معاناة لا يحسد عليها زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الذي يقود تحالف “إنقاذ وطن”، نتيجة عدم استطاعته تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد فوزه في الانتخابات المبكرة الأخيرة.

فرحة الفوز نغّصها عليه خصومه من الخاسرين بتحالفهم مع بعضهم ضد مشروعه الذي يبتغيه وهو حكومة أغلبية بعيدة عن التوافقية والمحاصصة.

فشل الصدر في تشكيل حكومة جديدة، دفعه بمنح مهلة لخصمه “الإطار التنسيقي” مدتها 40 يوما، من أجل تشكيل حكومة توافقية مع الكل، ولن يشارك هو بها ويذهب نحو المعارضة، لكن “الإطار” فشل في ذلك.

فشل “الإطار”، دفع بالصدر، أمس الأربعاء، لطرح مبادرة بمنح فرصة تشكيل الحكومة المقبلة للنواب المستقلين خلال مدة أقصاها 15 يوما، على أن يبتعدوا عن “الإطار التنسيقي”.

إخفاق الصدر في تشكيل الحكومة، يتوقف على عقدة عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تتطلب حضور ثلثي أعضاء البرلمان، أي الأغلبية المطلقة كي تنعقد.

بمجرد عقد الجلسة، سينتهي كل شيء؛ لأن بعد ذلك كل الأمور لا تحتاح إلا للأغلبية البسيطة سواء انتخاب رئيس الجمهورية أو التصويت على رئيس الحكومة الجديدة وكابينته الوزارية.

خيارات الصدر الممكنة

العائق الأكبر الذي ينسف مفهوم الفوز في الانتخابات، هو الدستور العراقي، الذي يشترط حضور الأغلبية المطلقة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهي مفتاح حل العملية السياسية لو لم يكن ذاك الشرط حاصلا.

العائق الآخر، هو تفسير “المحكمة الاتحادية” عام 2010، لمفهوم الكتلة الأكبر نيابيا بعد انتهاء الانتخابات، واعتبارها أن الكتلة الأكبر هي ليست الفائزة في الانتخابات، بل تلك التي تتشكل من خلال التحالفات بعد الانتخابات.

للقراءة أو الاستماع: 3 سيناريوهات قد يشهدها العراق بسبب الانسداد السياسي

الواقع السياسي، يقول إن المستقلين لن ينجحوا بتشكيل الحكومة وستنتهي مهلة الصدر بلا أي نتيجة، والانسداد السياسي سيستمر؛ لأن المستقلين في خلافات وليسوا بتكتل واحد.

ما الحل وما خيارات الصدر الفاقد لنشوة الفوز في حال استمرار التعثر بملف تشكيل الحكومة العراقية؟ الحل باتجاه “التيار الصدري” نحو تفعيل عمل اللجان النيابية، حسب المحلل السياسي حسين الموسوي.

الموسوي يوضح، أن تفعيل عمل اللجان التي يسيطر عليها “التيار” وتحالف “إنقاذ وطن”، سيدفع بالصدر إلى ثنيهم لتعديل النظام الداخلي الخاص بالبرلمان العراقي.

ويضيف، أن “إنقاذ ةطن” وبإيعاز من الصدر، سيقوم بتعديلات دستورية يكسب بها الشعب، وهي تتمثل بتعديل شرط حضور الأغلبية المطلقة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية وجعلها أغلبية بسيطة (نصف + واحد).

للقراءة الحزب الشيوعي العراقي يتحدث عن خيارين لإنهاء الأزمة السياسية

ويردف الموسوي لـ “الحل نت”، بأنه قد يتزامن مع تلك الخطوة، وضع فقرة دستورية تفسر مفهوم الكتلة الأكبر نيابيا بأنها تلك الفائزة في الانتخابات، وليست التي تتشكل بعد الانتخابات من خلال التحالفات.

ويتابع، أنه في حال حصل كل ذلك، سيتم اللجوء إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، يدخل فيها تحالف “إنقاذ وطن” بقائمة انتخابية واحدة لضمان توسعة تحالفه والفوز بالانتخابات، وتشكيل الحكومة وفق الأغلبية البسيطة، وبذلك فقط سينتهي الصراع الحالي.

شكل المشهد السياسي

ينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

للقراءة أو الاستماع: مبادرتا الصدر و”الإطار”: مراوحة في نفس المساحة؟

بينما يضم “الإطار التنسيقي” جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

ويسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

ويعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

وكان مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لن أتحالف معكم (…) وأن الانسداد السياسي أهون من التوافق مع التبعية”، في إشارة منه إلى تبعية “الإطار” لإيران.

للقراءة أو الاستماع: العراق.. “التيار الصدري” يلجأ إلى المعارضة بهذه الحالة

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 175 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا؛ بسبب سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار التنسيقي” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع عدد من النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.