تساؤلات عدة يمكن إثارتها حول الأسباب التي قد تدفع أنقرة لإعادة تفعيل علاقاتها السياسية مع دمشق، سيما وأن أنقرة كانت تحمل لواء المعارضة السورية وتعتبر حكومة دمشق من أشد خصومها، إلا أن ما أعلنت عنه صحيفة “حرييت” التركية حول احتمالات عودة تلك العلاقات المقطوعة منذ 11 عاما يدفع لفتح الباب مشرعا أمام تلك التساؤلات.

تركيا التي أعلنت قبل أكثر من 11 عاما، أنها بجانب الشعب السوري. وهدفها إبعاد الأسد عن السلطة، إلا أن التسريبات الأخيرة تشي بتغير كبير في مواقف أنقرة تجاه الملف السوري.

محادثات رسمية بين دمشق وأنقرة؟

صحيفة “حرييت” التركية، ألمحت في تقرير الإثنين، إلى احتمالية أن تبدأ الحكومة التركية خلال الفترة المقبلة، بمحادثات رسمية مع  حكومة دمشق، تمهيدا لعودة العلاقات بين الجانبين.

قد يهمك: معلومات مهمة عن تأشيرة دخول قطر للسوريين

ونقلت الصحيفة عن مصادر في أنقرة لم تسمّها أن: “هناك تعليقات مفادها أن دور تركيا في الأشهر الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بحسم حرب أوكرانيا، وتركيز روسيا في هذه المنطقة، قد يكون وقتًا مناسبًا لحل المشكلة السورية“.

وبحسب ما ذكرته الصحيفة فإن تركيا، ترى في عودة العلاقات مع دمشق، العديد من المصالح الهامة، أبرزها تتعلق بالسياسات الخارجية.

وترى أنقرة أن سياسة المصالحة هذه، ستسهم في تسهيل خطوات جديدة في مناطق الصراع التي يمكن أن تفتح فصولًا جديدة مع النظام السوري، وخاصة مع أرمينيا وإسرائيل، بينما قد تحتاج مصر إلى المزيد من الوقت.

كذلك فإن أنقرة ستستغل انشغال روسيا في ردود الفعل الدولية حول غزوها لأوكرانيا، لتحجيم الدور الروسي المحتمل في عملية عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، والذي قد يكون معطلا للعملية.

تركيا غيرت موقفها فعلا

ويؤكد الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو أن تركيا بدأت فعلا بجعل موقفها من الحكومة السورية أكثر مرونة مؤخرا، وذلك في ظل التطورات والتحولات الدولية، وبعد الدعوات والضغوط الداخلية التي تتعرض لها الحكومة من قبل أحزاب المعارضة.

ويقول عودة أوغلو في حديثه لـ“الحل نت“: “على وقع المرحلة الاستثنائية التي تعيشها المنطقة من تحولات هيكلية واستراتيجية اتجهت السياسة الخارجية التركية منذ مطلع العام الماضي نحو تبدل واضح في علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي، وبدأت “أنقرة” تميل نحو تغيير المسار السياسي عبر إعادة الانفتاح وفتح قنوات بينها وبين الدول التي كانت قد قاطعتها على خلفية “الربيع العربي” ومنها مصر- واليونان – والسعودية- بعض دول الاتحاد الأوروبي- الإمارات، فيما بدا أنه سعي للعودة مجددا إلى سياسة “تصفير المشاكل“، وإسراع الخطى لإقامة تعاون إقليمي يتيح الفرصة أمام تفعيل الطاقات الكامنة الكبيرة التي تمتلكها تركيا في كافة المجالات“.

وليس بعيدا يؤكد طه أوغلو أن أنقرة تبحث عن وسيلة لإدارة الفوضى في الملف السورية، لا سيما فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، لذلك تتجه حاليا لعودة العلاقات مع دمشق للتقدم في هذه الملفات.

ويضيف: “انطلاقا من هذه الاعتبارات، يبدو أن أنقرة حريصة على إعادة برمجة بوصلتها السياسية فيما يخص الملف السوري بالتالي، فإن إيجاد حل للأزمة السورية بأسرع وقت ممكن، بات أمرا ضروريا بالنسبة لحكومة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم أولا؛ لاستقرار تركيا سياسيا وأمنيا واقتصاديا. ثانيا؛ لاحتواء نزيف القاعدة الشعبية الذي بات مقلقا لمستقبل الحزب الحاكم“.

وفي ضوء الأخبار المتعلقة بإعادة دمج الحكومة السورية مع دول الجوار. وإعادة بعض العلاقات الدبلوماسية مع العديد من دول المنطقة. برزت تسريبات صحفية تركية، أفادت بحدوث لقاء مسؤولين أمنيين من دمشق وأنقرة بوساطة أردنية قبل منذ مطلع العام الجاري.

وتحدثت وسائل إعلام تركية على لسان مصادر أمنية، أن ممثلين عن الحكومة السورية أبدوا موافقتهم على إطلاق عملية مشتركة. شرط أن تشمل شرق الفرات وإدلب بالتحديد. فيما طلب الجانب التركي تعديل اتفاقية أضنة بحيث يصبح لأنقرة الحق في التدخل عسكريا في حال تهديد أمنها القومي بعمق 35 كيلومترا في الأراضي السورية، علما أنها حاليا 5 كيلومترات حسب الاتفاقية.

وإن ما تم التطبيع بين دمشق وانقرة، وتعديل “اتفاقية أضنة” لإطلاق يد تركيا في شمال شرق سوريا، يبقى التساؤل حول مصير القوات الأمريكية التي تقود “التحالف الدولي” ضد الإرهاب والمتواجدة في شرق الفرات.

قد يهمك:أحداث بوتشا الدموية في أوكرانيا.. الغرب يتوعد وروسيا تتهرب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.