لم تعد إيران بقوتها التي كانت عليها في زمن قائد “فيلق القدس” المقتول قاسم سليماني، فيما يخص الملف العراقي، وعلى وجه الخصوص في ملف تشكيل الحكومات العراقية بعد 2003.

ما يوضح ذلك، هو فشل قائد “فيلق القدس” الحالي اسماعيل قاآني في إقناع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بالتحالف مع قوى “الإطار التنسيقي” المقربة من طهران، وتوحيد البيت السياسي الشيعي.

زار قاآني مؤخرا، بغداد لنحو مرتين، وزار الصدر في منزله بمنطقة الحنّانة في النجف، وتودد له عبر زيارته لقبر والده المرجع الديني الراحل، محمد صادق الصدر، لكن دون جدوى.

رفض الصدر التحالف مع قوى “الإطار” بمشاركة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورحب بالتحالف معها من دون الأخير، وترفض الأخيرة ترك المالكي وحيدا.

للقراءة أو الاستماع: قاآني في العراق لترميم “البيت الشيعي”: هل يتزحزح الصدر؟

فشل قاآني في ترميم تصدع البيت الشيعي، أظهر ضعف إيران ما بعد سليماني، الذي كان يشرف من خلف الكواليس على تشكيل الحكومات العراقية دون مصاعب جمة.

الهدف من زيارة أربيل

العجز الذي تواجهه طهران في إقناع الصدر بحكومة توافقية مع قوى “الإطار” والمالكي، دفع بـ قاآني إلى زيارة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أمس الأحد.

ورافق قاآني في زيارة أربيل، السفير الإيراني الأسبق لدى العراق، حسن دنائي فر، حسب مواقع إخبارية عراقية وعربية متعددة، ومنها موقع “الجزيرة نت“.

التقى قاآني برئيس إقليم كردستان سابقا، زعيم “الحزب الديمقراطي” مسعود بارزاني، وطلب منه أن يبادر في وضع حل للخلاف الشيعي – الشيعي المحتدم، وهي وساطة تظهر ضعف إيران في الملف العراقي.

https://twitter.com/MR_9_4/status/1488058664925679618?t=WZ8i9-2AnAK9eBJq_oEheg&s=19

لم يرجع بارزاني طلب قاآني، وأرسل شركاء الصدر الذين تحالفوا معه من السنة والكرد، رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، إلى الحنّانة للقاء الصدر.

اجتمع بارزاني والحلبوسي مع الصدر في النجف، اليوم، وطلبا منه توحيد البيت الشيعي، والمضي نحو تشكيل الحكومة المقبلة، لإبعاد التهم التي تطال الكرد والسنة من قبل قوى “الإطار” بسعيهم لشق صف البيت الشيعي.

لكن الصدر أصر على موقفه مرة أخرى، وقال إنه سيذهب نحو حكومة “أغلبية وطنية” ويرحب بالحوار مع “المعارضة الوطنية”، ولا تحالف بوجود المالكي.

الصدر في ثبات

ثبات الصدر المستمر على موقفه، يشير إلى أن القرار هذه المرة سيكون قرار الصدر في بلورة شكل الحكومة المقبلة، ولا وجود فيه لتدخل إيراني، بعد فشل طهران في إقناعه.

ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية من دون قوى “الإطار” أو معها من دون المالكي، وعزل الأخير سياسيا، ودفعه نحو المعارضة السياسية للحكومة المقبلة من داخل البرلمان العراقي.

للقراءة أو الاستماع: ما دوافع الصدر لعزل المالكي سياسيا؟

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية.

بينما يمثل المالكي، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ 2011، توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الأول حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.