سنوات الحرب الطويلة قضت على ما يقرب من نصف الثروة الحيوانية في سوريا، وسط عجز حكومة دمشق عن إيجاد حلول لتجنب خسائر أكبر مما هو عليه الوضع.

يأتي ذلك في ظل تحذيرات من انهيار قطاع الأبقار نتيجة ارتفاع تكاليف الأعلاف وغيرها من الأمور التشغيلية لتربية الأبقار مقارنة بتكاليف الإنتاج المنخفضة. وفي حين لم يتم إيجاد حلول لإنقاذ هذا القطاع فإنه سينهار حتما وبالتالي ينعكس على الحياة العامة في سوريا، وخاصة على مربي الأبقار (مصدر رزقهم الوحيد).

مشروع إنقاذ قطاع الأبقار!

موقع “الاقتصادي” المحلي، نشر تقريرا كشف فيه يوم أمس السبت نقلا عن الخبير الزراعي أكرم عفيف، عن مشروع استثماري من شأنه أن ينقذ قطاع تربية الأبقار في سوريا، مشيرا إلى أن المشروع سيكون بدعم من رجل أعمال سوري وتم إعداد الدراسة اللازمة له.

وقال الخبير الزراعي للموقع المحلي، إن “بقاء قطاع الأبقار على ما هو عليه يعني أنه في طريقه إلى الزوال، نتيجة عدم دعمه بالشكل الكافي وضعف قدرة المربين على الاستمرار، حيث يمر رأس البقر بمراحل عديدة قبل أن يصبح منتجا، ويحتاج يوميا 15 ألف ليرة سورية على الأقل، أي أن كلفة المربي سنويا 5 مليون ليرة سورية للرأس الواحد، وإذا أراد بيعها يبيعها بنحو 3 مليون ليرة فقط”، على حد وصفه.

وحول المشروع  الذي تحدث عنه عفيف، أنه تم وضع خطة رابحة لعملية الإنقاذ، وبعدة عدة خطوات ومراحل، سيكون إنتاج البقرة الواحدة نحو 15 ألف ليرة سورية يوميا، وفق زعمه.

ولكن، “عند محاسبة الفلاح شهريا سيتم خصم مبلغ 10.000 ليرة سورية كتأمين عن رأس البقر الحلوب الواحد، بحيث يتم تعويض الفلاح بثمنها في حال نفوقها، وذلك من ميزانية المشروع، وبالمقابل تم تحضير عيادة بيطرية للكشف الدوري على الأبقار حتى يتم الكشف مبكرا عن الأمراض ورفع فرص نجاتها من أي مرض، وسيتم تجهيز 3 سيارات خدمة بيطرية بالإضافة لـ 20 سيارة مجهزة بأجهزة تبريد لنقل الحليب بطريقة صحية.

وأضاف الخبير الزراعي، أن المشروع سيقدم قروض بدون فوائد للفلاح الذي يرغب بشراء بقرة حلوب، ويسترد المشروع المبلغ بالتقسيط من سعر الحليب.

وحول مضمون أرباح المشروع يؤكد الخبير الاقتصادي للموقع المحلي، أن “المشروع رابح من الناحية الاستثمارية حيث سيستلم يوميا 25 طن من الحليب وفق الخطة التي تستهدف 1.250 مربي، وسيتم البيع بربح 50 ليرة فقط للكيلو الواحد ليكون المجموع مليون و250 ألف ليرة سورية يوميا، وهو ربح كاف بحسب تعبيره في حال نجح المشروع وسار وفق المخطط.

وفق تقارير إعلامية محلية، عانى مربو الثروة الحيوانية في مناطق الساحل السوري في حزيران/يونيو 2020 من زيادة إصابة الأبقار بمرض جلدي أدى نفوق أعداد من رؤوس الماشية.

قد يهمك: شبح الجوع يخيّم على الثروة الحيوانية في إدلب

تراجع الثروة الحيوانية

لقد كشف الواقع المأساوي للثروة الحيوانية في سوريا، مستوى انخفاض ملحوظ للقطاع، وسط تضارب، وتناقض الأرقام المتداولة.

مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة السورية، أسامة حمود، قال في وقت سابق إن الثروة الحيوانية في سوريا فقدت نحو 50 إلى 40 بالمئة من قطيعها، بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الأعلاف إضافة إلى العقوبات الاقتصادية على حكومة دمشق.

وتحدث حمود لإذاعة “شام إف إم” المحلية، نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، حول وجود مشكلة كبيرة تهدد جهود ترميم الثروة الحيوانية، تتمثل بعدم قدرة المربين بالاستمرار بعملية التربية ما يدفعهم لبيع قسم كبير من قطعانهم لتأمين احتياجات القسم الآخر.

وأوضح أنه إذا تمت المقارنة بين أعداد الحيوانات بين آخر دراسة أجريت عام 2010 والدراسات حاليا، نجد النسبة انخفضت لحوالي 30 بالمئة بالنسبة للأبقار و40 بالمئة بالنسبة للأغنام و50 بالمئة بالنسبة لقطاع الدواجن الذي تضرر بالشكل الأكبر، لأن غالبية أعلاف هذا القطاع تكون مستوردة.

وقال حمود إن المنطقة الشرقية كانت تحتوي على ثلث قطيع الثروة الحيوانية في سوريا ولكن خلال سنوات الحرب تعرضت للذبح العشوائي والتهريب والسرقة، مشيرا إلى أن كل ما يستطيعون فعله حاليا هو الإبقاء على صحة القطيع بحالة جيدة وتقديم المقننات العلفية.

فضلا عن انتعاش ظاهرة تهريب الثروة الحيوانية، وسط فوضى الحرب، فارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، وتباينه بين سوريا والدول المجاورة، أحدث نزفا حادا لهذا القطاع.

وفي سياق متصل، تراجع حال العوائل التي تعتمد في مدخولها الشهري على تربية المواشي كحال الواقع المعيشي العام لارتباط هذه المهنة بالظروف السائدة من ارتفاع غير مسبوق في مستلزمات الإنتاج الحيواني وانخفاض معدل هطول الأمطار في البلاد.

وقد أكد مربوا المواشي في مختلف المناطق السورية، أن المعاناة كبيرة في ظل غياب أي دعم حكومي لمزارعهم فضلا عن الارتفاع الجنوني بسعر علف الحليب للأبقار.

من جانبهم، أطلق في وقت سابق مجموعة من التجار المحليون في الأسواق نداءات وتحذيرات من تراجع الثروة الحيوانية إلى مستوى يهددها بالانقراض بسبب تهريب الولادات الجديدة، بالتالي تناقصها سيزيد عاما بعد آخر.

ويكمن أهمية الثروة الحيوانية في سوريا في المحافظات الشرقية، لعدة عوامل منها، وجود مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالشعير، الذي يعتبر العلف الرئيسي للحيوانات، ويشكل الثروة الحيوانية في سوريا أحد أهم أعمدة الاقتصاد السوري، إلا أن سنوات الحرب في سوريا قضت على جزء كبير منها، فقد انشغلت أطراف الصراع بالتقاتل فيما بينهما. متناسيةً أحد أهم مقومات الاقتصاد في المناطق التي تسيطر عليها.

قد يهمك: تدهور الثروة الحيوانية في سوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.