منذ انفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020، بات العراق يزوّد لبنان بشحنات من الوقود والنفط بشكل ثابت، بعضها بالمجان، وسط رائحة لعلاقة إيرانية بالموضوع.

فقد قدّمت بغداد 22 شاحنة غاز “أويل” هبة لبيروت بعد أسبوع من انفجار المرفأ الذي حصل في 3 آب/ أغسطس 2020، وإرسل النفط بالمجان للأشهر الثلاثة التي تلت الانفجار، وبعدها بحصّة شهرية ثابتة وبأسعار منخفضة.

ليس ذلك فحسب، بل وقّعت بغداد في تموز/ يوليو 2021، اتفاقية لتوريد مليون طن من الوقود سنويا إلى بيروت، على أن يكون السداد عبر السلع والخدمات الطبية من قبل لبنان.

بعد تلك الاتفاقية، وصلت لبنان من العراق، شحنتان بغضون أسبوعين في أيلول/ سبتمبر الماضي، تحمل كل شحنة 31 ألف طن من الوقود، كتنفيذ للاتفاقية.

استفادة خاصة

واقعيا، وبحسب كثير من المراقبين، فإن العراق لم يستفد أي شيء من لبنان، قبالة ما وصفوها “الهدايا” التي تقدمها بغداد إلى بيروت، بل العكس، استُغل العراق وخسر عشرات ملايين الدولارات نتيجة عدم بيعه لنفطه وللوقود بأسعارها الاعتيادية.

للقراءة أو الاستماع: لمُستقبَل العراق: على “الكاظمي” أن يختار بين سنغافورة ولبنان

الهبة الأولى من النفط، ثم الدفعة المجانية لمدة 3 أشهر، وآخرها الاتفاقية المذكورة أعلاه، كلها تمت برعابة مباشرة من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.

ما الفائدة من كل ذلك السخاء والكرم العراقي، في وقت تتطلب السياسة التعامل وفق مبدأ المصلحة بدل إهدار الثروات والأموال التي تحتاجها بغداد؟

لا مصلحة للعراق ولا فائدة ستعود إليه، بحسب المحلل السياسي عبد القادر النايل، الذي يقول لموقع “الحل نت”، إن الفائدة هي خاصة وليست عامة.

ويردف النايل، أن السخاء غير المبرر من قبل الكاظمي في التعامل مع لبنان، ليس لإنقاذها من أزمتها الاقتصادية؛ لأن المساعدات مهما كان حجمها، لن تنقذ لبنان, فإنقاذ الوضع بيد قيادات الدولة نفسها.

ويبيّن أن المستفيد من ملف النفط والوقود التي ترسلها بغداد إلى بيروت، هما الكاظمي وميليشيا “حزب الله” في لبنان، وأن إيران هي من تقف خلف كل ذلك.

طهران تدعم “حزب الله” عبر الكاظمي

ويوضح، أن الكاظمي يبحث من خلال تلك المساعدات عن تعزيز فرصته بنيل الولاية الثانية في رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، وتلك أفضل طريقة لكسب ود ورضا طهران عنه.

ويتابع النايل، أما إيران فهي وراء كل تلك الصفقة وذلك من أجل دعم حليفها ميليشيا “حزب الله” في لبنان، خاصة وأن الحزب يعاني من أزمة تمويل في آخر سنتين.

كذلك بحسب النايل، فإن تلك الصفقة ساعدت في تحجيم الغضب الشعبي اللبناني ضد ميليشيا “حزب الله”، وهو ما يؤكد دور إيران وراء إرسال الوقود والنفط العراقي إلى لبنان.

ويختتم، بأن إيران هي الأخرى تعاني من أزمة اقتصادية لا يمكن نكرانها، ما أدى إلى تقليص دعمها المالي لميليشيا “حزب الله”، وبالتالي فإن الدعم العراقي عبر الوقود والنفط هو أحد بدائل طهران لدعم “حزب الله” اقتصاديا.

يجدر بالذكر، أن طهران كانت تخصص سنويا 700 مليون دولار كميزانية لنمويل ميليشيا “حزب الله” في لبنان بزعامة حسن نصر الله، الذي يعد ذراعها الأقوى في المنطقة.

للقراءة أو الاستماع: هكذا تستغل إيران العراق كمكب لمنتجاتها وإنعاش اقتصادها

في النهاية، فإنه لا فائدة مرجوة لدى العراق ولا حتى للبنان على حد سواء، والمستفيدة الفعلية حاليا ميليشيا “حزب الله”، بينما ينتظر الكاظمي نيل رئاسة الحكومة العراقية الجديدة، في وقت هو الأقرب لها وفق المعطيات الآنية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة