يبدو أن الغرض من قانون مكافحة جرائم المعلومات الذي صادق عليه الرئيس السوري، بشار الأسد، في نيسان/ أبريل الجاري، والذي يهدف لأن يتماشى مع التقدم التكنولوجي والوتيرة السريعة التي ينتشر بها في المجتمع، لتقليل إساءة استخدام الوسائل التقنية، وحماية المصالح القانونية، والسيطرة على الحريات الافتراضية، لن يحقق للجمهور ومستخدمي التكنولوجيا في سوريا أية حرية أو خصوصية.

يعرّف التشريع الجريمة الإلكترونية على أنها مصطلح واسع يشمل مجموعة واسعة من الأنشطة غير القانونية التي تنطوي على أنظمة المعلومات والحاسوب، والتي تتزايد في المجتمع السوري. إلا أن مواد التشريع لم تخصص للمواطن الحرية في ضبط ما يريد استقباله من شبكات الاتصال السورية، وأبرزها رسائل الإعلانات.

الشركة محصنة من الشكاوى

بعد الأسئلة التي تتعلق برسائل التسويق والترويج الخاصة بشركتي “سيريتل” و”إم تي إن” التي تخص المطاعم أو المؤسسات  أو عيادة تجميل، يبدو أن بعض الناس مستاؤون من هذه الرسائل. إذ لا يهتم الجميع بهذه الأشياء، خاصة لأنه قد يتم إرسالها في أي وقت من النهار أو الليل، وهو ما يجده الكثير إزعاجا.

ووفقا للمادة 17 من قانون الجرائم الإلكترونية، فإن كل من يرسل رسائل غير مرغوب فيها عبر الشبكة للآخرين، بغض النظر عن محتواها، مرارا وتكرارا دون رغبة المستلم في تلقيها، ولا يستطيع إيقافها أو أن إيقاف وصولها مرتبط بتكبده مصاريف إضافية، يواجه غرامة تتراوح بين 100 ألف ليرة سورية و200 ألف ليرة سورية.

رئيس لجنة الإعلام والاتصالات بمجلس الشعب، آلان بكر، قال في تصريح لموقع “أثر برس” المحلي، أمس الجمعة، إن “المواطن الذي يستخدم شبكتي سيريتل أو إم تي إن يمكنه الاتصال بالشركة ومنع مثل هذه الرسائل من الوصول إليه”، مشيرا إلى أن القصد من المادة 17 هو التطبيق الذي يرسل الرسائل إلى المستخدم ولا يمكن للمستلم إيقافها أو حظرها.

وعما إذا كان المستخدم مؤهلا لتقديم شكوى إلى قسم الجرائم الإلكترونية عن الشركة، أجاب بكر، بأن المستخدم لا يمكنه ذلك، لأن الشركة قادرة تقنيا على إيقاف هذه الرسائل الإعلانية.

ولمتابعة الأمر، نقل الموقع عن مصدر في شركة “سيريتل”، والذي ادعى أنه لا يمكنهم إلا حجب أو إيقاف الرسائل الترويجية من داخل الشركة، مثل العروض  وما إلى ذلك، أما الرسائل الواردة من خارج الشركة، مثل العروض الترويجية للمطاعم، لا يمكن للشركة حظرها أو إيقافها.

للقراءة أو الاستماع: قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا.. خنق حريات واستبداد جديد؟

قانون لتقييد الأفواه

مع تصاعد وتيرة الانتقادات من قبل الشارع السوري للحكومة السورية، لا سيما بعد الأزمات الاقتصادية التي فشلت دمشق باحتوائها، يبدو أن السلطة في سوريا متجهة لكم الأفواه، وتقييد الحريات لمنع حتى رواد مواقع التواصل الاجتماعي من توجيه النقد للحكومة.

الرئيس السوري بشار الأسد، صادق الإثنين الفائت، على قانون خاص بالجرائم المعلوماتية، ويقضي“بتشديد العقوبات المتعلقة بالنشر عبر الوسائل الإلكترونية، ويجرّم بالحبس والتغريم المالي كل من ينشر محتوى رقميا على الشبكة بقصد قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة، أو النيل من هيبة الدولة والمساس بالوحدة الوطنية“.

وبحسب نص القرار الذي نشرته وكالة “سانا” يوم أمس فإن القانون (رقم 20 للعام 2022) يقضي بإعادة تنظيم القواعد القانونية الجزائية للجريمة المعلوماتية التي تضمنها المرسوم التشريعي (رقم 17 للعام 2012)، ويهدف إلى مكافحة الجريمة المعلوماتية بما يتوافق مع التطور التقني الحاصل وارتفاع نسبة انتشارها في المجتمع، وحماية للمصالح القانونية وتنظيم الحريات في العالم الافتراضي والحد من إساءة استعمال الوسائل التقنية.

وتتراوح العقوبات التي نص عليها القانون الجديد، بين الغرامات المالية والسجن، فتصل إلى السجن من شهر إلى السجن 15 سنة، وتتراوح الغرامات المالية عن العقوبات السابقة ما بين 200 ألف إلى 15 مليون ليرة سورية.

ونصت المادة (27) من القانون الجديد على العقاب بـ“الاعتقال المؤقت من 7 إلى 15 سنة وغرامة من 10 إلى 15 مليون ليرة، بحق كل من أنشأ أو أدار موقعا إلكترونيا أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقميا على الشبكة بقصد إثارة أفعال تهدف أو تدعو إلى تغيير الدستور بطرق غير مشروعة، أو سلخ جزء من الأرض السورية عن سيادة الدولة، أو إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور أو منعها من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور، أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة“.

وحول دستورية هذا القانون، أوضح خبراء ومحامون لـ“الحل نت“، أنه يعتبر من وجهة نظر دستورية، مخالفا للدستور السوري، باعتباره يخالف المواد الصريحة في الدستور، الذي وضع عام 2012، والذي تنص على حرية الاعتقاد وحرية التعبير والرأي.

للقراءة أو الاستماع: دمشق: إضافة جريمة النيل من “مكانة الدولة” على قانون الجرائم الإلكترونية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.