واقعيا، لا أحد ينكر العلاقة غير الرطبة بين مقتدى الصدر وإيران، لكن قلائل من يبحثون عن أصل عدم الارتياح الإيراني إلى الصدر والعكس أيضا.

يعد زعيم “التيار الصدري” الرجل الشيعي الأوحد سياسيا الذي يزور إيران ويدرس فيها، لكنه يرفض في الوقت تفسه تدخلها بالمشهد السياسي العراقي.

من الدلائل على ذلك، هو مساندته “انتفاضة تشرين” لفترة مهمة، بل وحمايته للمتظاهرين من ميليشيات إيران، قبل أن يسحب نفسه من الانتفاضة لاحقا.

اليوم أيضا، يصر الصدر على تشكيل حكومة أغلبية، لا وجود لقوى “الإطار” التي تمثل أجندة إيران فيها، ورفض تدخل طهران بعملية تشكيل الحكومة المقبلة.

للقراءة أو الاستماع: قاآني في أربيل.. إيران ضعيفة أمام الصدر

كذلك فشل قائد “فيلق القدس” الإيراني، اسماعيل قاآني في أكثر من زيارة منذ مطلع هذا العام بإقناع الصدر لإشراك قوى طهران في الحكومة المقبلة، ما أزعج بيت المرشد علي خامنئي.

“شخصية عربية”

لماذا تنزعج وتتخوف طهران من مقتدى الصدر؟ بحسب الأكاديمي والباحث السياسي هيثم الهيتي؛ لأن الصدر شخصية عربية وعراقية وليست إيرانية.

يضيف الهيتي لـ “الحل نت”، بأن مقتدى الصدر ابن عائلة عربية، وجدّه محمد الصدر كان من أوائل رؤساء الوزراء في الدولة العراقية الحديثة إبان الحكم الملكي.

بالتالي، فإن مقتدى الصدر يعد من أعمدة الدولة العراقية أولا، وشحصية عربية قبل أن تكون شيعية ثانيا، ورجل شيعي قومي عربي وليس بإيراني ثالثا، وفق الهيتي.

ويردف الهيتي، بأن زعيم “التيار الصدري”، شخصية غير موثوقة لطهران؛ لأن إيران دولة قومية ليست شيعية، وتتخذ من التشيع غطاء دعائيا لتصدير تدخلاتها في المنطقة باسم تصدير “الثورة الإسلامية”.

لكن الحقيقة، أن طهران تصدّر تحت عباء التشيّع، التوسع والتخلف والمخدرات للسيطرة على دول الجوار، وذلك ما يرفضه الصدر بأن يحدث في العراق.

الهوية العراقية تُقلق إيران

بدوره يتفق المحلل السياسي علي البيدر مع هيثم الهيتي، ويقول: “الصدر عراقي. ويبحث عن الهوية العراقية. في حين تحاول إيران تذويب تلك الهوية التي يحاول الصدر الإعلاء من شأنها، وذلك يتسبب بالتقاطع بينهما”.

كذلك يسعى زعيم “الكتلة الصدرية” الفائزة أولا في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة، أن يكون ملجأ ديني وسياسي واجتماعي في العراق، بحسب تعبير البيدر.

للقراءة أو الاستماع: بالتفاصيل: جولة فاشلة لقاآني بالعراق.. الصدر يكبح إيران

“لذا، فإنه إن تحالف أو تقرّب مقتدى الصدر من طهران وسياستها، ذلك سيفقده الكثير من التأييد الشعبي له، ناهيك عن أن الصدر يريد الحفاظ على إرث عائلته المتمسكة بعروبيتها”، يبيّن البيدر.

ويختتم بأن الصدر يميل إلى العروبة، وهو يمتلك علاقات جيدة بمحيطه العربي مع السعودية والإمارات، وذلك ما يجعل طهران متخوفة منه؛ لأنها تريد سحب العراق من محيطه العربي وحصره بعباءتها.

في النهاية، توجس طهران من الصدر؛ لأنه لا ينكر عروبته، ويحاول تثبيت الهوية العراقية التي تطمح إيران إلى محوها، لذلك تدعم قوى موالية لها من أجل إبعاد الصدر عن المشهد السياسي العراقي، ولكنها إلى الآن لم تفلح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.