“الباص البرتقالي” يفجّر الخلافات: هل تستطيع القوى السياسية السنيّة تأسيس تكتّل متماسك لخوض الانتخابات العراقية؟

“الباص البرتقالي” يفجّر الخلافات: هل تستطيع القوى السياسية السنيّة تأسيس تكتّل متماسك لخوض الانتخابات العراقية؟

بعد تطورات كبيرة شهدها العراق، بدأت عام 2019 بالحراك الشعبي، واستقالة حكومة “عادل عبد المهدي”، ومن ثم اختيار مصطفى #الكاظمي رئيساً للوزراء، لإدارة المرحلة الانتقالية، تم الاتفاق على إقامة انتخابات مبكرة، بقانون جديد، ورقابة أممية واسعة، ما تسبب في إحداث هزة في العملية السياسية العراقية، من أهم فصولها الانشقاقات داخل الكتل السياسية السنيّة.

وتصاعدات هذه الانشقاقات مؤخراً، خاصةً بعد قضية “الحافلة البرتقالية”، التي تتعلق بالخلاف بين “محمد الحلبوسي”، رئيس #مجلس_النواب_العراقي، والنائب محمد الكربولي، وهما قطبا “تحالف تقدم” النيابي السني،

وكان “الكربولي” قد كتب تغريدة على موقع “تويتر”، أعلن فيها، بشكل غير مباشر، انسحابه من “تحالف تقدم”، الذي يتخذ اللون البرتقالي شعاراً له، بسبب تفرّد “الحلبوني” بالقرارات. واختتم تغريدته بوسم #الباص_البرتقالي_وداعاً.

 

تكتيك سياسي يسبق الانتخابات

“أحمد الجبوري”، النائب عن “تحالف القوى العراقية”، يرى أن «قانون الانتخابات هو من سيحدد شكل الخريطة السياسية المقبلة، سواء بخروج أو انضمام نواب جدد للأحزاب المشاركة في الانتخابات».

ويضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «بسبب القانون الانتخابي الجديد لن يكون بمقدور الأحزاب السياسية دعم مرشحيها للفوز بالمقاعد النيابية، ولذلك فإن جميع الكتل السنيّة في العراق لم تحسم خيارها، بإعلان انضمامها لأي تحالف، حتى الآن».

وبشأن الخلاف بين “الكربولي” و”الحلبوسي” يبيّن “الجبوري” أن «انسحاب الأول من “تحالف تقدم” أمر طبيعي، ولم يكن مستغرباً، ولكن الانسحاب كان هادئاً، وهذا الهدوء متعلّق بتكتيك سياسي. ومن حق “الحلبوسي” أيضاً الدخول في الانتخابات بشكل منفرد».

كما رجّح “الجبوري” «تشكيل تحالف سني كبير، برئاسة السياسي ورجل الأعمال “خميس الخنجر”»، مبيناً أن «الفترة القادمة ستشهد تبدلات في المواقف والتحالفات، بحسب المصالح السياسية».

 

صراع على زعامة المناطق المحرّرة

النائب “عبد الخالف العزاوي” تحدث لـ«الحل نت» عن الانشقاقات التي حدثت بين القوى السياسية  السنية: «هذه الانشقاقات تحدث قبل كل انتخابات، فبعض النواب يرون أنفسهم مؤهلين للقيادة، فيحاولون تشكيل كتل سياسية جديدة، وهذا يحصل حتى في الكتل الشيعية».

ويفسّر أسباب هذه الانشقاقات بـ«الصراع للسيطرة على المحافظات الغربية، ذات الأغلبية السنيّة، الأمر الذي يسبب الانقسامات بين الكتل السنيّة، التي ترفض سيطرة الميلشيات الشيعية، وعلى رأسها #الحشد_الشعبي، على محافظات #نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى، بعد أن تم تحريرها من تنظيم #داعش، ويسعى كل منها إلى تأسيس قيادة سنيّة بديلة فيها».

ويختتم “العزاوي” حديثه بترجيح «عدم تشكيل كتلة سنيّة كبيرة قبل الانتخابات، ولكن من المتوقع أن تتوحد الرؤى السنيّة في المحافظات الغربية المحرّرة، لمنع سقوطها فريسة التنافس بين بقية المكونات، وخاصة الكُرد والشيعة».

 

دكتاتورية قادة المكون السني

«أغلب القوى السياسية في العراق لا تمتلك أيدولوجيات متماسكة، وإنما ترتبط بالمصالح والتمثيل والتمويل، لذلك تكثر الانشقاقات فيها قبيل الانتخابات، وهذا أمر طبيعي جداً». بحسب “د.حسان المشري”، رئيس “مركز التفكير السياسي”.

“الشمري” يقول لـ«الحل نت» إن «الصراع داخل البيت السني، وما نتج عنه من انشقاقات، سببه دكتاتورية بعض قادة القوى السياسية السنيّة، وسعيهم لفرض سيطرتهم، وكسب أصوات الناخبين، فضلاً عن الخلافات، التي جرت بسبب توزيع الدوائر الانتخابية، ومحاولة الحصول على مساحة في السلطة التشريعية».

وأشار إلى «محاولة كل كتلة سنيّة التنصّل من تنفيذ برامجها الانتخابية السابقة، ما أدى إلى فشلها بتحقيق ما وعدت به جمهورها، فتزعزع استقرار البيت السني. وهذه الانقسامات ستستمر حتى بعد الانتخابات».

 

المال السياسي نقمة على السنة

الكاتب والمحلل السياسي “سعود الساعدي” يقدّم أسباباً أكثر تنوعاً لزيادة المناكفات السياسية بين أطراف المكوّن السني، ومن أبرزها، بحسبه، «تصاعد الخلاف بين فريق يتبنّى الخطاب الطائفي، ويحاول الاستحواذ على الدوائر الانتخابية، وبين فريق معتدل، يهمين على الساحة السياسية حالياً. فضلاً عن وجود وجوه قديمة، تسعى للحفاظ على حضورها في الساحة؛ أما السبب الآخر فهو دخول القطريين والأتراك إلى اللعبة، مقابل الدور السعودي، ما أثّر على المشهد السياسي العراقي».

ويضيف “الساعدي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «هناك أيضاً صراعات مناطقية حقيقية، بين أطراف موصلية وأنباريه من جهة، وأطراف تنتمي لديالى وصلاح الدين من جهة أخرى، لذلك من الصعب جمع البيت السني، وفي حال حدث ذلك فسيكون من أجل مصلحة طائفية، لمواجهة الأغلبية الشيعية والكُردية».

وعن الترضيات بين الكتل السياسية يقول “الساعدي”: «من الصعب حصول ترضيات بين قادة الكتل السنية، فعندما يدخل المال السياسي، القادم من عدة دول، ستزداد المنافسة، وبالتالي سيصعب التراضي. لذلك أرى أن هناك نقمة حقيقية في الشارع السني، على القوى التي من المفترض بها تمثيله، وسيكون لهذا انعكاسات كبيرة على الانتخابات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.