يبدو أن الحرب السورية منذ أكثر من عشر سنوات وما صاحبها من تداعيات اقتصادية وتردي الواقع المعيشي وتقلص فرص العمل والمستقبل المجهول الذي ينتظر نسبة كبيرة من فئة الشباب في سوريا، الأمر الذي نتج عنه جملة من الضغوطات النفسية، وتظهر نتائجه اليوم الآن على فئة الشباب، وهو ما أكده طبيب في مستشفى حكومي بدمشق، على ارتفاع معدل النوبات القلبية بين الشباب في سوريا.

ضغوطات نفسية

حذر رئيس قسم الإسعاف في الهيئة العامة لمشفى “الباسل” لأمراض وجراحة القلب بدمشق، منار العقاد، زيادة نسبة الإصابة بالأزمات القلبية بين الشباب السوريين في الآونة الأخيرة.

وأوضح العقاد خلال حديثه في برنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم“، قبل يومين، أن نسبة المراجعين لقسم الإسعاف في المشفى بأعمار 20 إلى 40 عاما، بلغت نحو 10 بالمئة من مجموع المراجعين، مشيرا إلى أن أصغر حالة توفيت نتيجة نقص التروية القلبية كانت بعمر24 عاما.

ووفق تقدير العقاد أشار إلى أن هناك عدة أسباب لزيادتها منها كثرة التدخين المترافق مع شدة الضغوطات النفسية، وخاصة الأركيلة التي تحولت إلى موضة خلال الفترة الأخيرة، حيث يعادل النفس الواحد منها 80 سيجارة، إلى جانب الوجبات السريعة التي تساهم برفع معدل الكوليسترول في الجسم.

وتابع العقاد في حديثه للإذاعة المحلية، “لوحظت بعض الحالات لاحتشاءات قلبية بسبب لقاح كورونا، ولكن لا يمكن الجزم، وتعتبر ملاحظات فردية، حيث أثر كورونا بشكل كبير على تشكل خثرات قلبية وحصول حالات مشابهة”.

ولفت العقاد إلى أن انتشار جائحة كورونا في السنوات القليلة الماضية لعب دورا كبيرا في إحداث خثارات ضمن الشرايين الإكليلية و زيادة نسبة حدوث الاحتشاءات القلبية عند الشباب.

ونقلت صحيفة “تشرين” المحلية، قبل فترة ليست ببعيدة، عن أطباء أن السبب الرئيسي لذلك يعود إلى الضغوطات النفسية التي يعيشها الشباب نتيجة الظروف القاسية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

كما أكد الدكتور محمد أبو الريش، وهو اختصاصي جراحة أوعية دموية ورئيس قسم الإسعاف في الهيئة العامة لمشفى “المجتهد” بدمشق، فقد وصل إلى قسم الإسعاف بالمشفى منذ بداية العام الحالي 2022 وحتى الأسبوع الأول من شهر آذار/مارس 108 حالات احتشاء عضلة قلبية، وهي نسبة كبيرة حسب وصفه، معظمها بأعمار شبابية تتراوح بين 50-30 سنة، بينها وفيات لكن بنسب قليلة، وفقا للصحيفة المحلية.

وفي السياق ذاته، قال رئيس شعبة القلب بمستشفى “المواساة” الجامعي الدكتور محمد المبارك للصحيفة المحلية، إن الضغط النفسي الناتج عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية من أهم أسباب الإصابة باحتشاء عضلة القلب لدى الشباب.

وأشار الدكتور حسام الشحاذة إلى ما يعرف بـ “نوبات القلب النفسية” والتي تشير إلى الاضطرابات النفسية أو العاطفية أو الصدمات أو الكروب، تؤثر سلبا على أداء القلب والدورة الدموية، بما في ذلك تأثير الاكتئاب والقلق والحزن، الخوف الشديد أو الذعر، اضطراب ما بعد الصدمة، وفقا لتقارير صحفية.

قد يهمك: ازدياد نسبة الفقر في سوريا مع ارتفاع الأسعار المستمر

زيادة الفقر والانتحار في سوريا

يعاني معظم السوريين، خاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، من حيث ارتفاع الأسعار وسوء الخدمات العامة من الكهرباء والمواصلات والمياه والوقوف لساعات طويلة على طوابير الخبز والغاز، إضافة إلى قلة فرص العمل وتدني مستوى الرواتب الشهرية الذي لا يتجاوز الـ63 دولارا شهريا.

وفي صيف العام الفائت صدر عن مركز “السياسات وبحوث العمليات”، دراسة استقصائية شملت 600 عائلة مقيمة في أحياء متنوعة من دمشق مراعية عدة زوايا بينها: الجنس، العمر، والتعليم.

ووفق النتائج، قسمت الدراسة الطبقات الاجتماعية، من خلال توزيع العينات على 3 أحياء، فقيرة، متوسطة، ومتوسطة إلى مرتفعة، فلاحظت أن معدل ساعات العمل الأسبوعي للعاملين بدوام كامل تصل إلى 52.5 ساعة أسبوعيا لتكون دمشق من الأعلى عالميا بهذه النسبة، ومع ذلك، تعيش أكثر من 83 بالمئة من العائلات تحت خط الفقر الدولي، والذي يقدر بـ1.9 دولار يوميا للفرد الواحد.

إلا أن اللافت بالأمر، أن نصف العائلات أكدوا أنهم يشعرون أن مستوى معيشتهم متوسط، بيد أنهم حقيقة دون خط الفقر.

ويرى المختصون في علم الاجتماع مثل ازدياد هكذا ظواهر مثل “النوبات القلبية” وإضافة إلى حالات “الانتحار”، “بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيش فيها الناس، فالرجال على وجه الخصوص يشعرون بالعجز، وهذا يسبب الإحباط والاكتئاب لدى الفرد، إضافة إلى تراكم الأزمات الاجتماعية الضاغطة، لذا تبدأ فكرة الانتحار تراود الأفراد وخاصة فئة الشباب كمخرج سلبي سريع من الأزمة التي يعانون منها.

وبحسب المختصين فإن هذا مؤشر خطير يجب على الجهات المعنية التعامل معه بجدية. لمعرفة أسبابها وعلاجها، وإلا فإن حالة المجتمع ستصبح في وضع أسوأ يصعب عندئذ معالجته.

قد يهمك: ازدياد حالات الانتحار وجرائم القتل في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.