يمتلك زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الكتلة الأكبر برلمانيا ومعها الشارع، وهو يسيطر على القرار في العراق بشكل قوي منذ 2018، فما الذي يجعله يصر على عزل زعيم “حزب الدعوة” نوري المالكي سياسيا؟

شكل الصدر بعد الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة، تفاهمات طولية مع الأحزاب الكردية والسنية، وتمكن في جلسة البرلمان الجديد الأولى قبل أسبوعين، من تحقيق كفة “الأغلبية السياسية”.

لكن الصدر وبعد جلسة انتخاب هيئة رئاسة البرلمان الجديد، التي جاءت وفق ما سعى له، يحاول جلب بعض قوى “الإطار التنسيقي” له، من دون المالكي.

قوى “الإطار” هي الموالية إلى إيران، وتضم “تحالف الفتح” بزعامة هادي العامري، و”ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، وبعض القوى العددية الصغيرة.

يقول أستاذ الإعلام السياسي علاء مصطفى، إن التعبئة الجماهيرية لـ “التيار الصدري” قبل الانتخابات، قامت بالأساس على جعل الصدر كرمز إصلاحي في مواجهة الآخر.

الهدف من إبعاد المالكي

ويضيف مصطفى لـ “الحل نت”، أن الآخر هو الذي أسس “الدولة العميقة” في العراق، وهم – ويقصد “التيار الصدري” – يرمزون نحو الآخر إلى شخص نوري المالكي، بحسب تعبيره.

ويردف مصطفى، أن ما أراده الصدر تحقق وفاز في الانتخابات، لكن بالمقابل فإن خصمه المالكي حصل على عدد لا بأس به من المقاعد في الانتخابات، وهو ما أثّر على معادلة الصدر نوعا ما.

مصطفى يبين، أن مقتدى الصدر يعي جيدا أن المالكي ند سياسي “عنيد” وقوي، ويتمتع بذكاء سياسي، وإن اشترك معه في الحكومة، يمكن له أن يستحوذ على جزء كبير من القرارات.

لذا فإن زعيم “التيار الصدري”، يريد إبعاد المالكي كليا، كي يستحوذ لوحده على القرار، وأن تكون الحكومة تحت تصرفه، ويحقق ما وعد به جمهوره، وهو أن تكون الحكومة “صدرية”، وفق علاء مصطفى.

ويشير إلى أن “الإطار التنسيقي” ما هو إلا غلاف لعمود فقري قوامه “ائتلاف دولة القانون” الذي حصل على 35 مقعدا، وهذا يعني أن “الإطار” هو “دولة القانون” مرصعة بتشكيلات أخرى.

للقراءة أو الاستماع: الصدر يحكم قبضته على النجف ويزيح المالكي عبر محافظ جديد

وبالتالي، فإن إصرار الصدر على إبعاد المالكي، يعني تفتيت “الإطار” بشكل تام، وانفراد “التيار الصدري” بالقرار، وقيادته إلى المرحلة السياسية المقبلة في العراق، يوضح مصطفى.

الصدر والمالكي في سطور

ويختتم بأن الصدر يرفع شعار الحكومة والمعارضة، والمعارضة يمكن أن تتحقق بوجود “دولة القانون”، لذا يريد الصدر عزل المالكي، لدفعه نحو المعارضة، لتقويم العملية السياسية، وعدم ترك الحكومة بلا معارضة لها.

ويسعى زعيم “التيار الصدري” إلى تشكيل حكومة “أغلبية” مع قوى “الإطار” من دون المالكي أو من دون قوى “الإطار” بشكل تام، فيما ترفض قوى “الإطار” حتى الآن، الالتحاق بمركب الصدر وترك المالكي وحيدا.

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية.

للقراءة أو الاستماع: المالكي غاضب.. هل يفتح النار على مقتدى الصدر

بينما يمثل المالكي، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ 2011، توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الأول حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.