تدهور الأوضاع المعيشية والواقع المعيشي الصعب بات حال معظم السوريين، في وقت تدنى فيه مستوى الدخل ورواتب الموظفين وازدياد معدل الفقر في البلاد. فضلا عن قلة فرص العمل، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي الغير حاصلات على شهادة جامعية أو خبرة عملية في مجال ما.

تدهور الواقع المعيشي دفع بعض السوريين والسوريات ممن ليس لديهم معيل أو عمل إلى ممارسة مهنة التسول، فبات لا سبيل لهم سوى هذه المهنة. حيث ازداد وجودهم في شوارع المدن السورية في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وخاصة من فئة الأطفال والنساء وكبار السن.

ظاهرة التسول لا تطاق!

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت تقريرا لها، نقلا عن أهالي محافظة حماة، بأن “ظاهرة التسول في المدينة لم يعد تعد تطاق، ففي كل شارع من شوارعها الرئيسية هناك متسولات، وفي كل سوق من أسواقها تجد العديد منهن، وحتى أمام الدوائر والجوامع، تراهن يلحقن بالمواطنين ويستجدين المال”.

وأوضح المواطنون للصحيفة المحلية، أن معظم المتسولين يستخدمون الأطفال للتسول لإثارة التعاطف والشفقة ولجمع أكبر مبلغ ممكن، على حد وصفهم.

ولفت مواطنون آخرون إلى أن انتشار ظاهرة التسول تقتصر على الإناث، وهي منتشرة بكل الشهور والأيام، ولكنها تكثر في شهر رمضان، كما أشاروا إلى “ابتكار المتسولات أساليب عديدة، كإستخدام تقارير طبية ممهورة بأختام وتواقيع، تؤكد حاجة أبنائهن لعمليات جراحية باهظة التكاليف، أو وصفات طبية لا يستطعن شراء الأدوية المدونة فيها كونها غالية الثمن”.

وذكرت الصحيفة المحلية نقلا عن عدد من الباعة في سوق 8 آذار الشعبي بحماة، أن “بعض المتسولات يستبدلن في آخر النهار منهم قطعا نقدية من فئة الـ2000 و5000 ليرة، بـ«غلتهن»، والتي غالبا ما تكون من فئة الـ200 و500 ليرة. وذكر بائع أن غلة بعض المتسولات باليوم ما بين 50-30 ألف ليرة سورية”.

في السياق ذاته، بيّن مدير الشؤون الاجتماعية بحماة كامل رمضان، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن ظاهرة التسول المنتشرة بحماة هي ضمن الحدود الطبيعية، وأن معظم المتسولات من الأرياف، وبالتأكيد هناك من يشغلهن، ولكن لم نستطع مسك طرف الخيط، على حد وصفه.

تفشي ظاهرة التسول في اللاذقية

في حين نشر موقع “المشهد” المحلي، تقريرا، يوم أمس، يتحدث فيه عن انتشار ظاهرة التسول بشكل فاحش في محافظة اللاذقية، وأن هذه الظاهرة لها أهلها ومعتمديها لمناطق محددة ممنوع التعدي على قطاعها، باستثمار رابح لحاجة البعض واستغلال الآخرين، ووصف الموقع المحلي مهنة التسول بـ “من لا يخشى مد يده ويتفنن في الاستجداء والتعاطف”، وأن صاحب الحاجة الحقيقية “عفيف لا يمد يده”، وأن “غلة” المتسول يتراوح بين 100 إلى 150 ألف ليرة سورية.

وكانت مديرية الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قد أصدرت قرارا في منتصف آذار 2021 القاضي بخطوات العمل والأدوار الجديدة المعتمدة لمعالجة ظاهرة التسول والتشرد بتكليف قيادات الشرطة في كل محافظة بضبط المتسولين والمتشردين بالتعاون بين الشرطة والشرطة السياحية، وتخصيص خطوط ساخنة للتواصل مع الشرطة (غرف العمليات) للإبلاغ عن أي حالة تسول أو تشرد ومكان وجودها مع اتباع الإجراءات التالية: الرصد والإبلاغ، الضبط، الإحالة والمعالجة القضائية، وأن يقوم مكتب مكافحة التسول بإجراءات عرض الحالات على المحامين العامين ليقوموا بدورهم بالإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى دور الرعاية المعتمدة، مع اتخاذ العقوبات اللازمة.

وختم الموقع المحلي تقريره، بأن “الإجراءات متعددة ومعقدة للحد من هذه الظاهرة التي باتت خارج حدود الضبط، وما عليك عزيزي المواطن سوى أن تعطي للمتسول برضاك أو غصبا عنك، أو تمنع إن استطعت تحمل (النق) وتفلت من شد الملابس، وفي أحيان كثيرة تلقي الدعاء عليك والشتائم التي تُسمع ولا تُسمع”، وفقا لموقع “المشهد” المحلي.

قد يهمك: ازدياد عدد شرائح الفقراء في سوريا

لوم المتسولين وتبرئة الحكومة!

الصحيفة والموقع المحلي تطرقا في تقريرهما لانتشار ظاهرة التسول وقاما بإلقاء اللوم على المتسولين وأنهم يكسبون مبالغ كبيرة يوميا (هذا في حال المقارنة مع رواتب موظفي الحكومة السورية)، لكنهم لم يتطرقوا إلى أسباب انتشار هذه الظاهرة ودوافع الناس على امتهان هذه المهنة ولم يأخذوا آراء المتسولين وظروفهم.

وبحسب مختصين، فإن ظاهرة التسول باتت منتشرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة التسول في مختلف المحافظات السورية، فإن ظاهرة تسول الأطفال والنساء وكبار السن تنامت إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتدني مستوى الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توافر الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأطفال؛ بسبب فقدانهم الأب، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة، حتى ولو بنسبة قليلة.

كذلك، وفي ظل الفوضى الأمنية والتهاون القضائي في المؤسسات الحكومية في هذه القضايا، اندفعت بعض العصابات والمافيات لاستغلال عدد كبير من الأطفال الذين ليس لديهم معيل أو مسؤول، عبر تشغيلهم في مهنة التسول، مقابل إعطاء الطفل أو الطفلة مبالغ ضئيلة جدا وتأمين أكله وإقامته ونومه.

قد يهمك: “مافيات” في دمشق تجبر الأطفال على التسول

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.