عملت روسيا منذ العام 2018 تقريبا، وبعد ترسيخ وتثبيت خطوط التماس في سوريا بين الأطراف المتصارعة، والقوى المسيطرة على الأرض في 2020 وحتى الآن، على التوصل لصفقة مع الولايات المتحدة، لكن الأخيرة لم تقدم لها أي عرض مناسب لصفقة في سوريا، بل على العكس شددت من قانون قيصر، وغيره، كما لم تنسحب من سوريا كما لوحت في السابق.

ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا الشهر الثالث، ازدادت الضغوط الاقتصادية والسياسية وخسائر القوات الروسية بعد تحول هذا الغزو لمأزق، كما أن مسألة الوجود الروسي كإحدى القوى الدولية الكبرى وفق الرؤية الروسية، بات من الصعب التعايش معه من قبل المجتمع الدولي، بعد غزو موسكو لأوكرانيا، حيث تسعى واشنطن مع حلفائها الغربيين لوضع خطة تهدف في عزل وإضعاف روسيا إلى أجل غير مسمى وطويل الأمد.

هل ينحسر دور روسيا في سوريا بسبب أوكرانيا؟

يقول الخبير في الشأن الروسي، طه عبد الواحد، لموقع “الحل نت”، أن روسيا لن تسمح مع استمرار الحرب في أوكرانيا بأن ينحسر دورها في سوريا، بل على العكس، ستعمل على تثبيت مواقعها وحتى تعزيز وجودها بشكل أو بآخر، لأنها تريد عبر الحرب في أوكرانيا تحقيق جملة أهداف تتجاوز حدود أوكرانيا نفسها.

وبين عبد الواحد، أن روسيا لا تزال مصرة على محادثات موسعة وشاملة مع الولايات المتحدة للاتفاق على الاقتراحات التي قدمتها للإدارة الأمريكية نهاية العام الماضي، والتي تعني ضمنا إطلاق حوار مع الولايات المتحدة حول إعادة هيكلة بنية الأمن والاستقرار الاستراتيجي دوليا، مع أخذ المخاوف الروسية التي تراكمت خلال العقدين الماضيين بالحسبان، وضمن هذه المعادلة تبدو سوريا بالنسبة لروسيا ورقة أو قاعدة عسكرية متقدمة، غاية في الأهمية، تستفيد منها في التأكيد على أنها لم تعد روسيا الضعيفة، وربما تستغلها عبر قواعدها هناك للضغط على الناتو عبر المتوسط.

وكان الباحث في الشأن الروسي، سامر الياس، قال في وقت سابق لـ”الحل نت” : ما دام ليس هناك ضغوط من الغرب في موضوع سوريا على روسيا، فلن تتراجع الأخيرة عن هذه الورقة، فسوريا ورقة بيد روسيا حاليا لا ينافسها فيها أحد من الأطراف الدولية، والحل السياسي لسوريا ملف مؤجل لفترة طويلة، على الأقل في الأجندة الغربية، أما روسيا فتضع معظم تركيزها في حربها في أوكرانيا، محاولة أن تبقي على وجودها قدر الإمكان في سوريا.

قد يهمك:هل ضعفت قبضة روسيا على الأسد بعد غزو أوكرانيا؟

هل للعقوبات الغربية أثر على الدور الروسي في سوريا؟

يرى طه عبد الواحد، أنه لا يمكن الحديث عن تأثير للعقوبات على الدور الروسي في سوريا، لأن روسيا لا تنفق أموالا طائلة على سوريا وانفاقها على قواعدها هناك لا يزيد عن انفاقها على قواعدها داخل روسيا نفسها، ذلك أن الحكومة السورية منحتهم القواعد دون أي مقابل، مع إعفاء من الرسوم الجمركية على أي مواد تدخل سوريا لصالح تلك القواعد، وتسهيلات كثيرة أخرى تجعل الإنفاق الروسي على حميميم وطرطوس قريب إلى حد كبير من الانفاق على أي قاعدة كبيرة في واحدة من الأقاليم الروسية.

ومن جهة أخرى، يرى مختصون، أن روسيا تدفع بحكومة دمشق نحو التطبيع مع الدول العربية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية لن يكون الروس بمنأى عن الاستفادة منها بأي حال.

إقرأ:روسيا تتخلى عن نفوذها في سوريا بعد مأزق أوكرانيا؟

وكانت الزيارة الأخيرة للرئيس السوري بشار الأسد، تؤكد مدى تأثير روسيا في الشأن السوري، وعلى مصير الأسد بصورة خاصة، وما يثير الاهتمام أن زيارة الأسد جاءت بعد يومين تماما من زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى موسكو، وسماعه الشكر والتقدير من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على موقف الإمارات في الشأن السوري، بحسب متابعة “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة