العراق عام 2005، بينما شغل سابقا منصب رئيس أركان الجنرال جوزيف فوتيل، الذي تولى القيادة المركزية خلال إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب، وفقا لتقارير صحفية.

وفي أثناء إدارة باراك أوباما عمل كوريلا أيضا كمساعد القائد العام ومدير العمليات لقيادة العمليات الخاصة المشتركة، والمتخصصة في “جهود مكافحة الإرهاب” للجيش الأمريكي.

قد يهمك: خط إسرائيلي غير مباشر تجاه الأسد.. ما حقيقة ذلك؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.