لطالما كانت الطبقة الوسطى في المجتمع السوري هي الطبقة الأهم والأوسع والتي كانت تسبب استقرارا اقتصاديا واجتماعيا، و تعتبر الطبقة الوسطى عادة المحرك الأهم لعجلة أي اقتصاد، ولكنها بدأت بالتلاشي شيئا فشيئا خلال سنوات الحرب.

فقدان للتوازن

نقلت صحف محلية عن الخبير الاقتصادي عمار اليوسف، أن نسبة الطبقة الوسطى من المجتمع بلغت 1 بالمئة، بينما بلغت نسبة الثراء الفاحش 3 بالمئة، بينما تعتبربقية النسبة وهي 96 بالمئة من الفقراء.

وأوضح اليوسف، أن أسباب تلاشي الطبقة الوسطى بدأت بالحرب التي تلاها الحصار والحرب الاقتصادية، إضافة إلى غياب أية إجراءات لمواجهة انهيارات القدرة الشرائية لليرة السورية، وتغول التجار، والفساد المستشري، كل ما سبق أدى لتراجع الطبقة الوسطى وتحوّلها إلى طبقة فقيرة.

ولفت إلى حدوث ما يشبه سكتة اقتصادية نتيجة كسر سلاسل المستهلكين، فلم تعد هناك قدرة لاستهلاك المواد المنتجة، ما أدخل البلد في مرحلة تضخم وكساد، ومع كل الآثار التي يلمسها المواطن اليوم لهذه المتغيرات، إلا أن النتائج ستكون أخطر مستقبلا، وقد تكون التبعات الاقتصادية أخطر من قبل إذا استمر التعامل مع المتغيرات على ما هو عليه.

قد يهمك:ازدياد عدد شرائح الفقراء في سوريا

الطبقة المتوسطة هي حامل الاقتصاد

يرى اليوسف أن الطبقة الوسطى عادة ما تكون الحامل الأساسي للاقتصاد في أية دولة بالعالم، فهي تنفق على الطبقة الفقيرة، وتستجر إنتاج الطبقة الغنية، وحين تغلب الطبقة الوسطى يحدث توازن اقتصادي بين كل فئات المجتمع.

إلا أن نسبتها حاليا لم تعد تتجاوز 1بالمئة، فيما تحوّل 3بالمئة من المجتمع إلى طبقة فاحشة الثراء، والباقي طبقة فقيرة من بينها 70بالمئة يعيشون في الفقر، ومبينا أن كل إجراءات رفع الدعم، والتعداد بأسعار حوامل الطاقة، ورفع الأسعار، وندرة المواد، تؤدي لتوسع الشرائح الفقيرة.

إقرأ:الفقر والجوع يقتربان أكثر من السوريين بعد إلغاء الدعم

ازدياد شرائح الفقر

وفي سياق تلاشي الطبقة الوسطى، تشهد سوريا زيادة في عدد الشرائح الفقيرة، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار بشكل خيالي، الأمر الذي ينذر بكارثة قد تحلّ على نسبة كبيرة من السوريين، خاصة في المحافظات السورية التابعة لدمشق، في ظل تدني مستوى الرواتب هناك.

وكان مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، محمود الكوا، قال أمس لوسائل إعلام محلية، أنه في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الواقع المعيشي في البلاد، فإن الشرائح التي تحتاج إلى دعم أهلي قد ازداد بالتأكيد، لذلك فقد أصبح من كان يعيش على خط الفقر تحت هذا الخط، بحسب متابعة “الحل نت”.

وحسب متابعة “الحل نت”، تزداد حياة السوريين صعوبة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وخاصة الخضار والفواكه، حتى وصل الحال بهم إلى شراء الخضار بالحبة أو الحبتين، وهو أمر لم يعتد عليه السوريون من قبل، لكن الظروف المعيشية السيئة والحاجة دفعتهم إلى ذلك، خاصة وأن رواتبهم الشهرية ضئيلة جدا ولا يكفيهم سوى لبضعة أيام.

تعددت أسباب هذا الغلاء، الذي بدا غير عادي منذ بداية العام الجاري، خاصة في بداية شباط/فبراير الماضي، عندما سحبت الحكومة الدعم عن شريحة واسعة من المواطنين، تلاها الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى ارتفعت الأسعار بشكل جنوني في الأسواق.

وقال برنامج الأغذية العالمي في تقرير له في آذار/مارس الفائت، مع دخول النزاع في سوريا في عامه الحادي عشر، تواجه الأسر في جميع أنحاء البلاد مستويات غير مسبوقة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي. يكافح المزيد من السوريين اليوم أكثر من أي وقت مضى لوضع الطعام على موائدهم، بحسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:التكلفة الحقيقية للعيش.. كم تحتاج الأسرة السورية للهروب من الفقر؟

ويرى مختصون أن علاج هذه الظاهرة هي مسؤولية حكومية بحتة، ويجب أن تكون على المدى الطويل عبر إزالة المسببات أولا، من خلال الدعم الحكومي للاقتصاد، واستقرار حوامل الطاقة التي تسبب الهوة الأكبر بين المنتج والمستهلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.