تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يمر في شهره الثاني بانشغال العالم بأسره بما تقوم به روسيا، فأدى هذا الغزو للتغطية على كل الملفات العالمية الأخرى، والتي تأثرت به بشكل متفاوت، حيث تم تجاهل أو تجميد بعضها، أو التباطؤ في حل بعضها الآخر.

هل خرج الأسد من قبضة روسيا؟

تصريحات روسية كانت دللت على تخوفات صادرة من موسكو تجاه دمشق، تتمحور حول هروب دمشق من القبضة الروسية، نحو السطوة الإيرانية، حيث قال انطون مارداسوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، لصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”، إن أكثر ما يزعج موسكو هو أن الحكومة السورية أصبحت أكثر حرية في أفعالها، وأصبح من الصعب للغاية السيطرة على اتصالاتها.

في هذا السياق، يرى سامر الياس، الخبير في الشأن الروسي، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن رأي الخبير الروسي لا يطابق الرأي الرسمي الروسي، والذي ظهر أثناء زيارة الوفد الوزاري العربي بشأن الوساطة في أوكرانيا، حيث أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف في حينها للوفد اهتمام روسيا بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وإعادة علاقاتها مع الدول العربية.

ويرى إلياس، أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يخرج من القبضة الروسية، إنما سعى الأسد خلال السنوات الماضية للعب على التناقضات وتحقيق مكاسب من حلفائه الروس والإيرانيين، واليوم هناك فرصة للحصول على دعم عربي، وحكومة دمشق بارعة في استغلال هذا النوع من العلاقات لصالحها، وفق قوله.

من جهته، يخالف طه عبد الواحد، الخبير في الشأن الروسي، ما قاله مارداسوف، معتبرا أن زيارة الأسد للإمارات ليست مبررا للقول أن الأسد أصبح أكثر حرية في أفعاله أي “خرج عن الطاعة الروسية”، بل إن هذه الزيارة تؤكد مدى تأثير روسيا في الشأن السوري، وعلى مصير الأسد بصورة خاصة، وما يثير الاهتمام أن زيارة الأسد جاءت بعد يومين تماما من زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى موسكو، وسماعه الشكر والتقدير من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على موقف الإمارات في الشأن السوري.

قد يهمك:سوريا تستعد لتقديم الدعم الاقتصادي لروسيا.. أحلام وأوهام؟

هل يتراجع حضور روسيا في سوريا لصالح إيران؟

يقول أنطون مارداسوف، أنه بسبب تركيز روسيا على الموضوع الأوكراني انزاحت نقطة التركيز قليلا، وتراجعت الإدارة المباشرة التي كان يمارسها الكرملين في سوريا، مشيرا إلى أن القضية السورية باتت الآن على هامش جدول الأعمال العالمي، فالقتال الذي يدور في أوكرانيا يقلق العالم الغربي أكثر من سوريا التي تعب منها الجميع بعد 11 عاما من الحرب.

وفي هذا السياق، يرى طه عبد الواحد، أن سوريا إعلاميا باتت على هامش جدول الأعمال العالمي، لكن لا يعتقد أنها كذلك كقضية، فمن الناحية العسكرية المعارك محتدمة في أوكرانيا، لكن سوريا تبقى، نظرا لتثبيت الروس قواعدهم فيها واحدة من القضايا الرئيسية في سياق المواجهة الغربية- الروسية المشتدة حاليا، لذلك سوريا لم تخرج من دائرة الاهتمامات، وإن كان ذكرها قد غاب عن الإعلام، بحسب عبد الواحد.

أما سامر إلياس، فيرى أن هناك صراع روسي- إيراني مخفي في سوريا، من أجل السيطرة على سوريا اقتصاديا وسياسيا، ولكن هذا الصراع لن يتجاوز حدودا معينة بينهما، وذلك لوجود علاقات استراتيجية مهمة بينهما تحول دون حصول صدام عسكري بينهما في سوريا، لكن من جانب آخر فهناك تفاهم روسي- إسرائيلي يسمح لإسرائيل باستهداف المواقع الإيرانية في سوريا في أي وقت، وفق إلياس.

وأضاف بأن روسيا تفكر الآن بالوضع في أوكرانيا، أكثر مما تفكر به في سوريا، “لكن هذا لا يعني تقلص وجودها ودورها في سوريا، ومن الممكن أن تلعب أدوارا أخرى فيها، كمضايقة تركيا والتحالف الغربي في بعض المناطق السورية، أما إيران فقيامها بتعزيز أي موقع فهو أمر مؤقت وبمعرفة الروس”.

إقرأ:روسيا تنتقم في سوريا بسبب أوكرانيا.. هل تنجح بذلك؟

لا يمكن للأسد الخلاص من روسيا، أو الانعتاق عنها فهو رهينة بيدها كما هو رهينة بيد الإيرانيين، من نواح مختلفة أبرزها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، كما أن عودة دمشق لجامعة الدول العربية لم تحسم بعد ما يجعل سوريا مستمرة في تبعيتها لروسيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.