دمشق.. “التطنيش” سياسة الحكومة تجاه ارتفاع الأسعار العشوائي

دمشق.. “التطنيش” سياسة الحكومة تجاه ارتفاع الأسعار العشوائي

تشهد سوريا اليوم طفرات بالأسعار ولاسيما على المواد الغذائية بسبب ارتفاع أجور النقل وقلة المحروقات عالميا وارتفاع التصنيع والتوريد وغيرها، ويعتبر ارتفاع الأسعار هو الأكبر خلال 30 عاما، إذ ترتفع أسعار السلع من 30- 40 بالمئة سنويا، في حين أن الارتفاع الطبيعي من 3- 4 بالمئة.

وخلال الفترة الماضية، لم تجد الإجراءات التي تدعي الحكومة القيام بها كتسيير دوريات لمراقبة الأسواق وتحرير ضبوط بحق المخالفين نفعا، كما أنها لم تؤثر في الأسعار مطلقا، فالأسعار لا تزال في صعود بشكل يومي، وهذا ما جعل المواطنين في حالة تساؤل وتشكيك حول دور الحكومة الموافق ضمنا على ما يجري.

سياسة التطنيش

ترتفع الأسعار يوميا وبلا رحمة بغياب العقاب الرادع، ودوريات حماية المستهلك تضبط المخالفين الذين يزداد عددهم يوميا ما يؤشر لعدم المبالاة وربما “لفلفة” الموضوع أحيانا، أو عدم الحزم والجدية بمنع ذلك، كما أن الحكومة لم تقم حتى الآن بإيجاد أي حل جذري لهذه الحالة.

وفي هذا السياق، طالب رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي الجهات الوصائية بالابتعاد عن “الطناش” وإيجاد حلول لفوضى الأسعار العارمة التي تزداد يوميا، مؤكدا على أن الجمعية شكلت لجانا من أعضاء مجلس الإدارة لسبر الأسعار ومراقبتها بين دمشق وريفها، فتبين أن الأسعار ارتفعت أكثر من 60 بالمئة خلال أيام رمضان، الأمر الذي يؤكد وجود فوضى واضحة وعدم مراعاة لانخفاض القوة الشرائية للمواطن، مضيفا إن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعتمد في التسعير على إنصاف التجار، حسب صحيفة “الوطن” المحلية.

وكان المعقالي، قد قال في وقت سابق لمواقع صحفية محلية، أن كل ما تنادي به الحكومة من تحسين للواقع المعيشي للمواطن وتأمين احتياجاته هو مجرد تصريحات، لا أساس لها على أرض الواقع، ورأى أن الحكومة شريك في ارتفاع الأسعار والفوضى العارمة في الأسواق والارتفاع بأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية من فوط أطفال ومنظفات وغيرها، حسب متابعة “الحل نت”.

وحمل المعقالي حينها، دوريات التموين وحماية المستهلك مسؤولية ذلك نظرا لعدم وجود عناصر كافية للقيام بمهامهم، خاصة أن هناك تجارا محتكرين همهم الاستفادة من الأزمة ورفع أسعار السلع وزيادة أرباحهم الفاحشة المرهقة للمواطن.

إقرأ:أسعار غير مسبوقة في الأسواق السورية منذ 30 عاما

الحكومة سبب في ما يجري

وضعت الحكومة عنوانا لأدائها في المرحلة السابقة، بأنها لن تتجه إلى زيادات كبيرة في الرواتب كما يقتضي المنطق، وذلك بحجة أن السوق سيمتص هذه السيولة ولن يستفيد منها الموظف الاستفادة الحقيقية المطلوبة، وسيكون الاتجاه نحو تخفيض الأسعار، ، لكن ما حدث على الأرض هو أن الأسعار حلقت بجنون، ودخل المواطن وقدرته الشرائية انخفضا بشكل كبير، والأهم هو أن هامش الثقة بالإجراءات الحكومية انخفض كثيرا، حسب متابعة “الحل نت”.

وفي هذا السياق، تساءل المعقالي: ما دامت الحكومة غير قادرة على ضبط الأسواق والأسعار، لماذا لا تفتح باب الاستيراد لكل السلع ولجميع التجار لخلق روح التنافسية بين التجار مع بعضهم بعضا، وبين التجار والسورية للتجارة، مشددا على أهمية تعزيز القدرة الشرائية للمواطن عبر حلول ولو كانت “ترقيعية” مبدئيا مثل زيادة الرواتب والأجور للعاملين وأصحاب الدخل المحدود لأن الزيادات السابقة امتصها السوق بسبب ارتفاع أسعار الكلف الداخلية التي أصبحت أسعارها تضاهي أسعار السلع المستوردة.

وطالب المعقالي الحكومة بالعمل على إيجاد حلول لتخفيض الضغط عن المواطن، واصفا التذرع بالحرب الروسية-الأوكرانية بالشماعة، والحل الأجدى لحل مشكلة الغلاء يكمن بتخفيض الأسعار وضبط الأسواق، ورفع الأجور حتى لو امتصها السوق وأدت إلى تضخم جديد، وهو حل إسعافي مؤقت حتى يتم تقديم حلول استراتيجية.

قد يهمك:اقتصاد الوهم في سوريا.. الحل “دبر راسك”؟

الأسعار في سوريا تزيد عن دول الجوار

يرى مختصون أن القرارات الحكومية لا تستند إلى دراسات وأبحاث، وخير مثال على ذلك، ما حدث من فوضى عند صدور قرار استبعاد من لا يستحق الدعم، فالحكومة تعتبر التاجر هو الفاعل الاقتصادي الوحيد الذي يجب الاهتمام به، في حين أن العامل الحاسم الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار لا يزال يتم تجاهله إلى حد كبير، وهو أن القدرة الإنتاجية للاقتصاد أصبحت محدودة جدا وتتضاءل مع مرور الزمن، لذلك أصبح الإنفاق يتجاوز الطاقة الإنتاجية، ليس لأن الإنفاق مرتفع للغاية “كما يتم الترويج له”، بل بسبب وجود نقص في العرض، حسب متابعة “الحل نت”.

وفي موضوع متصل، بين المعقالي أن جمعية حماية المستهلك قامت بدراسة لواقع الأسعار في الدول المجاورة، ووجدت أن الأسعار في سوريا أكثر بمرة ونصف المرة من دول الجوار، وأن الجمعية مغيبة عن الاجتماعات التي تمس الأسعار والمواد بشكل عام والمهرجانات، علما أن مهمتها هي رصد واقع السوق وحال المواطن، مضيفا أن أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق منع ممثل جمعية حماية المستهلك من حضور الاجتماع مع وزير التموين بحجة أن الجمعية تصرح للإعلام ضد التاجر.

إقرأ:ارتفاع “جنوني” لأسعار المواد الغذائية.. السَلَطة والمجدرة محرمات على السوريين؟

يشار إلى أن الحالة الشرائية والتسوق شبه معدومة في الأسواق السورية، بسبب ارتفاع الأسعار، حيث بات المواطن “يقنن” استهلاكه بصرف ما يملك من مال على الأولويات، واختصار نصف المواد الغذائية، في الوقت الذي ليس لدى أكثر من نصف السوريين مصدر دخل ثاني.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.