تم الإعلان عن تغييرات هيكلية بالائتلاف الوطني السوري المعارض مؤخرا، إذ تم فصل أربعة عشر عضوا من أعضاء الائتلاف، واستبدال أربعة آخرين من ممثلي المجالس المحلية.

هذه التغييرات، التي أعلن عنها رئيس الائتلاف سالم المسلط، في سياق ما سماه “إصلاح الائتلاف، وإجراء تغييرات جوهرية داخله، تساعده على تطوير عمله وإعادته إلى المستوى الدولي”، أثارت كثيرا من التساؤلات عن توقيتها وغاياتها. فقد شملت الإقالات أسماء عن كتل وأحزاب داخل الائتلاف، منها جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى مستقلين.

ووصف مصطفى النواف، ممثل مجلس الرقة المحلي المُقال، التغييرات الهيكلية بالائتلاف الوطني بـ”الانقلاب، ومد لنفوذ جماعة على حساب الآخرين”. معتبرا أن “القرار غير قانوني، وخارج الإطار المؤسساتي”. فقد جاءت قرارات الإقالة، بحسب النواف، “عبر توصية من لجنة العضوية. وقد كان الأمر يتطلب موافقة اللجنة القانونية، ثم مناقشته ضمن الهيئة العامة للائتلاف، التي يتوجب أن تصوّت بالثلثين للموافقة”.

واختلفت الآراء، سواء الشعبية أم السياسية، حول هذه التغييرات الهيكلية بالائتلاف الوطني، بين مرحب بها، بوصفها خطوة بالاتجاه الصحيح، لكسر هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على الائتلاف؛ وآخرين رأوا أنها مجرد خطوة شكلية، لن تغير شيئا في جسد الائتلاف المشلول والمترهل أساسا.

هل هنالك معنى للحديث عن تغييرات هيكلية في الائتلاف الوطني؟

الصحفية السورية المعارضة سعاد خبية تعتقد أنه “من الصعب أن تتم أية تغييرات هيكلية بالائتلاف الوطني المعارض بدون أن تؤدي لتدمير نواة الائتلاف من الداخل”.

وتضيف خبية، في حديثها لـ”لحل نت”، أن “قرارات الإقالة الأخيرة بالائتلاف لن تغير من واقع الحال شيئا. فقد بات الائتلاف لا يمثل قضية السوريين منذ زمن”. معتبرة أن “المشكلة تكمن في بنية الائتلاف العميقة لا بشكله الخارجي”.

وتؤكد الصحفية السورية أن “ما يحتاجه الائتلاف الوطني المعارض أعمق بكثير من مجرد تغيير في الوجوه. فمن بقي ليس أفضل ممن غادر. وأرى أن الأمر برمته ليس إلا صراعا داخل الائتلاف، وكتله المدعومة من دول مختلفة. لأن ثقل هذه الدول هو من يحدد من يبقى ومن يغادر”.

وتعبّر خبية عن قناعتها بأنه “لو كانت هنالك إرادة بإحداث تغييرات هيكلية بالائتلاف الوطني المعارض فكان يجب على جميع أعضائه تقديم استقالاتهم، ووضع أنفسهم تحت المحاسبة والمسائلة والتقييم. وهو ما سيحسب لهم، بوصفهم أصحاب قرار ومسؤولية”.

التغيرات الهيكلية والارتهان بمواقف الدول المؤسسة

من ناحيته يرى السيد بسام القوتلي، مسؤول العلاقات في “حزب أحرار” المعارض، أن “التغييرات الهيكلية في الائتلاف الوطني هي استجابة لإيعازات خارجية، نتيجة  تغير التحالفات في المنطقة، بين الأطراف التي ساهمت بإنشاء الائتلاف”.

مضيفا في حديثه لـ”الحل نت”: “من الواضح أن هذه الإقالات استجابة لإيعازات تركية، بناء على المتغيرات السياسية في المنطقة، مثل التقارب بين تركيا والسعودية، وكذلك التقارب بين أنقرة والقاهرة إلى حد ما. ما يستدعى تحجيم دور الإخوان المسلمين في الائتلاف، أو الكتل المحسوبة عليه”.

بدورها تحدد سعاد خبية مشاكل الائتلاف بخمس نقاط: “أرى أن الائتلاف يعاني من الأساس من مشاكل بنيوية، فهو أولا كيان بُني على عجل، ليحل مكان المجلس الوطني، ويحاول تمثيل سوريا في الجامعة العربية، بديلا عن حكومة دمشق. وهذا ما لم يتم، ما أثر بشكل سلبي على مستقبل المعارضة؛ وثانيا تأسس الائتلاف على قاعدة المحاصصة بين تجمعات سورية، منها ما هو غير فاعل أصلا، إضافة إلى أنه لا توجد قاعدة أو معيار لاختيار الأعضاء في الائتلاف، سوى المعارف والعلاقات والمصالح، دون الأخذ بعين الاعتبار الكفاءات والخبرات؛ والمشكلة الثالثة أنه غابت عن الائتلاف أية آلية للتقييم والمحاسبة، فلا أحد يدري كيف تسير الأمور فيه؛ ويقودنا هذا إلى النقطة الرابعة، وهي غياب الشفافية أمام السوريين. فلم يتم إصدار أي تقرير مالي عن مداخيل الائتلاف، وكيف تُصرف، ولم يتم وضع السوريين بصورة تحركات أعضائه أو علاقاتهم؛ أضف إلى هذا نقطة خامسة، وهي عدم وجود رؤية سياسية واضحة أو برنامج علني للائتلاف”.

ملخصة وجهة نظرها بالقول: “هذه المؤسسة عبارة عن كتلة عددية ليس لها برنامج واضح، ولذلك الحديث عن تغييرات هيكلية في الائتلاف الوطني المعارض لا معنى له”.

مقالات قد تهمك:  المعارضة السورية والرؤية القاصرة للحدث العالمي “الأزمة الأوكرانية” 

توسيع الائتلاف الوطني المعارض

وبخصوص دعوة عدد من القوى والأحزاب السورية للدخول في الائتلاف الوطني المعارض، في إطار التغييرات الهيكلية التي يشهدها، يؤكد القوتلي: “الائتلاف جسم فقد شرعيته، وغير قادر على الحركة بشكل مستقل. والدخول إلى الائتلاف بصيغته الحالية هو انتحار سياسي لأية قوة”.

ولا تختلف الصحفية سعاد خبية، التي رفضت سابقا الانضمام للائتلاف، مع وجهة النظر هذه. “رأيي ليس وليد اليوم، بل هو نتيجة متابعة نشاط الائتلاف لعقد من الزمن تقريبا. ويعود لنهاية الـعام 2013، عندما حضرت اجتماع الهيئة العامة في الائتلاف، ورأيت بنفسي كيف تدخل عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية في أدق تفاصيل عمل الائتلاف واختيار أعضائه”، تقول خبية.

 وتضيف: “أصدرت بيانا رفضت فيه ترشيحي للانضمام. واعتبرت أن هذا الترشيح يأتي من باب استغلال أسماء النشطاء من أجل إضفاء شرعية على الائتلاف”.

وتختتم حديثها بالقول: “رفضت الانضمام إلى الائتلاف مرة أخرى في عام 2016، بعد أن تم طرح اسمي بين عشر نساء أخريات، في إطار ما سمي حينها تفعيل دور النساء في الائتلاف. وقد كان من الواضح منذ ذلك التاريخ أن المشكلة ليست بالأسماء والشخصيات. وأن الحديث الجدي عن تغييرات هيكلية في الائتلاف الوطني المعارض قد لا يعني سوى حله وإعادة بناء جسم سياسي جديد، يمثل تطلعات فئات كثيرة من السوريين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.